أمواج القربان !!
(1)
السيدة (زابينا) جميلة للغاية ، لم أتخيل يوما أن أجد امرأة تحمل هذا الاسم ونفس القدر المبهر من الجمال ، حتي الألمان يتهامسون فيما بينهم عن جمال (زابينا) ، إنها فاتنة بحق.
انطباعي الذي كونته عن الشعب الألماني أنه قليل الجمال ، هل تري ثمة أنثي فاتنة هناك ؟ حسنا ، هذه كردية ياعزيزي .
نعم هذه البشرة الخمرية والشعر الأسود الفاحم والعيون السوداء الواسعة ليست ألمانية علي الاطلاق
تلك هناك ..؟ ليست ألمانية كذلك ، أظن بقوة أنك اذا اقتربت منها ستسمع لكنة روسية في ألمانيتها ، ذلك التفخيم المقزز للغة لاتنقصها حروف التفخيم
هل تأكدت الآن ياصديقي ؟ اسمها (سڤيتلانا) .. هذا اسم روسي قح ، ربما كان ينبغي أن يقود روسيا شخص اسمه (سڤيتلانا) ، هذا روسي جدا
لكن (زابينا) تبقي رغم كل هذا جميلة ، بل بارعة الجمال
ذلك الشعر الأشقر وتلك الـ…. ، حسنا دع عنك الوصف ، إنها جميلة ويكفي
تقابلني (زابينا) يوميا قبل الاجتماع الصباحي ، تبتسم وتهتف بي : موين ديزوكي
أجيبها كذلك : موين زابينا ، (موين) هي تحية أهل هذه البلاد وهي لهجة ألمانية تنتشر بداية من (هامبورج) وحتي ساحل بحر الشمال
اليوم يتحدثون عن جدول الاجازات في ديسمبر ، تسألني زابينا : هل تفضل أن تكون إجازتك في عطلة الكريسماس أم تكون في الأيام التي تليها ؟
تقول لي بوضوح ألماني حاسم : Weinacht oder silvester؟
أجيبها وأنا أهز رأسي : الحقيقة أني لاأعرف الفرق بين المناسبتين لكني علي كل الأحوال أفضل أن آخد أجازتي متأخرا
ترفع حاجبين جميلين في دهشة ، تبتسم وسط الاجتماع قائلة متجاوزة الطبيعة الرسمية : ألا تحتفل بالكريسماس ؟
أجيبها وأنا أهز كتفي ورأسي معا : في الحقيقة لا
تستمر في تجاهلها لطبيعة الاجتماع الرسمي متسائلة : بماذا تحتفل اذن ؟
أجيبها : أصوم رمضان ثم يأتي بعده العيد ، نصوم في ذي الحجة ، نقف علي عرفات ثم نذبح أضاحينا يوم العيد
يبتسم زميل سوري وزميلة مغربية ، تبدو علي الجميلة (زابينا) أنها لاتفهم حرفا مما أقوله فتقطب حاجبيها في عدم فهم
يضيف الزميل السوري المسيحي : إنها الأعياد والمناسبات الاسلامية
نعود مرة أخري إلي مناقشة أحوال مرضانا بينما لاتدرك زابينا أنها رفعت غطاء النفس عما كنت أغالبه
أنشغل وسط زحام العمل ، وسط ملفات المرضي ، تقارير الأشعة ، تسألني المتدربة (مونا) : السيد (جمالي) يرفض الانسولين وقد طلبت حضرتك بالأمس ايقاف الميتفورمين ، أرفع رأسي من بين التقارير : نعم لديه اليوم فحص بالصبغة
تجيد المتدربة (مونا) طرح الأسئلة ، أخبرتني بالأمس أنني أفدتها كثيرا ، تقول في امتنان واضح : أنت بالمناسبة تستطيع تبسيط المعلومة أفضل من أوليڤر و فرانشيسكا ، اعذرني هل لهذا علاقة بكونك عربيا ؟
الحقيقة يا (مونا) أنني في أشد الاحتياج إلي البعد عن تذكر الوطن والأهل هذه الأيام ، بالرغم من ذلك أجيبها : ربما ، نحن نكتب لغة أخري ، لدينا إيماءاتنا المختلفة وثقافتنا المختلفة
تستكمل (مونا) حديثها : رأيتك بالأمس تكتب شيئا في وريقة ، أظنها بالعربية
أهز رأسي بالايجاب ، تقول (مونا) أن الحروف تبدو لها كرسوم متقنة وليست مجرد رموز ، تطلب مني أن أدون لها إسمها في وريقة بالعربية
أخط اسمها بطريقة أحرص أن تبدو جميلة رغم تاريخ خطي الغير مشرف بالمرة ، علي كل سوف تهتف الشقراء الألمانية منبهرة : واااو . سوف تكمل : هذا يبدوا بالفعلا رائعا ومختلفا ، ثم سترفع وجها تملؤه ابتسامة عريضة هاتفة : أوه شكرا لك
نصل إلي حجرة السيد (جمالي) ، أبدأ بمفاوضته لأجل إعطائه الانسولين لكن الرجل يرفض في حزم : دكتور ، لقد صليت وسألت ربي وقد هداني إلي هذا القرار ، لاأريد الانسولين من فضلك وأريد كذلك أن أخرج غدا ، من فضلك (عيد الأضحي) يقترب ، لابد لي أن أحتفل به مع عائلتي
كيف لم أنتبه لهذا ، السيد جمالي – وهو اسم فارسي – يبدو مسلما ، أسأله فيسارع بالاجابة نعم الحمد لله أنا مسلم ، يسألني في لهفة وقد انتبه ناحيتي هذه المرة : هل أنت مسلم أيضا ؟
أجيبه بالايجاب ، ينتفض من سريره وسط دهشة المرضي والمتدربة هاتفا : السلام عليكم
أبادله السلام والابتسام ، أعده بأن تنتهي فحوصاته سريعا ، أعده بأن يحضر العيد بين أولاده (التسعة) ،وأن يحضر ذبح (القربان) بنفسه. يقول لي السيد جمالي : نحن في كوسوفو نحب العرب جيدا
تسألني المتدربة بعد خروجنا : اسمحلي ، لماذا يقول أن الناس في كوسوفو تحب العرب ؟ أنا لاأفهم السبب
أجيبها هذه المرة دون أن ألتفت : إننا نعبد الاله ذاته يامونا