عرفت مصر، منذ عقود، تمسك تيارات، وصفت بالسلفية، بالمظاهر الدينية كاللحى والنقاب، والامتناع عن حضور الحفلات الغنائية والسينمائية والمسرحية، وجزء من هذه التيارات الآن ينظر بترقب وحذر التغييرات المجتمعية والسياسية الواسعة في السعودية، التي تعد منذ عقود، وفق مراقبين، قبلة لهذا التيار في مصر
وفي الآونة الأخيرة، تشهد المملكة تغييرات دينية واجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية متسارعة، ضمن رؤية يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، ظهرت لاسيما في تبني إقامة الحفلات والعروض الفنية، وتوقع مختصين إن التحولات السعودية الأخيرة “ستعيد رسم المشهد السلفي”.
وقَصر المختصون تلك الانعكاسات على ما يعرف باسم “السلفية “العلمية” في مصر، وتمثل السلفية العلمية “الدعوة السلفية”، وهي كبرى الحركات السلفية بمصر، وذراعها السياسي “حزب النور”، الذي تم ترخيصه رسميًا في يونيو 2011.
ومنذ بدء التغييرات في المملكة لم يعلق عليها ذلك التيار، وهو ما رآه المختصون “تعبيرًا عن نهج السلفية في الابتعاد عن أي رأي قد يكون له كلفة
. ورأى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد بان، أن “الحركة السلفية في مصر مؤهلة للانحسار على مستوى الدعم، لاسيما المعنوي من سعوديين، وسينعكس ذلك على التفاعلات داخل الحركة”، وفسَّر ذلك باعتبار أن “المركز وبؤرة الحركة السلفية (مشايخ) السعودية، وبالتالي كل التحولات التي تجري في القلب لابد أن يكون لها انعكاس على الأطراف”
. أما الباحث السلفي في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد مولانا، رأى أن التيار السلفي بمصر “ليس تنظيما أو جماعة واحدة لها موقف موحد يعبر عنها، وإنما هو تيار متنوع”، وأضاف أنه “لا يوجد ما يمكن توصيفه بالموقف السلفي في مصر من سياسات السعودية سواء سابقا أو حاليا”. وتوقع “مولانا” أن من سيتأثر “سلبا” بتطورات المملكة الحالية هم “السلفيون المرتبطون بالنمط السعودي، وعلى رأسهم حزب النور
. وبشأن التوجهات الجديدة في المملكة، توقع عباس محمد صالح، المحلل والباحث السياسي السوداني أن “تحدث زلزالا في المشهد السلفي يقود إلى فرز كبير في الصفوف بين تيارين: سلفية السلطة والسلفية المعارضة للسلطة، وسلفية السطلة ستتأثر بشكل كبير خاصة في مسألة التمويل وأشكال الدعم السياسي، والتيار المدخلي ورموزه سيكونون هم التيار المفضل وسيمارسون دورا وظيفيا.
يذكر إنه عقب ثورة 25 يناير 2011 استثمرت الجماعات والحركات السلفية في مصر الزخم الثوري في المعترك السياسي، وتصدرت المشهد السياسي والديني.
لكن بعد نحو 5 سنوات من الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد، شهدت الساحة السلفية انقسامًا كبيرًا بين مؤيد ومعارض للإطاحة بمرسي، المنتمي لجماعة الإخوان.
واتخذ حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، موقفاً داعمًا للنظام الحاكم، فيما تراجعت مقاعده البرلمانية في المجلس النيابي الحالي عن نظيرتها في 2011.