بدت اليوم مفاوضات جديدة بين صندوق النقد والحكومة بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، وقال مسئول كبير في الصندوق: إن الاتفاق المزمع يجب أن يركز على خفض العجز الكبير في الميزانية دون أن يعوق النمو الاقتصادي.
ويقول مسعود أحمد -مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد-: إن الهدف هو التخفيض التدريجي للدعم الذي يهدر جزء كبير منه لاسيما في قطاع الطاقة واستخدام هذه الموارد لتعزيز الإنفاق على الصحة والتعليم وتطوير البنية التحتية مع تحرر البلاد من عقود من الحكم الاستبدادي.
وتهدف محادثات الصندوق للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام. ومن المتوقع أن يفضي الاتفاق إلى حصول الحكومة على تمويل آخر من مقرضين دوليين آخرين مثل البنك الإفريقي للتنمية والبنك الدولي.
وخلال الأشهر القليلة الماضية عملت الحكومة على وضع برنامج اقتصادي وتوفير الدعم السياسي والاجتماعي له استجابة لطلب الصندوق.
وقال أحمد في مقابلة مع رويترز: إن بعثة الصندوق ستدرس تفاصيل البرنامج في الأسابيع المقبلة.
وتابع: "يجب أن يتصدى البرنامج للتحديات التي تواجهها مصر الآن."
وأضاف: "هذه التحديات صعبة للغاية ومنها ما هو قصير الأجل ويتعلق بتعزيز متانة الميزان المالي والميزان الخارجي ومنها ما يتعلق بوضع أساس لتحفيز النشاط الاقتصادي في الأجل المتوسط لتوفير فرص العمل."
وقال أحمد: "بصرف النظر عن المشكلة قصيرة الأجل يجب أن يسترشد الاقتصاد المصري برؤية لنمو شامل يوفر فرص العمل مع مزيد من الشفافية وتكافؤ الفرص. لا يمكن أن يكون المستقبل عودة إلى الماضي."
وشدد أحمد على أهمية الحيلولة دون ارتفاع عجز الميزانية أكثر من ذلك عن طريق تخفيض تدريجي لدعم الطاقة الذي يذهب 60 % منه إلى الأثرياء الذين يستطيعون إنفاق المزيد على منتجات الطاقة.
أحد الاقتراحات هو توجيه الدعم للأسر الفقيرة من خلال تحويلات نقدية مباشرة أو كوبونات.
ويمثل خفض الدعم مسألة حساسة سياسيا وقال أحمد: إن من المهم أن تكون الحكومة منفتحة وواضحة بشأن نواياها.
وتعهدت الحكومة بإصلاح الدعم الذي يلتهم نحو ربع ميزانية الدولة لكنها لم توضح طريقة ذلك أو موعده.
وقال أحمد: "خبرتنا فيما يتعلق بإصلاح الدعم في العديد من البلدان هي أن هذه الإصلاحات تتم بأفضل طريقة حين يكون هناك استعداد جيد لها وحين تتم بشكل تدريجي وليس بين عشية وضحاها."
وتابع: "لا أعتقد أن من المنطقي محاولة تنفيذ تغييرات متعجلة بطريقة ليست مدروسة بالكامل أو قد تحدث آثارا سلبية."
وبحسب تقدير صندوق النقد إذا نفذت الحكومة الإجراءات الأزمة فستتمكن من خفض عجز الميزانية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو2013.
ويرى الصندوق أيضا أن الحكومة تحتاج إلى تخفيضات أخرى كبيرة في نسبة العجز في 2013-2014 لتصبح الميزانية على مسار مستدام.
وقال أحمد: إن تنفيذ هذه الإجراءات سيطمئن المستثمرين ويعزز الثقة، وتابع "يجب أن تتخذ الإجراءات التي تعتبر قوية وذات مصداقية ولها تأثير على الناتج حتى في العام الأول، وفي الوقت نفسه أعتقد أنه يتعين الإشارة إلى اتجاه الخطوات التي ستتخذ لاحقا."
وقال: "لا ينبغي التعجل لأنك لو خفضت الإنفاق بوتيرة أسرع من اللازم قد يؤثر هذا على النمو.. لأنك تخفض المحفزات بصورة أو بأخرى."
وذكر أحمد أن من شأن برنامج صندوق النقد المساعدة على خفض أسعار الفائدة التي تتقاضها البنوك المحلية والتي ارتفعت بفعل زيادة طلب الحكومة على التمويل وتزايد عدم اليقين.
وتقترض الحكومة نحو ملياري دولار شهريا من البنوك المحلية مما يقلل التمويل المتاح للقطاع الخاص.
وقال محللون: إن إحدى الطرق لتعزيز النشاط الاقتصادي والصادرات هي أن تخفض الحكومة قيمة عملتها. ويعتقد بعض المحللين أن الجنيه متداول بأكثر من قيمته الفعلية بنحو 40 %.
وهذه مسألة حساسة سياسيا وقد قال الرئيس محمد مرسي: إن خفض قيمة الجنيه أمر غير وارد.
وسئل أحمد إن كانت مصر ستحتاج لخفض قيمة الجنيه فأجاب قائلا "لا أريد أن أخوض في تقييمات محددة لكن النقطة المهمة هي أنه في الأجل المتوسط تحتاج مصر لتعزيز المتانة والقدرة التنافسية."
ومن شأن خفض قيمة الجنيه أن يشجع الصادرات ويوقف نزيف احتياطيات النقد الأجنبي.