شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عزيزي نزيل جنة التكنوقراط

عزيزي نزيل جنة التكنوقراط
  (إن حماية كافة الأقليات والمساواة الكاملة بين المصريين، يعتبران جوهراً لأي نظام ديمقراطي) د. محمد...

 

(إن حماية كافة الأقليات والمساواة الكاملة بين المصريين، يعتبران جوهراً لأي نظام ديمقراطي)

د. محمد البرادعي – فيينا – 29 سبتمبر 2012م !

 

****

نحن لسنا إلا مَن عزلهم النظام قهرًا، وعزلوا أنفسهم اختيارًا – كما تزعمون-!

نحن يا عزيزي القابعون في قاع الهرم.. لا نجيد ارتقاء درجاته العليا وكل ما نحمله هو التنظير!!

نحن مقاتلو الصحراء في عزلتهم الاختيارية ومنابرهم الخشبية، إن تحدثنا فحديثنا لا يجاوز تلك البادية التي نسكنها.

متهمون نحن يا عزيزي – دائمًا-، بالتشدد حتي ولو كنا أكثر الناس مرونة، بالانغلاق حتى لو أحلنا الأمر إلى مخالفينا، بل وبعدم الوطنية والسير في ركاب النظام حتي لو كنا نعرف أسماء شهداء قبائلنا اللاتي تجلس بعيدًا في باديتها تقتات من لبن الماعز، كما قال أحدهم يوما في برنامج تليفزيوني!

 

****

أ. وائل غنيم

تحية طيبة وبعد؛

بخصوص مقالكم المنشور تحت عنوان (الدستور والشريعة)، ثمة ما أحب أنا أعرضه من نقاش – أظنه موضوعيًا- بشأن ما تحدثتم عنه.

لجأت إلي تفسير المحكمة الدستورية العليا في النزاعات التي رفعت إليها بشأن تفسير المادة الثانية، وما تفضلت بذكره صحيح، لكنه في حقيقته مجتزأ بما يخل من قوة الاستدلال به.

وهو مجتزأ من مشهد عام لا يمكن أن ننفك عن قراءته اجمالاً؛ فالمحكمة الدستورية العليا – وبغض النظر عن تفسيرها الغير متفق عليه – هي جهة مسيّسة بامتياز وهذا ثابت بأدلة، فقد استحدثت المحكمة أحكاما مختلفة في قضايا متشابهة بسبب التسييس الموجه والمفضوح لأحكامها، وأعتقد أن تصريحات السيدة تهاني الجبالي وخصومات بعض القضاة سياسيا مع تيارات ثورية واسلامية أوضح من أن تحصى، وبالتالي تصبح الإحالة عليها في قضية مثل هذه هو ضرب من شنق النفس.

دفاعك عن المحكمة جاء من وجهة نظر "أن المحكمة تدرس مختلف القوانين دراسة فقهية مستفيضة"، والحقيقة أن هذا قول فيه من التلبيس الشيء الكثير؛ لأن هذه المحكمة "المستفيضة في دراساتها" قد قررت بكل بساطة "أن القوانين التي سبق سنها قبل هذا التعديل الدستوري اكتسبت حصانة دستورية، ولا يمكن إسقاطها إلا بنصِّ صريح مِن السلطة التشريعية"، وهذا ليس فقها شرعيا على الإطلاق، وإنما التزام بقوانين علمانية لا تقدم النص الشرعي على الدستوري. وهذا ليس غريبا عن محكمة ذات طابع علماني محض. لكن الأغرب أن يتم وصف أحكامها بالمستفيضة فقهيا (!!)

 

بل قد أثبتت المحكمة علمانيتها المتجردة بما هو أوضح حين نصت علي "أن المادة تخاطب السلطة التشريعية لا القضائية، ومِن ثمَّ فلا يجوز للقاضي أن يترك القانون الصادر عن السلطة التشريعية بحال، مهما كان مخالفًا للشريعة"، وهو تقرير لأولويات المحكمة العلمانية المطلقة، وليس من اللائق حينها أن نزعم أن المحكمة – حتى مع الذهاب إلي نزاهتها ومهنيتها وحياديتها وتجردها وهو "مجرد أمنيات"- أنها تثبت دعائم الشرع الذي تحكم بدستورية مخالفته بكل أريحية.

 

بل إن التفسير الذي بنت عليه المحكمة حكمها الذي أتي بالعجائب والمتناقضات فأثبت حجية الشرع وجعل الدستور الوضعي فوقه ، أتي بحجة علمانية شهيرة بتقريره الاحتكام إلي قطعي الثبوت قطعي الدلالة !!! ولم نسمع أن أحدا من علماء المسلمين باختلاف مذاهبهم دعي إلي ترك ظني الثبوت وعدم تطبيقه ، بل دعني أخبرك ياعزيزي أن هذه هي الحجة الأشهر للعلمانيين الرافضين صراحة لتطبيق الشريعة بزعمهم أن السنة في أغلبها ظنية الثبوت ، وهو حق يراد به باطل وهو هاهنا ترك الشريعة بالكلية فكيف نزعم إذن أن هذا التفسير المتهافت يمنع مخالفة الشريعة !!

 

ثم إن قولك (الدساتير تحدد المبادئ العامة التي يقوم على أساسها المشرع بصياغة القوانين. ولا تتناول الدساتير الأحكام التفصيلية التي قد تتغير بتغير الزمان والمكان أو تفاصيل مكانها القوانين) تحصيل حاصل من حيث تقريره لما هو متقرر عند من تخاطبهم من الإسلاميين، لكنه يصبح صادما للغاية بعد أن أتبعته بالحديث عن فرض مذهب وتجاهل الآخر، وهو ليس إلا ترديدا لمزاعم تيار معين يصيح بذلك صباح مساء وهو يدلس على الناس؛ إذ أنه يعلم يقينا أن الاقتراح كان بالإحالة إلى الأزهر الشريف، وهو مؤسسة متنوعة المذاهب بطبيعة الحال، فسقطت هاهنا شبهة الجمود أو الاتهام بترويج مذهب واحد

 

دعني أقتبس مقولة أخينا خالد خطاب "تظل الحقيقة أن غاية ما يطلبونه – أي السلفيون – هو ضمان تحكيم الشريعة، ولو وفقا لفهم مخالفيهم.فهل بعد ذلك من مرونة وتسامح واعتراف بالآخر؟ وهل عرض خصومهم في التأسيسية شيئا قريبا من ذلك؟"

 

أمر مهم للغاية كذلك؛ هو ما صرحتَ بأنه يمثل الصورة المثلى لتطبيق الشريعة الإسلامية "عبر عدم مخالفة قوانين الدولة للشريعة"، وهو في الحقيقة فهم مغلوط للغاية من حيث اعتباره التطبيق الأمثل لشريعة متكاملة جاءت بمنهج تشريعي وأصول فقهية ومقاصدية راقية، وتراث تشريعي اكتنف كل حواضر العالم ودام لقرون طويلة، بأن يكون فقط الحرص علي عدم المخالفة !! وهو ما يشبه نظام الطبطبة على الأطفال الصغار.

فإن تطبيق الشريعة الحقيقي يكون بانتهاج قوانين وتطبيقات تشريعية تنتظم روح الشريعة ومقاصدها وأحكامها، وتكون غايتها هي البناء على أساس متين من أحكام الاسلام. ولاينازع هذا أبدا ما ذكرته من الحاجة للتجديد والاجتهاد العصري، فإن هذا يكون أيضًا على أصل من الشريعة لا عن أصل موائمة وعدم مخالفة!!

فرقٌ بين مَن يعمل الشيء لأجل عدم إغضاب والده، وبين مَن ينتهج نهجه ويقتنع به ويجعله دليله في الحياة.. فرق كبير بين الاثنين.

 

والحقيقة أن تكرار الحديث عن اختلاف المذاهب لا يعدو أن يكون تردادا لطرحٍ منحازٍ لا يقوم له دليل. وها أنا أكرر لك يا سيدي أن ما يتحدث عنه البعض من قصرٍ للاجتهاد والآراء على مذهب واحد هو محض وهم وخيال وادعاء يفتقر إلى الدليل؛ إذ أن هذا مما تأباه قواعد السلفية نفسها التي تُتَّهم – ويا للعجب- بمحاولتها تقويض المذاهب الفكرية لاعتمادها على التحرر من الجمود المذهبي.

 

لكن المؤلم حقا أن يتم وصف شباب التيار الإسلامي بأنه بعيد عن الفقه والوعي المقاصدي للشريعة، ويتم عزو هذا لقمعهم تارة ولبعدهم عن تسيير أمور الدولة القانونية والإدارية وافتقادهم الخبرة في هذه الأمور، على الرغم من الإقرار بانتشارهم شعبيًا للعمل في قاعدة الهرم المجتمعي، عبر مايعتبره أ. وائل غنيم فكرًا منبريا وليس واقعيا.

هذا الوصف ليس فقط مؤلما لأنه يرسخ تلك الأسطورة النخبوية التي فشلت في تقديم أي مشروع حقيقي وخططي رغم تغنيها بقدراتها التكنوقراطية الأسطورية؛ بل لأنه – وهذا ما يزيدني حسرة يوما بعد يوم- تسطيح وتهميش واستهانة بكل الخبرات العلمية لأبناء التيار الإسلامي، وكأن هؤلاء مقاتلو صحراء لا يتلقون أيا من أنواع العلم الحديث أو يترقون فيه!

 

عزيزي (نزيل جنة التكنوقراط)

لدي سؤال أطرحه؛ إذا كان النظام السابق اضطر البعض عبر قمعه وتهميشه الإجباري إلى حرمانه من جنته القانونية والإدارية الرائعة، فهل نفهم من ذلك أن التيار العلماني الثوري كان يسكن هذه الجنة ولديه من ثمراتها (المحرمة) الشيء الكثير؟

هل لي أن أتساءل إذن عن مفتاح دخول هذه الجنة؟

أنا لن أناقشك طبعا في رؤيتك عن أسباب التفوق الجماهيري للإسلاميين، لك مطلق الحق في اعتناق ما تراه من تفسيرات.. لكني أريد أن أقول لك شيئا أخيرًا "إن محاولة التيار العلماني فرض رؤية لمستقبل الوطن وتصوير هذا الأمر على أنه "هو طريق الحداثة والخروج من النفق المظلم"، واتهام غيرهم والمختلفين معهم بتهم مثل "التشدد"، و"الإرهاب" والرغبة في "نشر الفكر الوهابي في المجتمع"، بل و"الخيانة للوطن والتمويل الخارجي في بعض الأحيان"… ستؤدي في النهاية إلى تعميق الشرخ المجتمعي والإضرار بمصلحة هذا الوطن".

 

لم تكن مشكلتي ياأستاذ وائل مع طرحك أنه يخالف ماأعتقده ، فهذه طبيعة الآراء البشرية لكني للأسف أجده كذلك غير موضوعي .

 

ثم إنه قد أثبت لي أن هناك أسطورة اسمها الحياد والتوسط في المواقف الوطنية

أتمني أن نري منك ياأبو آدم فيما بعد … شجاعة الانحياز

وتقبل تحياتي



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023