شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«نيويورك تايمز»: يجب علي الجميع كسر حالة الصمت والدفاع بشجاعة عن القضية الفلسطينية

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقال رأي للكاتبة الأميركية والمحامية والباحثة في مجال القانون، ميشال ألكسندر، تحدثت فيه عن ضرورة الخروج من حالة الصمت التي تسيطر على الجميع والدفاع بكل شجاعة عن القضية الفلسطينية.

واستشهدت الكاتبة، في مقالها الذي ترجمته «عربي21»، بالقس مارتن لوثر كينغ الابن، الذي أبدى شجاعة في مناهضة حرب الفيتنام التي خاضتها الولايات المتحدة، حيث اعتبر التدخل الأميركي غير أخلاقي وغير مبرر. وعلى الرغم من إصرار حلفائه على ضرورة التزامه الصمت حيال هذه الحرب، قدم لنا كينغ درسا عن كيفية بقائنا أوفياء لقيمنا العميقة في أوقات الأزمات، حتى عندما يكون الصمت أفضل خيار لخدمة مصالحنا الشخصية.

وقالت الكاتبة إن موقف كينغ هو أول ما يتبادر إلى ذهنها عند تذكر الأعذار والمبررات التي دفعتها لالتزام الصمت التام إزاء الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية. في الواقع، لا يقتصر الأمر عليها، حيث لم تكن الوحيدة التي حافظت على حيادها بشأن هذه المسألة. فقد تجنب الكونغرس الأمريكي توجيه أي انتقادات لدولة إسرائيل، على الرغم من تماديها في احتلال الأراضي الفلسطينية.

وأشارت الكاتبة إلى أن العديد من الناشطين والمنظمات الحقوقية المدنية تجنبوا الإعلان عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين، ليس لأنهم لا يشعرون بالقلق أو التعاطف إزاء الشعب الفلسطيني، بل لأنهم يخشون فقدان التمويلات التي يتلقونها من المؤسسات وأن يتهموا، باطلا، بمعاداة السامية. كما أنهم يشعرون بالخوف من أن تساهم حملات التشهير في الإضرار بعملهم في مجال العدالة الاجتماعية.

ونوهت الكاتبة إلى ضرورة التحدث في العلن عن أزمة حقوق الإنسان الفلسطينية، بغض النظر عن المخاطر والتعقيدات التي قد تنجر عن هذا الأمر. بالتالي، إذا أردنا النسج على منوال كينغ، فإن من الضروري أن ندين تصرفات إسرائيل وانتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي علاوة على استمرارها في هدم المنازل ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.

ومن المثير للحزن والألم ما نشاهده من معاملة دنيئة يتعرض لها الفلسطينيون عند نقاط التفتيش، وخلال عمليات التفتيش الروتينية لمنازلهم والقيود المفروضة على تحركاتهم، إلى جانب مشكلة النفاذ المحدود للسكن اللائق والمدارس والغذاء والمستشفيات والمياه.

وأكدت الكاتبة على أهمية عدم ترك مجال للتسامح مع امتناع إسرائيل عن مناقشة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، على النحو المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة. كما أنه يجب أن تطرح أسئلة حقيقية بشأن أموال الحكومة الأمريكية التي خصصت لدعم الأعمال العدائية المتعددة وتسببت في سقوط آلاف الضحايا المدنيين في غزة. ومن المهم أن نتحلى قدر الإمكان بالشجاعة والقناعة اللتين تخولان لنا أن نرفع أصواتنا وندين نظام التمييز القانوني داخل إسرائيل.

وإلى جانب مارتن لوثر كينغ، عبر مجموعة من المفكرين الروحيين على غرار الحاخام براين والت، عن آرائهم في هذا الصدد، حيث أعلن والت عن الأسباب التي دفعته إلى التخلي عن إيمانه في ما وصفه بالحركة الصهيونية. وقد أوضح أن مفهوم الليبرالية الصهيونية يتجسد بالنسبة له، في إقامة دولة يهودية تكون بمثابة الملاذ الآمن والمركز الثقافي للشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم، فيما وصفه “بدولة تعكس بطريقة مشرفة المثل العليا للتقليد اليهودي”، إلى أن التجارب التي خاضها في الأراضي المحتلة ساهمت في تغيير وجهة نظره.

خلال أكثر من 20 زيارة أداها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، شهد والت على انتهاكات وحشية لحقوق الإنسان بما في ذلك جرف منازل الفلسطينيين وسط أصوات عويلهم، ونثر ألعاب الأطفال في الأرجاء، علاوة على مصادرة الأراضي الفلسطينية لفتح المجال أمام إقامة مستوطنات غير قانونية جديدة مدعومة من قبل الحكومة الإسرائيلية.

وسلطت الكاتبة الضوء على تزايد عدد الأشخاص الذين ينتمون إلى أديان وخلفيات متباينة، والذين تحدثوا عن القضية الفلسطينية بجرأة وشجاعة أكبر. وقد دعمت منظمات أمريكية على غرار منظمة “إف نوت ناو” الشباب الأمريكيين اليهود، الذين كانوا يصارعون من أجل كسر حاجز الصمت القاتل بشأن مسألة الاحتلال، كما انضمت مئات الجماعات العلمانية والدينية إلى الحملة الأمريكية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن العهد الذي يتم فيه التغاضي عن الانتقادات الموجهة للصهيونية وأعمال السلطة الإسرائيلية، واعتبار هذا الأمر معاداة للسامية، على وشك الانتهاء. فقد ظهر فهم متزايد لحقيقة أن انتقاد سياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية لا يعني بالضرورة معاداة اليهود.

وأضافت الكاتبة أن أشخاصا على غرار القس والدكتور، ويليام جاي باربر، يتولون قيادة الحركات التي تتعهد بمكافحة معاداة السامية والتضامن الدائم مع الشعب الفلسطيني، الذي يصارع بدوره من أجل البقاء في ظل وطأة الاحتلال الإسرائيلي. وقد أعلن جاي باربر في خطاب ألقاه السنة الماضية، أنه لا يمكننا لنا الحديث عن العدالة دون معالجة مسألة تهجير الشعوب الأصلية من أراضيها، علاوة على العنصرية الممنهجة والقمع الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية.

وأردف جاي باربر، قائلا: «أحاول أن يكون كلامي واضحا قدر الإمكان، إن إنسانية وكرامة أي شخص أو شعب لا يمكنها، بأي شكل من الأشكال، أن تعيق إنسانية وكرامة شخص أو شعب آخر. يكمن التمسك بصورة الله في الإقرار بأن الطفل الفلسطيني يعد على نفس القدر من الأهمية تماما مثل الطفل اليهودي».

وأحالت الكاتبة إلى أن الجماعات الدينية اتخذت مجموعة من الإجراءات الأخلاقية ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، على غرار استثناء صندوق المعاشات ومكافآت التقاعد التابع للكنيسة الميثودية، البنوك الإسرائيلية التي تخالف قروضها المخصصة لبناء مستوطنات، القانون الدولي، من صندوق المعاشات. كما أصدرت كنيسة المسيح المتحدة في السنة الماضية، قرارا يدعو إلى تصفية ومقاطعة الشركات التي تستفيد من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وبينت أنه حتى بالنسبة للكونغرس، فإن هناك رياح تغيير تلوح في الأفق. فقد دعمت العضوتان في مجلس النواب الأميركي، إلهان عمر ورشيدة طليب، الممثلتان عن الحزب الديمقراطي في كل من مينيسوتا وميشيغان، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، بصفة علنية. وفي سنة 2017، اقترحت الممثلة عن الحزب الديمقراطي بمينيسوتا، بيتي ماكولوم، مشروع قانون يضمن عدم تخصيص أي مساعدات عسكرية أمريكية لدعم احتجاز الفلسطينيين القصر في السجون العسكرية الإسرائيلية.

وأوردت أن مؤسسة «بيرمينغهام لحقوق الإنسان» في ولاية ألاباما، وتحت وطأة الضغط من قبل فئات من المجتمع اليهودي، بإلغاء تكريم أيقونة الحقوق المدنية، آنجيلا ديفيس، التي تعد من أشد المنتقدين للممارسات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين. وقد ترتب عن هذه الخطوة نتائج عكسية، إذ لجأ أكاديميون وناشطون إلى تعبئة الحشود خلال 48 ساعة كرد فعل على هذا القرار.

وفي الختام، أبدت الكاتبة إعجابها بموقف مدينة برمنغهام المتمثل في دفاعها الحماسي عن تضامن آنجيلا ديفيس مع الشعب الفلسطيني، محيلة إلى أن ضميرها يملي عليها التحدث بشجاعة وإيمان أكبر عن المظالم التي تحدث على الأراضي الفلسطينية، لاسيما تلك التي تمولها الحكومة الأمريكية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023