فرضت السلطات المصرية أربعة موانع على محمد مرسي (67 عاما)، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، ما عزز، بحسب مناصرين له، من «تدهور صحته» و«عجل بوفاته»، بينما تقول القاهرة إنه «لاقي رعاية طبية مستمرة».
تلك الموانع، وفق مرسي وأسرته ولجنة برلمانية بريطانية، تتمثل في: الحبس الانفرادي، المنع شبه الكلي من الزيارات، عدم نقله إلى مستشفى بشكل دائم، ووضعه خلف حائل زجاجي أثناء محاكمته.
استمرت تلك الموانع منذ توقيف مرسي عقب الإطاحة به، في يوليو 2013، وحتى وفاته، الإثنين، إثر «نوبة إغماء»، خلال محاكمته، بحسب التلفزيون الرسمي.
أكثر من مرة أثناء محاكمته، اشتكى مرسي من حاجته إلى العلاج والنقل إلى مستشفى خاص، ومن الحائل الزجاجي، مشددا على أن حياته تتعرض لخطر.
وأطلقت أسرته أكثر من مناشدة لتدخل حقوقي دولي، لعلاج الرئيس الأسبق، بل وقدمت دعوى قضائية لتمكينها من زيارته في محبسه، في ظل ندرة الزيارات خلال السنوات الستة لسجنه.
** موانع بحق مرسي
الموانع الأربعة بحق مرسي ظهرت بقوة في تصريحين بارزة له وبيانين لأسرته، وبيان للجنة برلمانية بريطانية خاصة.
– 5 مايو 2019 (بيان للأسرة)
قبل 33 يوما من وفاته، قالت أسرة مرسي: «خلال جلسات محاكمته، تم وضعه داخل قفص زجاجي معتم، لا يراه من خلاله أحد، إلى جانب منع أي تواصل أو اتصال له بالعالم الخارجي».
وتابعت أن مرسي «ممنوع تماما وكليا من لقاء أي شخص، باستثناء الفريق الأمني المرافق له، وهو في اعتقال انفرادي تعسّفي، وحصار تام وعزلة كاملة».
وأفادت بأنه منذ توقيفه لم تتمكّن أسرته وفريق دفاعه القانوني من لقائه سوى ثلاث مرّات (عامي 2013 و2017)، على مدار سنوات اعتقاله الستة.
بيان من أسرة رئيس مصر الشرعي المنتخب الدكتور "محمد مرسي" pic.twitter.com/SmV2vSfW3B
— Abdullah Morsy(عبدالله محمد مرسي ) (@Abdullah_Morsi) May 5, 2019
وتابعت الأسرة، في بيانها، أن مرسي «تحدث عن تعرُّض حياته للخطر أكثر من مرّة، خلال جلسات المحاكمة الباطلة، وأبرزها في جلسات أغسطس 2015، و مايو 2017، ونوفمبر 2017، ونوفمبر 2018».
– فبراير 2019
تفاعل محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، مع «تغريدة» تنتقد منع الزيارة عن مرسي.
وأعاد البرادعي، عبر حسابه بـ«تويتر»، مشاركة تغريدة جاء فيها أن «حرمان السجين من الزيارة عقوبة قد تساوي في قسوتها السجن ذاته».
29 مارس 2018 (بيان للأسرة وتقرير بريطاني)
قالت أسرة مرسي، في بيان: «تواترت الكثير من الأنباء عن سوء الحالة الصحية للوالد مرسي بصورة لم يسبق لها مثيل وسط تجاهل تام من قبل سجانيه».
وحمل البيان عبد الفتاح السيسي والداخلية مسؤولية حياة مرسي، داعيا إلى تبني قضية مرسي، لاسيما حقوقه، وخاصة الرعاية الصحية.
وقبلها بيوم، أعلنت لجنة برلمانية بريطانية خاصة، في تقرير لها، أن مرسي، المحتجز بسجن طره جنوبي القاهرة، يقبع في ظروف «لا تلبي المعايير المصرية والدولية»، محذرة من أنها «قد تُعَجل بوفاته».
تقرير بريطاني يكشف ظروف اعتقال محمد مرسيويؤكد احتمال وفاته المبكرة
Publiée par شبكة رصد sur Vendredi 6 avril 2018
وأضافت اللجنة، وهي مكونة من ثلاثة برلمانيين، أن مرسي «يعاني من مشكلات صحية، مثل أمراض السكري والكبد والكلى، ولا يتلقى رعاية طبية كافية».
23 نوفمبر 2017 (مرسي يحذر من تدهور صحته)
قال مرسي، خلال جلسة محاكمته و25 آخرين بتهم بينها اقتحام السجون إبان ثورة يناير 2011: «لا أدعي سوء حالتي الصحية وحالتي خطيرة (دون تفاصيل)، ولن أتنازل عن حقي في إجراء كشف طبي بمستشفي خاص أو حكومي بعيدا مستشفى السجن»، بحسب وسائل إعلام محلية آنذاك.
-7 يونيو 2017:
تعرض مرسي، وفق ما أعلن بجلسة محاكمة، لحالتي إغماء وغيبوبة سكر في محبسه، معلنا امتناعه عن تناول طعام سجنه، وتلاها بيوم تقديم بلاغ من هيئة دفاعه إلى النائب العام يحذر من تعرض حياة مرسي للخطر.
-7 مايو 2017:
طلب مرسي، خلال إحدى جلسات محاكمته في قضية إهانة القضاء، مقابلة هيئة دفاعه، لأن هناك «أشياء تمس حياته» (لم يحددها) يود مناقشتها مع محاميه.
حياتي في خطر..مرسي يشتكي تعرضه للإهمال والتهديد وعدم القدرة على التواصل مع هيئة الدفاع
Publiée par شبكة رصد sur Mardi 14 novembre 2017
عقب الوفاة، قالت جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، إن تلك الموانع الأربعة تسببت في «اغتياله عمدا».
وطالبت الجماعة بتحقيق دولي، وحملت النظام المصري كامل المسئولية عن «اغتياله عمدًا، إثر وضعه في زنزانة انفرادية في ظروف بالغة القسوة، وحرمانه من أبسط حقوقه في العلاج والدواء، وحرمانه من رؤية أسرته أو الالتقاء بمحاميه لفترات طويلة».
كما قالت سارة ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تغريدة لها الإثنين، إن «الوفاة أمر فظيع، لكنها متوقعة تماما نظرا لفشل الحكومة في توفير الرعاية الطبية الكافية له (مرسي)، أو الزيارات العائلية اللازمة».
** القاهرة: رعاية صحية كاملة
في نص موحد على لسان مصدر طبي مسؤول، قال التلفزيون المصري ووسائل إعلام محلية، أنه «لم يكن هناك أي تقصير بشأن ما يعانيه وحالته الصحية داخل أو خارج السجن».
وأضاف أن إدارة مصلحة السجون تعاونت مع عدد من المستشفيات لخدمته ورعايته طبيًا.
وأضاف أنه في فبراير 2017 تم نقله إلى مستشفى خاصة لشكواه من آلام مستمرة في ذراعه اليسرى.
وأوضح أنه «تم تحويله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، وتشكيل لجنة طبية أكدت إصابته بعدة أمراض، وهي ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكر في الدم، والتهاب مزمن بالأعصاب».
وتابع المصدر: «مرسي كان يعاني أيضا من ورم حميد بالأوعية المبطنة بالمخ، كما كشفت اللجنة تشنجات عصبية بالجانب الأيسر للوجه».
ولفت إلى أنه في يونيو 2017 قرر رئيس محكمة جنايات القاهرة توقيع الكشف الطبي على مرسي، وكانت النتائج مماثلة للكشف السابق.
وتابع: «كما أعاد القاضي القرار بالكشف عليه في 29 نوفمبر 2017 بمستشفى السجن بطرة، وتم تشكيل لجنة أخرى من 10 أطباء، وبحضور كبير الأطباء الشرعيين، وتم تأكيد الأمراض التي يعاني منها».
وأردف المصدر الطبي بأنه «بناء على ذلك تم وضع مرسي تحت الرعاية الطبية الدورية، منذ نوفمبر 2017، وتقديم العلاج الطبي اللازم له بشكل دوري».
وشدد على أن «جميع الوثائق الطبية التي تؤكد تقديم الرعاية الصحية له موجودة وسيتم تقديمها إلى الجهات المعنية».
وردا على تغريدة واتسون بشأن وفاة مرسي، أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر (رسمية) رفضها ما وصفته بـ«إدعاءات» هيومن رايتس ووتش.
وباستثناء تعازٍ رسمية محدودة، أبرزها من تركيا وقطر وماليزيا والأمم المتحدة، لم يصدر عن المستوى الرسمي مصريا ولا عربيا ولا ودوليا ردود أفعال على وفاة مرسي، الذي تولى رئاسة مصر لمدة عام (2012-2013).
نحن وجميع المسلمين سنذكر مرسي بنضاله المشرفأردوغان ينعي الرئيس الراحل #محمد_مرسي
Publiée par شبكة رصد sur Lundi 17 juin 2019
فيما صدرت تعازٍ واسعة على المستوى الشعبي والحزبي والمنظمات غير الحكومية، ترافقت مع تنديدات ركزت في معظمها على أوضاع حقوق الإنسان بمصر، وطالبت بإجراء تحقيق نزيه في ملابسات وفاة مرسي، وإطلاق سراح كل المعتقلين.
الأناضول