ظل الجمود ملازمًا للتفاوض بين المجلس العسكري السوداني وقوى إعلان «الحرية والتغيير»، ولم يتحقق أي تقدم يذكر حتى بعد دخول الوساطة الإثيوبية لدعم المسار التفاوضي بين الجانبين.
ومضى أكثر من 12 يوما منذ الإعلان عن وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بين العسكري وقوى الحرية والتغيير والذي وصل الخرطوم السبت قبل الماضي.
وترك آبي أحمد خلفه مبعوثه الخاص السفير محمود دريدي لتقريب وجهات النظر بين الطرفين فيما يخص النقاط الخلافية.
ماذا يعني تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ولماذا ذهب رئيس الوزراء الإثيوبي إلى هناك؟
Publiée par شبكة رصد sur Vendredi 7 juin 2019
ولم يحدث أي تقدم واضح ينقل التفاوضات لتكون مباشرة بين العسكري وقوى التغيير ما جعل الكثير من الخبراء يرون أن الأمور بينهما تسير نحو طريق مسدود، في ظل تصريحات سلبية لكل منهما نحو الآخر.
إلا أن تصريحات رئيس المجلس العسكري، عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، بتجديد الدعوة للحوار مع قوى الحرية والتغيير، تعتبر تغيرًا في موقف العسكري.
وقال البرهان، في كلمة له أمام كوادر المهن الصحية، «نجدد الدعوة لاستئناف التفاوض مع قوى التغيير اليوم قبل الغد».
وأتت تصريح البرهان بعد يوم من تحذيرات تجمع «المهنيين السودانيين» عن تراجع العسكري عن اتفاقه مع قوى «الحرية والتغيير»، وكذلك عدم تمكن الوساطة الإثيوبية من إحداث اختراق كبير في التفاوض بين الجانبين.
وقال القيادي بقوى إعلان الحرية صديق فاروق، للأناضول، قبل أيام، إن الوسيط الإثيوبي، محمود دريدي، عاد إلى بلاده ولم يبلغنا رسميًا بتراجع المجلس عن الاتفاق السابق معنا.
ويرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي حاج حمد محمد، أن تصريح البرهان يدلل على التباين داخل المجلس العسكري ويبرز التناقضات فيه.
وجاء تصريح البرهان بالدعوة لاستئناف التفاوض على العكس من تصريحات نائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» التى جاءت تحمل مؤشرات بتراجع العسكري عن الاتفاق السابق مع قوى التغيير.بدا ذلك واضحا في تصريحات حميدتي، الثلاثاء، حيث طالب بتشكيل مجلس وزراء بأسرع وقت.
وهذا التشكيل للحكومة لا علاقة له بالاتفاق مع قوى التغيير لأنه غير مرتبط بالاتفاق مع هذه القوى أو لا، حسب تصريح لحميدتي، في أول لقاء جماهيري الأحد الماضي.
على طريقة السيسي..حميدتي يطلب تفويضا شعبيا لتشكيل الحكومة: لولا وجودي لضاع السودان
Publiée par شبكة رصد sur Dimanche 16 juin 2019
وبالتزامن مع إرهاصات تراجع العسكري عن اتفاقه مع العسكري حذر تجمع المهنيين السودانيين، أحد مكونات قوى التغيير، من خطورة التراجع عن الاتفاقيات السابقة التي تم التوصل إليها.
وقال تجمع المهنيين، في بيان عقب لقاء لجنة العلاقات الخارجية للتجمع مع سفراء الاتحاد الأوربي بالخرطوم، إنهم شرحوا للسفراء الأوربيين محاولات المجلس العسكري التلاعب بالوساطة الإثيوبية بالتراجع عن ما تم الاتفاق عليه مسبقًا.
وتبدو مخاوف ومحاذير تجمع المهنيين وحلفاءه في قوى التغيير منطقية، لدى الكثير من المحللين، كون العسكري سبق أن أعلن أنه في حل من الاتفاق قبل أسبوعين، وتراجع مرة أخرى، بمعني أنه عزم التنصل عن الاتفاق من قبل وقد يفعل.
يضاف إلى ذلك أن ثقة قوى التغيير في العسكري مهتزة لاسيما عقب فض الاعتصام في 3 يونيو الجاري ومقتل العشرات وإصابة المئات.
وكذلك تصريحات أعضاء العسكري بأن قوى التغيير لا تمثل الشعب السوداني كله، وأن قيادتها وتنظيمها للحراك الشعبي لايمنحها حق الاستحواذ على كل مؤسسات الحكم التنفيذية والتشريعية والسيادية في الفترة الانتقالية.
كما يري محللون أن العسكري قابل للانتقال من حالة التفاوض للتصعيد في أي وقت مثلما حدث في حادثة فض الاعتصام.
وهذا يعزز الثقة لدى العسكري بأنه قادر على الخروج بالبلاد إلى بر الأمان دون أن تشاركه قوى التغيير في الفترة المقبلة.
وبحسب المحللين فإنه لم يكن خافيًا رغبة العسكري في الاستيلاء على الحكم والاستمرار، حيث أعلن قبل شهر أن كل الخيارات «متاحة في ظل تعنت قوى التغيير في التفاوض» بشأن نسب مجلس السيادة بعد الاتفاق على تشكيل مجلس الوزراء ورئيسه من قبل التغيير وكذلك أن يشارك بنسبة 67% بالمجلس التشريعي.
تلويح العسكري باللجوء إلى انتخابات مبكرة يناقض إعلانه بأنه شريك في الثورة بعزله لعمر البشير، حسب المحللين، وهو يعتبر تهديد لقوى التغيير، في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
وكذلك تحركات العسكري إلى دول الجوار خلال الأسبوع الماضي وقبلها الحلفاء في الإمارات والسعودية يشير بشكل واضح إلى أنه لم يكن يرغب في التفاوض والاتفاق من الأول.
ويضيف المحللون أن بحث العسكري للشرعية والقبول بغرض التخفيف من ضغط الاتحاديين الأفريقي والأوروبي المطالب بتسليم السلطة للمدنيين ويمنح مزيدًا من الوقت ليتحكم أكثر.
يبقى استئناف التفاوض بين العسكري والتغيير خيار للطرفين وفق تطورات الأوضاع، ولكن الأستاذ الجامعي حاج حمد يقول إنه بالإمكان أن يحدث الاتفاق في حال غير الطرفان من أولوياتهما وتواصل الضغط الدولي لإنجاحه.
الأناضول