شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عمليات «تنظيم الدولة».. ضعف وفشل في إرباك المشهد السياسي بتونس

أجمع خبراء تونسيون على أن الهجمات الإرهابية التي استهدفت البلاد، الأسبوع الماضي، مؤشر على ضعف منفذها أي «تنظيم الدولة»، ومحاولة لإرباك المسار المحلي.

ضربات متوقعة، وفق محللين، تهز تونس قبل أشهر قليلة من انتخاباتها البرلمانية والرئاسية، بيد أنها تفشل في تحقيق مآربها بإحداث «استعراض للقوة»، و«إعلان الوجود» من قبل التنظيم.
والخميس الماضي، شهدت تونس 3 هجمات إرهابية، بينها تفجيران انتحاريان استهدفا، بشكل متسلسل، قلب العاصمة، وأسفرت عن مقتل رجل أمن، وإصابة أشخاص آخرين، في عملية تأتي بعد أقل من عام على تفجير نفذته امرأة غير بعيد عن أحد مواقع التفجيرين الأخيرين.
** استهداف ممنهج وأياد خفيّة 
يسري الدالي، الأستاذ الجامعي والخبير الأمني التونسي اعتبر أن «الأحداث الإرهابيّة التي شهدتها تونس متوقعة، خاصة ونحن قبيل أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسيّة، وكل التحاليل كانت تتحدّث عن ذلك».
وقال الدالي: «كثيرا ما تزامنت العمليات الإرهابية، منذ 2011 (بعد الثورة) مع محطات هامة في تاريخ تونس على غرار الانتخابات».
واعتبر أنّ «الجانب الظاهر من العمليات الإرهابية هو محاربة «الطاغوت» بمفهوم التنظيم، ولكن هناك أياد خفية تقف وراء ذلك».
ولفت الدّالي إلى أنّ «تبني العملية من قبل داعش يعدّ فضيحة للتنظيم، لأن الكل يعرف أنّ الأخيرة هو صنيعة محور الشّر؛ فرنسا والإمارات والسعودية والولايات المتحدة الأميركية».
وتابع: «هناك اليوم قانون انتخابي (معدّل) وأطراف (لم يحددها) لم ترض عنه، وتموّل شخصيات تريدها أن تكون فاعلة في المشهد السياسي ما بعد 2019 (الانتخابات)».
وفي 18 يونيو الماضي، صادق البرلمان التونسي، بأغلبية كبيرة، على مشروع قانون يقضي بتعديل القانون الأساسي للانتخابات.
ورأى الدالي أنّ «هؤلاء أرادوا من خلال عمليات إرهابية من هذا النوع، بث البلبلة، خصوصا في ظل الإعلان عن تردّي الوضع الصحي للرئيس»، مؤكدا أن تزامن هذه الأحداث «يجعلنا على يقين بأن كل شيء كان مدبرا».
** «تنظيم الدولة» بأضعف حالاته 
من جهته، أكّد المحلل السياسي صلاح الدّين الجورشي، أنّ «تزامن العمليات الإرهابية دليل على وحدة المصدر»، معتبرا أنها «محاولة لإرباك الوضع السياسي وإخافة التونسيين، إلا أن فشل داعش كان ذريعا».
وأشار الجورشي أنّ «المحصلة النهائية لهذه العمليات بينت تشابها على مستوى إحداث الصدمة المتوقعة من التنظيم ونتائج الخسائر، وكذلك على مستوى تصدي المواطنين بشكل جماعي لهذه المحاولة، وهو ما أكد عزلة داعش في تونس، وعدم تمكنه من كسب الحد الأدنى من تعاطف التونسيين».
وتابع بالقول إنّ «التنظيم تعرض لهزائم كبرى خلال الفترة الأخيرة عربيا ودوليا، وفقد الكثير من عناصره وهو ما حصل بشكل واضح في تونس».
واستدرك: «لكن مع ذلك، يجب عدم التقليل من خطر التنظيم، لأن محاولته اختراق بعض المواقع من شأنه أن يحاول إرباك التونسيين، وأظن أنّ الأهم بالنسبة لتونس هو عدم تأثر الأطراف الدولية بهذه العمليات».
وأردف أن «الأوروبيين عادة ما يكونون، في سياق خوفهم على مواطنيهم، أكثر حساسية تجاه الاعتداء على السياح، ولكن ذلك لم يحصل منذ فترة في تونس وهو ما جعل الموسم السياحي واعدا».
وفي السياق ذاته، يرى طارق الكحلاوي، الرئيس السابق لـ«المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية» (رئاسي)، أنّ «الإرهاب يهدف لخلق حالة فزع وصدمة في صفوف التّونسيين، إلا أن ما يحدث اليوَم لم يعد له أثر نفسي في قلوبهم».
واعتبر الكحلاوي، أنّ «منهجية «داعش تختلف» نوعا ما عن ‘القاعدة’، فهي تتمثل في ضربات استعراضية سواء في الجبال أو المدن، في حين أن التنظيم الثاني يتميز بطول النفس، ويتماشى أكثر مع الحاضنة الشعبية».
وأضاف: «رغم هذه الرّغبة الاستعراضيّة، فإن وضع داعش تدهور على المستوى اللوجيستي، خاصة على مستوى القدرات والجاهزية، ما يعكس مروره بوضع صعب، سواء في استقطاب العناصر التي تقوم بالعمليات الإرهابّية أو تدريبهم».
** لا تأجيل للانتخابات 
وبخصوص السيناريوهات المتوقعة بعد العمليات الإرهابية الأخيرة، قال الجورشي إنّ «هناك جدلا في تونس يتعلق بمحاولة التشكيك في مسألة تنظيم الانتخابات في موعدها».
وأوضح: «لكن هذا الأمر لن يحصل، فهي مواعيد دستورية ومحاولة تغييرها هو انقلاب عل الدستور، كما أنّ شروط التأجيل غير متوفرة إطلاقا».
ولفت إلى أن «هذا جدل له سببان؛ أولا أن بعض الأحزاب السياسيّة قد تكون غير جاهزة لخوض الاقتراع، وتعتبر أنه من مصلحتها تعطيل الأجندة، علاوة على وجود دول (فضل عدم ذكرها) معادية للمسار الانتقالي، تتمنى إدخال تونس في منطقة ضعف وإرباك».
بالنسبة للخبير، فإن «هذه الجماعات (بينها داعش) لا تعد صنيعة لدولة أو أخرى، ذلك أن هناك أسباب محلية تاريخية كانت تقف وراء نشأتها، لكنها في الأثناء تتحول إلى لعبة إقليمية لدى بعض البلدان».
و«لو توفرت في تونس إمكانية لتجاوز الصعوبات الاقتصاديّة»، يتابع، «لأمكن مواصلة الانتقال السياسي رغم التهديدات الإرهابية والوضع الصحي للرئيس».

والأسبوع الماضي، أعلنت الرئاسة التونسية تعرض الرئيس الباجي قايد السبسي لوعكة صحية حرجة، قبل أن تعلن تحسنه.

وبحسب الجورشي، فإن «مكونات الاستمرار متوفرة في تونس، ولا أتوقع أن يقع تراجع كبير، وسيتعود التونسيون كغيرهم على الاستمرار في مواجهة ظاهرة الإرهاب التي لا تزال باقية بحكم أوضاع المنطقة».

أما الكحلاوي، فعاد ليؤكد أن «هدف داعش تاريخيا يتمثل في ضرب الديمقراطية الكافرة كما يسميها، لأنها في نظره تجربة يجب إسقاطها، وكل ما اقتربت الانتخابات إلا وكثرت أنشطته».

ولفت إلى «تقاطع الأجندة السياسية للإرهاب، موضوعيا، مع أطراف معنية بضرب التجربة الديمقراطية بتونس على غرار الإمارات والسعودية، ممن تعتبر أنّ في نجاح الديمقراطية بالبلاد تهديد لهم، وهم أنفسهم يتصارعون مع ‘داعش’ و’القاعدة’ في أماكن أخرى».

وحذر من أنه في حال «تكررت العمليات وحققت خسائر كبيرة، فقد يعتمدها سياسيون للدفع نحو تأجيل الانتخابات، لكن ذلك يحقق في المقابل هدف الإرهاب، فيما يمثل إجراء الاقتراع إرباكا لهم».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023