في بحث لشبكة "رصد" الإخبارية عن المنسيون من الشعب المصري والذين سقطوا عن عمد من ملفات المسئولين، وجدنا منطقة زرزارة، التي تقع في منشية ناصر، حيث يعيش هناك أكثر من 2 مليون مواطن لا تعرف الحكومة عنهم شيء.
بداية، بدا لنا الطريق المؤدي للمنطقة كالجبل الشاهق، حيث الشوارع الصاعدة الغير ممهدة، فلا يمكن لسيارة أو "توك توك" بالسير فيها، وبمجرد صعودنا الجبل بل منطقة" زرزارة" وجدنا مزلقان سكة حديد قديم وعرفنا من الأهالي أنه كان عبارة عن خط لقطار القوات المسلحة تم إغلاقه قبل الثورة بشهور ليتحول إلى أماكن للباعة الجائلين وأيضا مقلب للقمامة التي قابلتنا أطنان منها وأيضا رائحة قذرة ناتجة عنها ويمكن للمار بالمنطقة أن يرى أكوام القمامة وهى منتشرة على مسافات كبيرة وبكميات أكبر .
منطقة بلا خدمات
ومن الملفت للنظر أثناء الجولة كلها أننا لم نرى محل جزار واحد ، وهو ما يدل على مدى فقر المنطقة بكاملها، كما لم نجد مستشفى أو مستوصف خدمي في الطريق، وعلمنا من الأهالي انه في حالة وجود حالات مستعجلة لابد أن تنتقل إلى مستشفى الحسين أو سيد جلال، الذي يبعد الكثير عن المنطقة، واغلب الحالات العاجلة تتوفى قبل الوصول إلى المستشفى.
ونجد المنازل الموجودة اعلي قمة الجبل متأرجحة صعودًا وهبوطًا في شكل غير متساوية ، ومنها ما قرب على الدفن في حضن الجبل من كثرة الهبوط .
بؤرة المخدرات وملجأ الباعة
و لاحظنا انتشار الأسلحة البيضاء وانتشار "الناضورجية " على مداخل الحارات وان كانت المخدرات تباع علنا و كأنه أمر طبيعي هنا ،ومش عيب مثلما قال أحد سكان زرزارة ، وعندما عن سبب انتشار في ذلك اخبرنا فرج، احد سكان المنطقة، إن حبيب العدلي، وزير الداخلية الأسبق في عهد المخلوع ،عندما أراد إن يقضي على تجار المخدرات في الباطنية بعدما انتشرت المخدرات فيها وذاع صيتها قرر نقل التجار بشكل إلى منطقة جديدة بعيدة عن أعين الإعلام فجلبهم إلى المنشية مما ادى إلى انتشار المخدرات بها وأصبحت رقم 2 في تجارة المخدرات بعد الباطنية.
تهميش زرزارة
وبسؤال محمد عبد العال -بائع متجول بالموسكي- عن مدى اهتمام المسئولين بزرزارة، وأطلعهم بالحال هنا ،اخبرنا بأن الميزانية جاءت للحي وأن مرشح مجلس الشعب السابق، ورئيس الحي والمحافظ ، ومسئولين كثيرون جاءوا هنا ورأوا المنطقة و الشوارع واخبرونا بأنهم سيطور المنطقة، ووعدوا بتنفيذ ما نريد، ولكن لا حياة لمن لا تنادي ولم يتم يحدث أي تطوير.
وتابع عبد العال إنه عندما توجه للمسئولين من أجل شراء أرض في المنطقة، التي علم فيما بعد أن الحكومة باعتها لشركة إماراتية بسعر37جنيه للمتر، أخبروه بأن المنطقة خطر جدا وسيقومون بإزالتها وسينقلونهم إلى آماكن أخرى لنسد الطريق أمامه رغم أنه كان على استعداد لشرائها من الشركة ب200 جنيه للمتر.
وعلق غاضبا على رد المسئولين هنا خطر ولا فوق الجبل؟ فالحكومة بنت فوق الجبل عمارات سكنية فخمة وفيلات تصل إلى خمسة مليون جنيه والخدمات عندها أكثر من ممتازة.
والتقينا أيضا بشاب اخبرنا إن المشاكل الحقيقة أعلى قمة الجبل ومضينا اتجاهه في صعوبة شديدة، في الوقت الذي وجدنا فيه الأطفال من حولنا صاعدين بمنتهي السهولة فهو أسلوب حياتهم ، وقابلنا سيدة عجوز وترفقها سيدة آخرى للغاية تنزل السلالم ذاهبة للطبيب .
الجرائم المخفية فوق الجبل
وعندما بلغت أعلى الجبل أخذنا زكي – من سكان الجبل ويعمل جزمجى في ورش باليومية في المنشية- إلي منزله ووجدنا مكون من غرف منفصلة عن بعضها أسقفها مغطاة بالخشب وليس الاسمنت، كما أن أحد الغرف بها هبوط حاد في أرضيتها والغرف الأخرى علي الجبل مباشرة، وتقول زوجته الحوائط مائلة للخارج نخاف الاقتراب منها حتى لا تسقط بنا واقتربت من النافذة ووجدنا الهوة كبيرة جدا وفسرت لنا قائلة أن الحكومة قامت بإزالة الشارع المجاور بالكامل وهنا نري تجار المخدرات يتقسمون الأموال والبضائع ونري الشذوذ بين رجال وأحيانا نري المدمنين و اللصوص، الذين يدخلون إلي هنا بسهولة وتم سرقة البيت 3مرات سرقوا الأواني وأي شيء معدن .
معاناة الأهالي
وتقول أم مرسي، وزوجها توفي أثناء ثورة 25 يناير ولديها أربعة أطفال، أنها "داخت السبع دوخت" وراء المسئولين دون أن تحصل على تعويض، وأخرجت ابنتها الكبرى المتفوقة من المدرسة "فما باليد حيلة"، وهى الآن بلا عمل وتعيش على مساعدات أهل الخير و بالتالي من الصعب عليها ترك زرزراة للانتقال إلى مكان آخر.
"الحمار" راوي زرزارة
وبسؤالها عن المياه وأحوالها أخبرونا أنها غير متوفرة وأن وسيلتهم الوحيد للحصول عليها هي الحمار الذي يحمل المياه في "جركان" و ينقلها للأهالي مشيرة إلى أنه إذا مرض عطشت المنطقة بالكامل فالحمير بتسقي البني آدمين في بلد النيل".
وتتابع "أم مرسى" سعر الجركان كان بجنية والآن أصبح بأربعة جنيه، وكان الباعة يريدوا إيصالها إلي خمسة ولكننا رفضنا، متسائلة "هل تكفي الأربعة جركن أكل، وشرب، واستخدام أسرة كاملة مكونة من سبع أفراد؟.
وبنهاية الجولة تسلقنا على أنقاض احد المنازل لنرى المدن الجديدة، التي تعدى سعر الفيلات بها الخمس مليون جنيها ورأينا شارعا بالكامل قد تم هدمه ، وقال زكى أن المسئولين اخبرونا أنه هدم بحجة نقل الأهالي إلى أماكن أكثر أدمية ولكن اتضح لنا أن الشوارع ستحول إلى ملاعب جولف ، مختتم كلامه بـ "في ناس بتموت علشان ناس تانى تعيش ومهمة الحكومة أنها تموتنا علشان تحي أصحاب المصلحة" .