مع قرب افتتاح سلطات الانقلاب العسكري في مصر قصرين رئاسيين جديدين أحدهما شتوي بالعاصمة الإدارية والآخر صيفي بمدينة العلمين؛ تزايدت حالة الغضب بين المصريين خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب ووجود نحو 90 قصرا واستراحة رئاسية بالبلاد.
والشهر الماضي افتتحت الحكومة المصرية مقرا جديدا لها بمدينة العلمين الجديدة (شمال- غرب البلاد) ويتم استكمال بناء قصر رئاسي أيضا، وهو ما يحدث بالعاصمة الإدارية (شرق القاهرة) التي تشهد بناء مقر للحكومة وقصر رئاسي جديد.
وأكدت شركة العاصمة الإدارية الجديدة أنها ستسلم منطقة رئاسة الجمهورية بالمدينة نهاية 2019، وبعد الانتهاء من مقر الحكومة الصيفية بالعلمين اقترب تسليم القصر الرئاسي أيضا.
بناء القصرين يأتي بالوقت الذي يتبع مؤسسة الرئاسة قصورا تاريخية كثيرة منها القبة (1842)، وعابدين (1863) -بناهما الخديوي إسماعيل-، والعروبة (1910)، والطاهرة (1920) -أفخم قصور العالم-، وجميعهم بالقاهرة.
وأيضا قصور، رأس التين (1847)، والمنتزه (1892)، ورأس الحكمة -بناه الملك فاروق، كمقرات صيفية بالإسكندرية والساحل الشمالي، بجانب استراحة رئاسية بقاعدة «محمد نجيب» الجوية، وأخرى بمرسى مطروح.
وإلى جانب 3 قصور واستراحات بالاسماعيلية، تضم القناطر الخيرية، وقناطر إدفينا استراحات على نهر النيل، واستراحة رائعة في أسوان.
وتضم شرم الشيخ 3 قصور كانت بحوزة عائلة حسني مبارك وأصبحت تابعة لمؤسسة الرئاسة، مع استراحة بقاعدة عسكرية بالمدينة.
«متلازمات الأنظمة العسكرية»
وفي تعليقه، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام «تكامل مصر» مصطفى خضري، إن «أشهر تصنيفات العلوم السياسية للحكام هو: المدني والعسكري، وينتشر الأول بالدول المتقدمة، والثاني بالعالم الثالث».
خضري، أضاف لـ«عربي21»، أنه «لبقائهم الطويل في الحكم؛ أصبح من متلازمات الحكم العسكري؛ امتلاك الحاكم لمظاهر الرفاهية والترف، من قصور وسيارات وطائرات…الخ».
وأكد أن «نظام السيسي، ليس بدعا في الأنظمة العسكرية، فسلوكه وتصرفاته وسياسته؛ تكرار رتيب لما فعلته وتفعله الأنظمة المماثلة بأميركا اللاتينية، وسط وجنوب أفريقيا».
وأشار الباحث المصري إلى أنهم «يشتركون مع نظام السيسي بأمرين: الأول هو الفشل، الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والثاني الجري وراء المظاهر والترف بغض النظر عن احتياجات شعوبهم».
وقال إن «السيسي، يزيد عنهم بانقياده الأعمى وراء تعليمات البنك الدولي، وأصبح الحكم بمصر يدار عبر موظفي البنك الدولي، وليس لنظام السيسي إلا الموافقة المطلقة على تعليماتهم».
وبين خضري، أن «أهم تعليمات البنك الدولي الآن زيادة وتيرة الترصيد العقاري، بتسخير ميزانية مصر لبناء مقرات حكومية وقصور ومدن خاوية وتشجيع أو (إجبار) البنوك والشركات بهذا الاتجاه، بهدف إخلاء السوق من السيولة التشغيلية والقضاء على السوق الموازي الذي يؤرق البنك الدولي ويمتص قرارته الهادفة للتحكم بمصر».
وعن اختياره العلمين والعاصمة الجديدة، يعتقد رئيس «تكامل مصر» أنه «استمرار لتقاليد انتهجها الحكم العسكري بمصر، بربط اسم الحاكم العسكري الجديد بمدن جديدة، فقد سبق السادات بمدينة مسماه بإسمه في المنوفية، واختار مبارك شرم الشيخ شرقا ومارينا شمالا».
«خارج الموازنة»
وعلى الجانب الآخر، أكد السياسي المصري، عبد الحليم منصور، أن «العلمين مدينة سياحية طوال العام، ووجود موقع للحكومة ومبنى للرئاسة يشجع ويطمئن الأجانب والوافدين على تعمير المدينة الساحلية الجديدة».
وحول ما سيتم بحق القصور والمباني الحكومية أوضح نائب الوزير السابق، أن «الموقع الحالي للحكومة والقصور داخل مدينة الإسكندرية والقاهرة سيتم استغلالها أفضل استغلال؛ وفقا لما تراه اللجنة التي ستقوم باستغلال كافة المباني الحكومية المنقولة خارج القاهرة».
وختم قائلا: «وللعلم التكاليف خارج الموازنة الحكومية».
«ثروة مهدرة»
وحول كيفية استعلال ثروات مصر المهدرة بالقصور الرئاسية يرى المهندس أحمد علي حسن، أنه يجب تحول جزء من تلك القصور لتكون متاحفا للفنون والموسيقى والفنادق السياحية، ووضعها على خريطة المزارات الهامة.
وبسؤاله: لم لا تتبني الدولة هذا التوجه؟، أجاب حسن، أن «الدولة غير معنية بذلك أصلا، وغير مهتمة أو عابئة بأي تكلفة تتحملها جراء رعاية وبناء القصور»، مؤكدا أن هذا «جزء من سفه الإنفاق العام».
بوليتيكس ريفيو..السيسي على خطى مبارك في خداع المصريين وتبديد أموالهم في اقتصاد فاسد
Publiée par شبكة رصد sur Mardi 11 juin 2019
وأشار إلى أن «مساحة حديقة قصر القبة 70 فدانا تحوي نباتات نادرة، ويتكون قصر الإتحادية من 400 غرفة و 55 جناحا، ويعد أحد الفنادق التاريخية».
وانتقد المعاري حسن، «عدم استغلال تلك القصور لسنوات طويلة؛ بل وتحمل الدولة تكلفة جيش من الموظفين والحرس وعمال النظافة والصيانة والعناية بالحدائق والقصور والاستراحات».
«خلل بالأولويات»
وعبر «تويتر»، قال الأكاديمي المصري حسن نافعة، إن هذا دليل مؤكد ومؤشر على وجود خلل حقيقي بالأولويات، وأن مصر تفتقد الشفافية.
قرأت مؤخرا تقريرا صحفيا يؤكد أن في مصر, البلد الفقير جدا, 90 استراحة وقصر رئاسي, ومع ذلك يجري بناء قصرين رئاسيين جديدين بتكلفة خيالية, واحد في العاصمة الادارية وآخر في العلمين, أفلا يعد ذلك دليلا مؤكدا ومؤشرا على وجود خلل حقيقي في الأولويات. أكثر ما تفتقده مصر الآن غياب الشفافية
— Hassan Nafaa (@hassanafaa) August 23, 2019
قرأت مؤخرا تقريرا صحفيا يؤكد أن في مصر، البلد الفقير جدا، 90 استراحة وقصر رئاسي، ومع ذلك يجري بناء قصرين رئاسيين جديدين بتكلفة خيالية, واحد في العاصمة الادارية وآخر في العلمين, أفلا يعد ذلك دليلا مؤكدا ومؤشرا على وجود خلل حقيقي في الأولويات. أكثر ما تفتقده مصر الآن غياب الشفافية
وانتقدوا عدم تمرير قرارات بناء القصرين على البرلمان، وعدم محاسبة السلطة التنفيذية من البرلمان والأجهزة الرقابية، فيما وصف آخرون الأمر بأنه إفراز طبيعي لحكم الفرد وإنحياز الإعلام بدولة يحكمها إنقلاب عسكري.
وعلى الجانب الآخر رأى متابعون أن بناء قصرين رئاسيين؛ جيد من النواحي الأمنية والمرورية خاصة استقبال الرؤساء والشخصيات الكبيرة، وخلق مجتمع جديد بأماكن نائية.