عندما أحست قريش أن الكعبة على وشك الإنهيار بعدما ظهرت عوامل التصدع والإنهيار على بنيان الكعبة إجتمعوا واتفقوا على إعادة بناءها وذلك على مرحلتين
الأولى: هى هدم كل عوامل الفساد والانهيار الذى ضرب البنيان حتى وصلوا إلى الأساس السليم الذى وضعه إبراهيم عليه السلام
الثانية: إعادة البناء فوق هذا الاساس وهنا تم تقسيم العمل على كل القبائل ليشارك الجميع فى شرف بناء الكعبة بالإضافة إلى أنه لن تتمكن قبيلة واحدة من كل هذا العمل
وبدءت كل قبيلة فى تجميع الحجارة والقيام بدورها فى جانب من جوانب الكعبة حتى وصلوا إلى مرحلة وضع الحجر الأسود وكل قبيلة تحلم بإن تنال شرف وضع الحجر الأسود فى مكانه وهنا بدء الخلاف بينهم كل قبيلة ترى أنها الأحق ووصل الأمر إلى قمة الإستقطاب والتناحر بينهم وأستمر الخلاف مايقرب من خمس ليال وبدءت القبائل فى الإستعداد للحرب والقتال فيما بينهم
هنا ظهر صوت العقل والحكمة فى شخص أبو أمية المخزومى بإن يتحاكموا إلى أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام فأكرمهم الله بأن يكون محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من يدخل من الباب فرضوا بتحكيمه
فلما عرف الرسول الأمين بالمشكلة قام بفرد رداء كبير ووضع عليه الحجر وطلب من كل قبيلة ان تمسك بناحية من الرداء فرفعوا الحجر جميعا حتى وضعه الرسول الأمين فى مكانه وبذلك تم بناء الكعبة بعد أن ترك الجميع حالة الإستقطاب والتناحر وأتجهوا إلى التعاون والمشاركة
إن الحالة الحالية الأن فى مصر بين التيارات المختلفة أشبه بحالة قبائل قريش وهى تستعد للحرب فيما بينها للفوز بشرف رفع الحجر الأسود إلى مكانه
وأصبح كل تيار يرى نفسه هو الأحق والأجدر ببناء مصر والفوز بشرف رفع أعمدة الدولة من جديد حتى أصبحنا على وشك الدخول فى حرب اهلية لن تزيد الأمر إلا سوءا وستقضى على الأخضر واليابس فى البلاد
إن بناء مصر لن يتم إلا بالقضاء على عوامل الفساد والانهيار حتى نصل إلى الاساس السليم للبلاد بدستور نتوافق عليه جميعا ثم بعد ذلك تتم مرحلة البناء ورفع أعمدة الدولة ولن يتم ذلك إلا بإشتراك جميع التيارات والإتجاهات الموجودة فالعمل كبير وشاق ولن يستطيع تيار بمفرده القيام بكل هذا
إننا نحتاج الأن ان يمسك كل تيار بجانب من الرداء لنرفع معا أعمدة الدولة كى تستطيع مصر الوقوف على قدميها مرة أخرى فى اسرع وقت ان شاء الله
إن أسوأ مافى حالة الاستقطاب التى تضرب البلاد الأن هى انها تزرع فى الأجيال الصاعدة فكرة عدم تقبل الأخر والتربص به والقضاء عليه بدون أن يتعرف حتى على ماهى مميزات وعيوب وأفكار التيارات الأخرى
فأصبحنا أمام أجيال اديها ميول واضحة للتشاجر والخلاف مع اى فرد ينتمى لتيارات اخرى مخالفة لها دون حتى ان يكون لديهم ادنى فكرة عن هذا التيار او افكاره او حتى ان يعطوا فرصة للمناقشه والتحاور مع الاخر وهذا وحده كاف لتكون البلاد على شفير حرب أهلية فى غضون عدة سنوات لو لم يتم تدارك هذا الأمر الأن والعمل على زرع ثقافة الإختلاف بيننا وفتح دوائر للنقاش والحوار بين كل التيارات للتعرف على أوجه الاختلاف والاتفاق فيما بيننا
ياسادة إننا فى أوقات الأزمات والمصائب والكوارث نتوحد ولانعرف وقتها اليمين من اليسار فلماذا إذا لانتوحد وقت البناء؟؟
ياسادة إن البناء يحتاج منا الكثير من المجهود والطاقة فلاتهدروا طاقتنا فى الخلافات والإستقطاب والتشرذم
ياسادة إن مصر أكبر من كل التيارات وتحتاجنا جميعا بكل مافينا من إختلافات فكرية وثقافية وإجتماعية فهى أقوى بتلك الإختلافات وعلى الجميع ان يدرك ان الإختلاف لايؤدى بالضرورة لخلاف
فلكى يتم بناء "مصر القوية" التى نحلم بها جميعا يجب علينا أن نلتف حول "الدستور" الذى يؤسس لدولة حديثة تجمع اليمين واليسار وتقوم على "الحرية والعدالة" التى ينادى بها شباب الثورة لتأخذنا جميعا فى "التيار الشعبى" الذى يضم مطالب الفقير والغنى والمثقف والأمى للوصول إلى "التيار المصرى" الذى يحدد هويتنا المصرية الأصيلة من اجل الوصول إلى الكيان "المصرى الديموقراطى الإجتماعى" الذى يراعى الحقوق والواجبات التى تقوم فى الأساس على "العدل" بين جميع المواطنين لكى نحيا كراما ونخرج "بمصرنا" التى تجمعنا بكل إختلافتنا إلى "النور" ونرى مصر فى مصاف الدول المتقدمة
يا سادة إن الظروف الأن تحتم علينا جميعا أن نتبنى مبادرة تشجع على التحاور والمناقشة وزرع ثقافة الإختلاف فيما بيننا وكيف يممكننا أن نتعايش سويا ونبنى مصر معا وان الإختلافات فيما بيننا تقوى الوطن ولاتضعفه إذا ما ترفعنا وسمونا عن مصالحنا الضيقة من اجل مصلحة البلاد فلنتعاون جميعا ونرفع شعار الإختلاف لايؤدى لخلاف
ياسادة إننا الأن فى مفترق طرق إما أن نظل فى حالة الإستقطاب والتشرذم وننحدر جميعا فى طريق الحرب الأهلية وإما أن نتوحد ونسير معا بكل إختلافتنا فى طريق بناء مصر ولكم جميعا حرية الإختيار