بدأ المئات من السجناء في سجن الاستقبال بمجمع طرة بالقاهرة احتجاجًا منذ يوم الجمعة الماضي، على ما تعرضوا له من سوء معاملة خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب مصدرين مختلفين، أحدهما حقوقي مُتابع للملف، تحدثا إلى «مدى مصر».
وفيما لم تصدر وزارة الداخلية أي بيانات في هذا الخصوص حتى اﻵن، ذكر المصدران أن قوة من مباحث قطاع السجون قامت بحملة طوال الأسبوعين الماضيين لتجريد نزلاء عنبرين على الأقل من عنابر السجن الأربعة، من كل متعلقاتهم الشخصية، عدا بطانيتين و«سُترتين» (ملابس السجن) لكل سجين، بالإضافة إلى منع التريض أو استخدام الأمانات، بالإضافة إلى إغلاق الكانتين والعيادات. كما أودع سجينين على الأقل في زنازين التأديب بعد الاعتداء عليهما بالضرب وتجريدهما من ملابسهما عدا الداخلية فقط، وذلك بعد احتجاجهما على الحملة.
وبداية من الجمعة الماضي، مع استمرار حملة التفتيش والتجريد، بدأ السجناء في الاحتجاج عبر الهتاف والطرق على أبواب الزنازين قبل أن يُصعّد نزلاء عدد من العنابر احتجاجهم بالامتناع عن استلام الطعام المُقدّم من إدارة السجن بداية من الأحد الماضي، بحسب المصدرين.
ويقدّر المصدر الحقوقي نسبة السجناء المشاركين في الامتناع عن استلام طعام السجن بنحو 70% من النزلاء، رغم اعتماد أغلبهم بشكل أساسي في الشهور الأخيرة على الطعام المقدم من إدارة السجن بسبب قلة الزيارات وعدم السماح بدخول كل الأطعمة التي يُحضرها ذويهم.
كانت وزارة الداخلية منعت الزيارات منذ 10 مارس الماضي ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، قبل أن تستأنفها مرة أخرى في 22 أغسطس، بحيث يكون لكل سجين زيارة واحدة شهريًا.
من جهته، أوضح المصدر اﻵخر، وهو مطلع على تفاصيل ما يحدث داخل السجن، أن الحملة بدأت يوم 29 سبتمبر الماضي، رابطًا بينها وبين مقتل أربعة من قوات شرطة سجن 922 شديد الحراسة، الشهير بالعقرب، وأربعة سجناء محكوم عليهم بالإعدام، في 23 سبتمبر، فيما وصفته مصادر أمنية مجهلة وقتها بمحاولة للهرب من السجن الذي يقع ضمن مجمع سجون طرة.
وخلال الفترة بين 29 سبتمبر و9 أكتوبر، بحسب المصدر، تركزت الحملة على زنازين عنبري «ب» و«د»، ويضم كلاهما سجناء متهمين بالانتماء إلى تنظيم داعش، وجماعة الإخوان المسلمين، وبعض المتهمين في قضايا جنائية.
ويبدأ التفتيش بدخول قوة مُسلحة إلى الزنازين واصطحاب النزلاء إلى خارجها، وإجبارهم على الجلوس في وضع القرفصاء في مواجهة الحائط، مع تقييد أيديهم خلف ظهورهم طوال فترة تفتيش الزنازين، لتقوم القوة بمصادرة الأدوات المستخدمة في الطبخ، وسخانات الطعام، وجرادل تخزين المياه، والملابس، بحسب ما أكده المصدران.
وذكر أحد المصدرين أنه يوم 7 أكتوبر، وأثناء تفتيش إحدى الزنازين، حاول أحد السجناء الحديث مع الضابط المسؤول، وسرعان ما تحول الأمر إلى مشادة، اعتدت على إثرها قوة الشرطة بالضرب على السجين مستخدمين العصي والصواعق الكهربية. وعندما حاول سجين آخر منعهم، تعرض للضرب هو الآخر، وأودع كلاهما في زنازين التأديب بعد تجريدهما من ملابسهما عدا تلك الداخلية فقط.
وبحلول الجمعة الماضي، ومع استمرار الحملة، بدأ باقي السجناء في الاحتجاج عبر الهتاف والطرق على أبواب الزنازين، مما دفع قوة التفتيش إلى التراجع ومغادرة العنبر، غير أن إدارة السجن منعت دخول الثلج المستخدم في حفظ الأطعمة التي تدخل للسجناء أثناء الزيارات، بالإضافة إلى قطع المياه عن العنابر طوال اليوم وتشغيلها مرة واحدة فقط.
ومع عودة قوة التفتيش، الأحد الماضي، صعّد عدد كبير من السجناء احتجاجهم بالامتناع عن استلام طعام السجن الرسمي مع استمرار الهتاف والطرق على الأبواب.
وأوضح المصدر الحقوقي أن السجناء يطالبون بعودة التريض وفتح الكانتين والعيادات، والسماح باستخدام الأموال المودعة في الأمانات، وعودة المتعلقات الشخصية التي جرى مصادرتها من الزنازين، بالإضافة إلى حضور النيابة للسجن للاستماع إلى السجناء وتوقيع الكشف الطبي على السجينين في عنبر التأديب ومحاسبة المسؤولين عن الاعتداء عليهما.
فيما قال المصدر الآخر إن إجراءات شبيهة أتخذت من قبل، غير أنها لم تكن بنفس القسوة، فقد أُغلقت العنابر لعدة أيام بعد وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي في محبسه في يونيو 2019، وكذلك مُنع التريض لمدة يوم عقب وفاة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عصام العريان في أغسطس الماضي، كما مُنع التريض أيضًا يوم 20 سبتمبر الماضي بالتزامن مع دعوة المقاول محمد علي للتظاهر.
(مدى مصر).