كتب الإعلامي والمذيع المصري «أسامة جاويش» مقالًا جديدًا نشره موقع «عربي 21»، حول القضية الجدلية في بريطانيا بعد استقالة الإعلامي البريطاني الشهير «بيرس مورجان»، وعلاقة ذلك بالإعلام المصري.
وتاليًا نص المقال كاملًا:
صدم الإعلامي البريطاني الأشهر «بيرس مورجان» متابعي برنامجه صباح الخير بريطانيا على قناة «آي تي في» هذا الأسبوع، بإعلانه الاستقالة من تقديم البرنامج الأكثر شهرة في بريطانيا بعد عمله مقدما لهذا البرنامج خلال الأعوام الستة السابقة.
استقالة مورجان جاءت بعد أيام قليلة من تعليقاته الناقدة للمقابلة الصادمة التي أجرتها ميجان ماركل، زوجة الأمير هاري، مع الإعلامية الأشهر عالميا أوبرا وينفري على قناة “سي بي اس” الأمريكية مطلع الأسبوع الماضي.
«أنا لا أصدق كلمة واحدة مما قالته ميجان».. كانت هذه العبارة أشبه بالقشة التي قسمت ظهر البعير وأوصلت رحلة مورجان في البرنامج الأشهر في بريطانيا إلى نهايتها، لأن الرجل ببساطة قد شكك في رواية ميجان بخصوص محاولتها الانتحار ودخولها في أزمة نفسية حادة، وهي مشاكل لا يمكن أن يتعامل معها المجتمع البريطاني وخاصة الإعلامي منه بهذا القدر من الاستخفاف أو الانتقاد والتكذيب كما فعل مورجان.
إمبراطورية مورجان وشعبيته انهارت في ساعات قليلة، فقد أحرجه المذيع المساعد وزميله في تقديم بعض فقرات البرنامج، أليكس بريسفورد، على الهواء مباشرة عندما ذكره بعلاقته العاطفية مع ميجان قبل ارتباطها بالأمير هاري وبأنها تركته وهذا حقها، ولكنها سكتت ولم تهاجمه على عكس ما فعله مورجان من مهاجمتها والتقليل من شأنها أكثر من مرة، ليقدم بيرس مورجان على أسوأ لقطة يمكن أن يفعلها مذيع تلفزيوني على الهواء مباشرة، عندما قرر القيام من مقعده وترك الأستديو أثناء تحدث زميله، في لقطة متعالية وغير مهنية على الإطلاق.
في خلال يوم واحد فقط أعلنت هيئة تنظيم الإعلام في بريطانيا “الأوفكوم” عن فتحها تحقيق في شكاوى عديدة وصلتها في أقل من أربع وعشرين ساعة، وتجاوزت واحدا وأربعين ألف شكوى ضد بيرس مورجان تتهمه بإبداء رأيه الشخصي في قضية عامة، وتكذيب ميجان ماركل في شكواها بخصوص المشاكل النفسية ومحاولة الانتحار. النتيجة كانت حتمية، استقال مورجان ولم ينتظر نتيجة التحقيق، أو حتى أكون صريحا لم ينتظر الرجل أن تتم إقالته من قبل قناة “آي تي في، وقد كان أمرا متوقعا حدوثه.
بعد استقالته بساعات نشر مورجان أن حلقته الأخيرة في البرنامج قد تجاوزت نسبة مشاهدتها للمرة الأولى في التاريخ نسبة مشاهدة البرنامج الصباحي في قناة “بي بي سي”، وهذا كان هدفه الأول منذ انضمامه لطاقم البرنامج منذ ست سنوات. اللافت أن عريضة الكترونية جمعت ما يقارب ربع مليون توقيع وفقا لما نشره موقع ديلي ميل البريطاني، طالبت بيرس مورجان بإعادة التفكير مرة أخرى في قرار الاستقالة والتفكير مجددا في العودة إلى البرنامج، وعلق هو قائلا: لا لن أعود ولكن شكرا لكم.
اللافت للنظر أن استقالة أو إقالة مورجان من برنامجه ليس لها علاقة بماهية أو مركز الشخص الذي انتقده، الأمر لم يتعلق أبدا بأنه كذّب ميجان ماركل، دوقة مقاطعة ساسكس وزوجة الأمير هاري، الأمر يتعلق بمخالفته قواعد مهنية تنظمها هيئة الأوفكوم في بريطانيا وتمنع الإعلامي من إبداء رأيه الشخصي أو تكذيب هذا الشخص أو ذاك. واللافت أيضا أن قواعد الأوفكوم تسري على جميع العاملين في الإعلام البريطاني أيا كانت شهرة هذا المذيع أو نسبة مشاهدته أو القناة التي يعمل فيها، الكل سواء والكل يحترم القواعد، ومن لا يفعل فلا مكان له أمام الكاميرات.
حادثة بيرس مورجان ذكرتني بحال الإعلام في مصر في سنوات السيسي العجاف، فالأفكوم في مصر ليست هيئة تنظم الإعلام ولكنها تتمثل في هيئة شخصين اثنين لا ثالث لهما؛ هما اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة ومساعده العقيد أحمد شعبان، وبينهما تجد رسائل هاتف السامسونج، وتعليمات الأذرع الإعلامية.
في الإعلام المصري مثلا يخرج محمد الباز ليحرض على قتل المعارضين بأسمائهم وأماكنهم ولا يحاسبه أحد، ويخرج أحمد موسى ليحرض على قتل المصريين في الشوارع والميادين ويعرض صورا جنسية لأحد المعارضين من داخل غرفة نومه، ثم يستمر في تقديم برنامجه دون حسيب أو رقيب.
على بيرس مورجان إن إراد انتقاد ميجان ماركل وتصفية حساباته معها أن يرفع سماعة الهاتف ويتصل بتركي آل شيخ، ليجد له مكانا بجوار عمرو أديب أو ربما بديلا عنه في إحدى قنواته السعودية، أو ربما كان الأسهل على مورجان أن يتصل بعباس كامل ليفتح له قناة خاصة يسب فيها من شاء ويكذب فيها من شاء، ولن يضطر عندها لا لتقديم استقالة أو لترك برنامج، وإنما سيجد عبد الفتاح السيسي ضيفا دائما عنده في البرنامج.