قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، إن المدّ البحري الناجم عن القمر، كان من أقوى العوامل التي ساعدت في تعويم السفينة التي جنحت 6 أيام داخل قناة السويس، فيما ساعدت قاطرتان كبيرتان من هولندا واليابان مع الفرق المصرية في تعديل مسارها.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمه موقع «عربي 21» أن الكميات الهائلة من الرمال التي تم تجريفها، ساعدت قليلًا لكن المساعدة الأبرز كانت باكتمال القمر وارتفاع المدّ، خاصة أن الاعتقاد ساد بوجود صخرة كبيرة أسفل مقدمة السفينة وهو التخوف الذي كان يتطلب مزيدًا من الحفر.
وفي ما يلي التقرير كاملًا:
في النهاية انفرجت الأمور بفضل قاربي قطر قويين وقوة أعظم منهما، إنه المد الذي بلغ أعلى مدى له منذ شهرين مع اكتمال البدر. تعاضد الثلاثة معاً لينجزوا عملية تحرير سفينة إيفر غيفين.
واجهت العملية التي استغرقت أسبوعاً كاملاً في قناة السويس مشقة في تحقيق تقدم يذكر وظن الكثيرون أنها قد تمتد لأسابيع قادمة إلى أن تحالفت الطبيعة يوم الأحد مع الآليات اللوجستية، وذلك بحسب ما صرح به مدير وحدة الإنقاذ الهولندية التي ساعدت في الإشراف على العملية، والذي زود وسائل الإعلام في هولندا بأشمل تقرير حتى الآن حول المهمة.
على مدى خمسة أيام بلياليهن، استمر فريق من العمال المصريين والهولنديين واليابانيين في تجريف كميات هائلة من الرمل وحاولوا سحب السفينة وتحريرها باستخدام ما يزيد عن عشرة من قوارب القطر العادية.
في مقابلة مع الإذاعة الهولندية “إن بيه أو راديو 1″، قال بيتر بيرداوسكي المدير التنفيذي لشركة بوسكاليس: “كنا باستمرار نعتقد بأن ما كان يحدث حتى تلك اللحظة لربما ساعد قليلاً ولكنه بالتأكيد لم يكن كافياً.”
كانت القاطرات المتواجدة في الجوار قليلة – الطرف العلوي للبحر الأحمر تسوده في العادة بيئة هادئة – ومع انسداد القناة، كانوا بحاجة لأن يأتوا من الطرف الجنوبي، الأمر الذي يقلص الخيارات المتاحة.
صباح الأحد، وصل القارب الأول، آلب غارد الذي لديه القدرة على سحب 285 طناً مترياً – أي 75 بالمائة أكثر من كل أسطول القناة من قوارب القطر. ساعد التجريف الذي قامت به الطواقم بما في ذلك السفينة المصرية مشهور في نقل 30 ألف متر مكعب من الرمل على مدى الأسبوع الماضي. وفي ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين ساد شعور بالتفاؤل على ضفتي القناة، بما في ذلك في أوساط فريق شركة بوسكاليس وعددهم خمسة عشر شخصاً في الموقع.
قال بيرداوسكي: “كنت متأكداً بنسبة 70 بالمائة أن الأمر سيتم يوم الاثنين لأنها بدأت في التحرك قليلاً يوم الأحد. بدأت الأمور في التغير.”
مع شروق الشمس كانت مؤخرة السفينة – التي ظلت محشورة على مدى أسبوع على مسافة أربعة أمتار من الشاطئ – قد سُحبت حوالي 120 متراً إلى داخل القناة، وكانت تلك لحظة ابتهاج تعالت معها الصيحات ونداءات “الله أكبر”.
في مقابلة مع الصحيفة الهولندية هيت فينانشيل داغبلاد، قال بيرداوسكي إن تعويم مؤخرة السفينة منح فريق الإنقاذ “ذراعاً ضخمة تكاد تصل إلى 400 متر” للمساعدة في رفع الطرف الأمامي للسفينة، والذي كان مغروساً في طين ضفة القناة.
وصباح يوم الاثنين لاحت في الأفق سفينة قطر قوية ثانية، كارلو مانغو – وهو الاسم الإيطالي لملك الفرنجة شارلمان – وبدأت تعد نفسها للمشاركة بحلول الظهيرة في تخليص السفينة من محبسها.
كان المستشارون الهولنديون يقومون، أثناء العمل مع زملائهم المصريين، بإجراء الحسابات. قال بيرداوسكي: “كان دور بوسكاليس هو عمل الحسابات، جمع القيم. فعندما تحررت مؤخرة السفينة صباح يوم الإثنين، حسبنا أنه ينبغي علينا السماح بتوازن مائي قدره ألفا طن في الجهة الخلفية من أجل دفع مؤخرة السفينة إلى أسفل ورفع مقدمتها إلى أعلى. هذا هو نوع الحسابات التي نقوم بها، أي أن نحسب بالضبط الموضع الذي نحتاج لأن نربط فيه قوارب القطر، وفي أي اتجاه بالضبط ينبغي عليها أن تسحب، وفي أي وقت، وذلك حتى نستغل المد إلى أقصى درجة ممكنة … وهكذا.”
ارتفع المد عند الظهيرة ثم انحسر بحدة على مدى الساعات التالية، وكان بذلك يعمل كما لو كان يداً خفية تدفع طرف السفينة في أعلى المجرى، بينما تقوم قوارب القطر بالسحب من أسفل المجرى.
قال بيرداوسكي: “ساعدتنا بشكل كبير قوة المد. فأنت تتعامل مع قوة هي في الواقع أعظم من قوة القاطرتين مجتمعتين.”
وقال في لقائه مع الصحيفة: “بالطبع لا مفر من أن تتعاون التربة أيضاً. كانت هناك تقارير تتحدث عن احتمال وجود صخرة في الأسفل، ولكن تبين أن ذلك لم يكن صحيحاً.”
في حوالي الثالثة من عصر يوم الاثنين، تم تعويم مقدمة السفينة، فانتهت بذلك العملية التي كان من الممكن أن تستمر لأسابيع وتكلف التجارة العالمية خسائر تتراوح ما بين ستة وعشرة مليارات دولار في اليوم الواحد.
قال بيرداوسكي: “لم نكن مضطرين إلى إزالة المزيد من الرمال. كانت تلك هي الخطة باء، وكنا على استعداد لذلك، وكذلك للخطة جيم، والتي كانت تعني البدء بتنزيل الحاويات. ولكننا كنا نأمل أن تنجح الخطة ألف.. وهذا ما حصل فعلاً.”
جرت في مصر احتفالات واسعة النطاق بنجاح المهمة، بما في ذلك من قبل طاقم السفينة مشهور.
قال بيرداوسكي: “كان علينا الانتظار خمسة أيام حتى يتوفر لدينا ذلك النوع من السفن القادرة على إنجاز المهمة. وكنا نعلم أنه ما كان بإمكاننا إنجاز شيء قبل تلك اللحظة… وبمجرد أن وصلتا إلى هنا، انتهينا في يوم واحد.”
بعد أن ساهموا في استئناف حركة ما يزيد عن عشر التجارة العالمية، لم تكن لدى أعضاء فريق بوسكاليس خطط للبقاء في مصر، فرتبوا للمغادرة جواً يوم الاثنين. قال بيرداوسكي إن سفينة إيفرغيفين كانت فقط السفينة الأبرز والأعلى قيمة التي تقع في مشكلة خلال الأسبوع المنصرم، وأضاف: “هناك خمس مهام أخرى في انتظارنا”.