حدد وزير المياه والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، ارتفاعا مستهدفا لمنسوب الملء الثاني لسد “النهضة” بالمياه أقل مما أعلنه قبل 4 أشهر.
قال بيكيلي إن السد، الذي سيبدأ ملئه الثاني في 22 يوليو المقبل، وسيكون ارتفاعه مع التعبئة الثانية 573 مترا، بحسب تلفزيون “فانا” الإثيوبي (رسمي) عبر صفحته بـ”فيسبوك”.
ويمثل هذا الارتفاع “تراجعا جزئيا” عن المستهدف من طرف أديس أبابا بشأن الملء الثاني للسد، في يوليو وأغسطس المقبلين، وهو موضع خلاف مع دولتي المصب، مصر والسودان.
ففي 4 فبراير الماضي، قال بيكيلي إن “الملء الثاني للسد سيكون حتى 595 مترا”، متوقعا إضافة 13.4 مليار متر مكعب لكمية مياه الملء الأول، وهي 4.9 مليارات متر مكعب، وفق الموقع الإلكتروني لتلفزيون “فانا”.
وترفض القاهرة والخرطوم بدء الملء الثاني للسد قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي، للحفاظ على منشآتهما المائية وضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار للسودان.
ووصفت وسائل إعلام مصرية التغيير المستهدف لارتفاع الملء الثاني بأنه “تراجع”، مع تناول حذر لتصريح بيكيلي. بينما لم يصدر تعقيب رسمي من القاهرة.
والجمعة، بدأت وسائل إعلام مصرية، بينها الموقع الإلكتروني لصحيفة “البوابة” (خاصة)، تغطية احتفائية، عبر عناوين بينها: “سد النهضة.. إثيوبيا تتراجع عن تنفيذ الملء الثاني كاملا”.
ولم تعلن أديس أبابا عن كمية المياه التي ستتراجع عن تخزينها في الملء الثاني، بناء على تقدير بيكيلي لمنسوبه.
واعتبر وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، عبر صفحته بـ”فيسبوك”، أن “التراجع الإثيوبي عن تعلية الجزء الأوسط من السد إلى منسوب 573 بدلا من 595 مترا (..) السبيل الوحيد لاحتمال تجنب المواجهة مع مصر والسودان”.
وتحت عنوان “فشل إتمام الملء الثاني لسد النهضة.. 3 خبراء يوضحون الأسباب”، تناولت صحيفة “المصري اليوم” (خاصة)، السبت، إعلان بيكيلي بلغة احتفائية.
والأحد، نشرت صحيفة “أخبار اليوم” (مملوكة للدولة) تقريرا احتفائيا عبر موقعها الإلكتروني، بعنوان “إثيوبيا تتعثر أمام خطوط مصر الحمراء في أزمة السد”.
ورأت أن هذا “التراجع الإثيوبي نتيجة صلابة وقوة الدولة المصرية”.
وفي أقوى تهديد لأديس أبابا منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات، قال المصري عبد الفتاح السيسي، في 30 مارس الماضي، إن “مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.
لكن حالة الاحتفاء المصرية بتصريح بيكيلي جاءت مصحوبة بحذر، أعرب عنه الكاتب محمد سعد عبد الحفيظ، في مقال بصحيفة الشروق (خاصة)، تحت عنوان “سد النهضة.. احذروا الفخ الإثيوبي”.
وقال عبد الحفيظ إن “تصريحات بيكيلي أثارت جدلا بين الخبراء والمراقبين، وبعض المتفائلين فسروها على أنها إعلان تراجع نتيجة ضغوط (..) أما بعض المتشائمين، وأنا منهم، يتخوفون من الوقوع مجددا في الفخ الإثيوبي”.
وأضاف: “يخشى هؤلاء المتشائمون من مناورة إثيوبية تهدف لتخفيف الضغوط الإقليمية، وجر مصر والسودان مرة أخرى لمتاهة المفاوضات، ومع تراجع الضغوط تنتهز الفرصة وتُكمل ما بدأت”.
وعلى خط الحذر، نشرت “أخبار اليوم”، الإثنين، تقريرا جديدا بعنوان: “دبلوماسيون: مصر أجبرت إثيوبيا على التراجع عن تعلية السد المضرة بدولتي المصب”.
ونقل التقرير عن السفير إبراهيم الشويمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قوله: “مصر لا تعول على إعلان إثيوبي بشأن الرفع لـ573م فقط، لأنها متضاربة، ولم تُرسل لمصر في بيان رسمي”.
ورأى محمد نصر علام، في هذا التقرير، أن أديس أبابا “لن تستطيع خداع مصر خاصة أن الأجهزة المعنية تراقب عن قرب جميع التحركات الإثيوبية على أرض الواقع”.
وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصر والسودان، وتسعى إلى الاستفادة من السد في توليد الكهرباء لأغراض التنمية، وتحمل البلدين مسؤولية “عرقلة المفاوضات”.
بينما تنفي مصر والسودان صحة تلك الاتهامات، ويؤكدان تمسكهما بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي بشأن ملء وتشغيل السد، الواقع على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.