تواصلت الاحتجاجات في السودان، صباح الثلاثاء، تنديدًا بقرارات اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ضد الحكومة الانتقالية، ويعتبرها الرافضون «انقلابًا عسكريًا».
فيما جددت أحزاب ومنظمات وتجمعات نقابية دعواتها إلى العصيان المدني والتظاهر، رفضًا لخطوة قائد الجيش، وللمطالبة باستعادة الحكومة الانتقالية المدنية، وتحقيق مطالب الثورة الشعبية.
والإثنين، أعلن البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.
وبرر قراراته بالقول، في خطاب متلفز، بأن «التحريض على الفوضى من قوى سياسية دفع المكون العسكري للقيام بما يحفظ السودان»، معتبرًا أن «ما تمر به البلاد أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا».
- احتجاجات متواصلة
ونقلت صفحات نشطاء ووسائل إعلام سودانية على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تقنية البث المباشر، مشاهد لتظاهر مئات السودانيين في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم وبقية ولايات البلاد.
ورفع المتظاهرون العلم السوداني، ورددوا هتافات تطالب بالحكم المدني، وإلغاء قرارات قائد الجيش الأخيرة، وعودة حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
ومن الهتافات التي رددها المتظاهرون: “الشعب شعب أقوى والردة مستحيلة”، و”مدنية وبس”، و”ثورة ثورة”، و”ثوار أحرار حنكمل المشوار”.
كما أشعل المشاركون إطارات السيارات وقطعوا بها طرقات رئيسية في الخرطوم، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء ووسائل إعلام.
وكان لافتا المشاركة بأعداد كبيرة للنساء والأطفال في الاحتجاجات التي خرجت في الخرطوم بوقت مبكر من صباح الثلاثاء.
وأطلقت النساء الزغاريد مع كل دفعة من المتظاهرين تنضم للاحتجاجات، كما رددن أناشيد وأغان وطنية تدعو كلماتها إلى “إشعال ثورة”.
وقطع المتظاهرون بالمتاريس (حواجز) شوارع رئيسية في الخرطوم ومدن أخرى بالسودان، لمنع مركبات قوات الجيش من عبور هذه الشوارع.
وظهر أحد المحتجين في بث مباشر نقلته حسابات نشطاء، وهو يلقي كلمة أثناء التظاهرات قال فيها، إننا “رجالا ونساء نرفض الاحتيال على الديمقراطية والمدنية”.
وأضاف: “أي كان المسميات وأي كان المبررات الموت دون هذا الاحتيال، والشعب جاهز لحماية الديمقراطية”.
وبالتزامن تواصلت دعوات أحزاب وقوى وتجمعات نقابية إلى العصيان المدني والخروج بتظاهرات رفضا ما وصفته بـ”الانقلاب العسكري”.
- دعوات للعصيان المدني
ونقل حساب “تجمع المهنيين السودانيين” على “تويتر” جانبا من تظاهرات الخرطوم، وكتب في تغريدة: “جماهير الشعب السوداني ترفض وتقاوم الانقلاب العسكري. تظاهرات وإغلاق الشوارع الرئيسية بالمتاريس والدعوة للعصيان المدني الشامل”.
من جانبه، دعا “حزب الأمة” القومي الشعب السوداني، إلى “الخروج للشوارع دفاعا عن الديمقراطية”.
وقال رئيس القطاع الاقتصادي للحزب، إبراهيم البدوي، عبر صفحة الحزب على فيسبوك، إننا “ندين الانقلاب العسكري وندعو الجماهير للخروج إلى الشوارع دفاعا عن الديمقراطية مع الالتزام بالسلمية”.
وجدد الحزب الشيوعي السوداني رفضه لـ”الانقلاب العسكري” ، مطالبا السودانيين بـ “الخروج للشوارع وكسر قانون الطوارئ”.
وقال الحزب، في بيان على تويتر، إن “هذا الانقلاب مرفوضًا تمامًا من قبل جماهير الشعب السوداني التي قالت كلمتها ولقد نزلت تلقائيًا إلى الشوارع منذ الصباح الباكر”.
وأضاف: “إننا في الحزب الشيوعي السوداني نناشد جميع جماهير الشعب السوداني وقوى الثورة الخروج إلى الشارع وكسر قانون الطوارئ”.
في السياق ذاته، أعلن تجمع العاملين في قطاع النفط، عن “العصيان المدني في كافة قطاعات النفط والغاز”.
وقال التجمع، في بيان: “نعلن عن عصياننا المدني في كافة قطاعات النفط والغاز حتى تعود الأمور إلى نصابها ويتم تسليم مقاليد الحكم والدولة للمكون المدني”.
وأكمل: “تابعنا جميعا بغضب واستنكار تداعيات الأحداث في الساعات الماضية وما آلت إليه الأمور بالتفاف وانقلاب قيادات المكون العسكري الحالي ومن وراءهم على مكتسبات الثورة السودانية الشعبية”.
وأضاف البيان: “نحن هنا في تجمع العاملين في قطاع النفط نعلن إدانتنا ورفضنا القاطع لهذا الانقلاب الصريح على الدولة المدنية ودولة القانون”.
كما أعلنت اللجنة التسييرية لنقابة العاملين بضرائب ولاية الخرطوم، في بيان، الدخول في “إضراب وعصيان مدني اعتبارا من اليوم الثلاثاء، وحتى إشعار آخر رفضا للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية”.
موظفي بنك السودان المركزي أعلنوا كذلك، في منشور عبر حساب وزارة الإعلام بالحكومة السودانية المحلولة، “الدخول الفوري في إضراب وعصيان مدني، رفضا للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية”.
وقبل إعلان قائد الجيش عن حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ، الإثنين، نفذت السلطات سلسلة اعتقالات شملت رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، ووزراء ومسؤولين وقيادات حزبية.
وأدانت دول ومنظمات إقليمية ودولية قرارات البرهان، ودعت إلى الهدوء وعدم التصعيد والالتزام بخارطة المرحلة الانتقالية.
وقبل إجراءات اليوم، كان السودان يعيش، منذ 21 أغسطس/ آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
وبدأت هذه الفترة الانتقالية عقب عزل الجيش، في 11 أبريل/ نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في 1989.