بعد 48 ساعة من عمر اخطر اللحظات في تأريخ الأمة المصرية ، وبمشهد حاشد من المتظاهرين في مدن ومحافظات مصر ، ما بين تظاهرات جمعة "حلم الشهيد" المعارضة للرئيس وإعلانه الدستوري ، وأخري مؤيده له في سبت دعم "الشرعية والشريعة" لتأييد قرارات الرئيس، تنجلي قوة الطرفين في الميزان.
خلال اليومين ظهرت بشدة معركة تكسير العظام في حشد أكبر عدد ممكن ، يصدر من خلاله المتظاهرين –أنصار كل طرف- قوتهم وقوة الشارع خلفهم ، ورفض الشارع أو تأييده لما اتخذه مرسي من قرارات، حيث كان الرئيس قد أصدر إعلان دستوري جديد تم موجبه إقالة النائب العام ، وحصن به مرسي قراراته ضد الطعن ، وحسن الجمعية التأسيسية للدستور، ومجلس الشورى.
(معارضة) سقف عالي وحشد ضعيف
لم تتمكن المعارضة المصرية من تحقيق حلمها الجمعة بحشد "مليونية" للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي، فقد كان الزخم الذي شهدته تجمعاتها أقل من المتوقع بكثير، بل إنه جاء أقل مما شهدته مظاهرات الثلاثاء الماضي في مدن القاهرة والإسكندرية والمحلة.
ورغم الاستعدادات الحثيثة لهذا اليوم فإن ما جمعه ميدان التحرير في القاهرة اقتصر على الآلاف ولا يمكن عدهم بعشرات الآلاف بأي حال.
وفي المحلة كان عدد المتظاهرين محدودا، فبينما تحدثت مصادر المعارضة عن تظاهر الآلاف هناك، إلا أن مراسل الجزيرة في المحلة أكد إنهم لا يتجاوزون 1500.
والأمر نفسه تكرر في الإسكندرية، حيث تظاهر المئات من المعارضين في ميدان القائد إبراهيم، في مقابل مظاهرة لمؤيدي مرسي في ميدان سيدي جابر ضمت الآلاف وفقا لمراسل الجزيرة.
وقد توقعت المعارضة حشد عدد أكبر بالنظر إلى أن الجمعة هو يوم عطلة، وسعت إلى إعطائه زخما كبيرا بمشاركة رؤوس المعارضة الكبار مثل حمدين صباحي وعمرو موسى ومحمد البرادعي الذين حضروا للميدان وتحدثوا في المتظاهرين خلافا لما كان عليه الحال الثلاثاء الماضي.
شعارات مرتفعة
رفع متظاهرو المعارضة شعارات مرتفعة السقف كثيرا، وتضمنت هذه الشعارات القليل من المطالب بإلغاء الإعلان الدستوري وحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور والكثير من المطالب برحيل "حكم المرشد" وسقوط "الاحتلال الإخواني" وتشبيه مرسي بهتلر أو موسوليني أو مبارك، وتشبيه مرشد الإخوان محمد بديع بمرشد جمهورية إيران، وتخوين الإخوان واتهامهم بسرقة مصر والعمالة للصهيونية وأكثر من ذلك بكثير.
ورغم ذلك ما زال كل المسؤولين في المعارضة يؤكدون أن سقف مطالباتهم حتى الآن هو إلغاء الإعلان الدستوري وحل الجمعية التأسيسية وليس منها إسقاط مرسي.
مؤيدي الرئيس وصناعة الفرق
فيما يعتبر مفارقة علي المشهد السياسي المصري منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ، والذي أعتاد فيه المصريين علي الخروج والتظاهر في وجه الحاكم ، مثلما خرج المصرين ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك وكذلك ضد المجلس العسكري الحاكم الذي تولي الفترة الانتقالية بمصر ، نجد أن مؤيدي الرئيس مرسي صنعوا الفرق بالتظاهر بملايين تفوق معارضي مرسي.
حيث شهد محيط جامعة القاهرة والشوارع المحيطة حتى مساء أمس احتشاد أكثر من مليون مصري لتأييد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي الشهر الماضي، ولمشروع الدستور الجديد الذي أعلن الاستفتاء عليه في 15 ديسمبر الحالي..
وتوافد مئات الآلاف من أنصار حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي وقوى سياسية إلى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة استجابة للتظاهر تحت شعار "مليونية الشرعية والشريعة". وقدم المتظاهرون من محافظات عدة وامتلأت بهم الشوارع أمام جامعة القاهرة وصولا إلى ميدان الجيزة وإلى كوبري الجامعة.
مليونيتان و ليست واحدة
كما شهدت الإسكندرية مظاهرات مؤيدة للإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد. ووقعت في ساحة مسجد القائد إبراهيم مواجهات خفيفة بين مؤيدي الرئيس المصري وعدد من معارضيه الذين تجمعوا بأعداد أقل.
وأعلن حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين أن "القوى الإسلامية والوطنية والثورية تنظم مليونيتين لإعلان تأييدها ودعمها للشرعية ولهوية الأمة ولرئيس الدولة المنتخب بإرادة شعبية".
وقد توافدت الحشود المشاركة في المليونية الأولى على ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، ومن ثم انضمت لها مسيرات أخرى انطلقت من أماكن مختلفة. وفي المساء نظمت الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية وأنصار السنة المحمدية وأحزاب الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية مليونية ثانية تحمل عنوان "دعم الشرعية والشريعة" بساحة مسجد عمر مكرم بأسيوط بمشاركة محافظات أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد.
رفعت أمام جامعة القاهرة لافتتان كبيرتان كتب عليهما "الشعب يريد تطبيق شرع الله" و"الشعب يؤيد قرارات الرئيس" وسط هتافات منها "الشعب قال قراره والشريعة اختياره" و"الشعب يريد تطهير الإعلام" و"يلا يا مرسي اضرب تاني .. لسه الزند ولسه تهاني"، في إشارة إلى رئيس نادي قضاة مصر أحمد الزند والقاضية في المحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي اللذين يعدهما الإسلاميون خصمين رئيسيين لهم.
يشار أن الرئيس محمد مرسي قد دعا الشعب المصري للإستفتاء علي الدستور المصري الجديد في منتصف ديسمبر الجاري.