تعيش أوروبا تهديدات انقطاع الغاز الروسي خاصة بعد أن أعلنت مجموعة “غازبروم” الروسية، الجمعة، عن توقف عمل خط أنابيب “نورد ستريم” الحيوي لإمداد أوروبا بالغاز، “بالكامل”، حتى انتهاء إصلاح توربين فيه، بعدما كان من المقرر أن يعاود العمل السبت إثر عملية الصيانة.
وأفادت غازبروم في بيان بأنها اكتشفت “تسرب زيت” في التوربين خلال عملية الصيانة وذكرت أنه “حتى إتمام الإصلاح… فإنه يعلّق نقل الغاز عبر نورد ستريم بالكامل”.
وكمثال بسيط لآثار تلك الأزمة أغلقت السلطات الألمانية أضواء المباني العامة والتماثيل والنصب التذكارية واللوحات مساء الخميس، في إطار تدابير توفير الطاقة.
وتتخذ الحكومة الألمانية سلسلة من الإجراءات لتوفير الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي المستورد من روسيا.
وقال مراسل الأناضول إن السلطات أغلقت الأضواء في إطار قرار اتخذته الحكومة الألمانية الفيدرالية مؤخرًا.
ومن المقرر أن يستمر الإغلاق في الفترة بين الساعة العاشرة مساء والسادسة صباحًا. وتقتصر الإضاءة على أعمدة الإنارة في الشوارع.
ويحظر قرار الحكومة تدفئة المباني العامة فوق 19 درجة مئوية، باستثناء المستشفيات، القرار الروسي جاء بعد ساعات من موافقة مجموعة الدول السبع على حد أقصى لسعر النفط الخام الروسي، في ظل حرب اقتصادية بين الغرب وموسكو بالتوازي مع الصراع العسكري في أوكرانيا، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وحذر الخبراء من النقص الحاد في الطاقة في فصل الشتاء بأوروبا والذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وعليه فإن دول أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي خصوصا بعد تزايد إغلاق أنابيب الغاز القادمة من روسيا.
والثلاثاء، بحث رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، مع المستشار الألماني أولاف شولتس، الأمن القومي وسبل التعامل مع أزمة الطاقة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي وإيجاد بدائل للغاز الروسي.
وقال سانشيز، في مؤتمر صفحي عقد في برلين، إن “إسبانيا مستعدة لاستخدام كل قدراتها لمساعدة دول مثل ألمانيا، التي تعاني أكثر من ابتزاز (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين للطاقة”.
في العادة تزود روسيا أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب، وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.
وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية، وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق البلاد.
وتشمل الطرق البديلة إلى أوروبا، والتي لا تمر عبر أوكرانيا، خط الأنابيب “يامال-أوروبا”، الذي يمر عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا.
وتبلغ طاقة خط “يامال-أوروبا” 33 مليار متر مكعب، أي نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعي الروسية لأوروبا.
ومنذ بداية العام الجاري تم عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا.
وفرضت موسكو عقوبات على مالك الجزء البولندي من الخط يامال-أوروبا. ومع ذلك، فقد قال وزير المناخ البولندي إن بإمكان بلاده أن تستخدم الخط دون عكس تدفق الغاز في الخط، وفقا لـ”رويترز”.
الخيارات المتاحة أمام أوروبا؟
بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية.
وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، هذا الأسبوع، إن البلاد لا يمكنها الاعتماد على نورد ستريم خلال فصل الشتاء، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.
وتعمل النرويج، التي تعد ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه المتمثل في إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة، ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسي ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.
وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام، ولدى محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قدرة محدودة أيضا على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين.
وألمانيا من بين أولئك الذين يرغبون في بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخطط لبناء اثنتين في غضون عامين فقط، وقالت بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا.
وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في أكتوبر، وتم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي، وفقا لـ”رويترز”.
من المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في جلسة طارئة في بروكسل، الجمعة المقبل، لمواصلة مناقشة استعداداتهم لفصل الشتاء، بما في ذلك سبل التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الغاز على تكاليف الكهرباء.
ويمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء إلى واردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
واتفق وزراء الطاقة على أنه يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من أغسطس إلى مارس، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.