يصاب الإنسان بالأسى كلما تابع أوضاع الدول في العالم الإسلامي. نعيش صعوبة في فهم السلطات والحكومات وطبيعة الشعوب وبنية المجتمع والقضايا الداخلية لكل دولة. فبينما تحاول الشعوب أن تصل للحرية بدمائها وأروحها نرى سلطات أخرى تهب لسياسات القمع والإرهاب ضد شعوبها؛ غير مستفيدة من دروس الربيع العربي.
منع الشيخ يوسف القرضاوي وغيره من الأسماء المعروفة في العالم الإسلامي من دخول الإمارات؛ ووضعت كثير من أسماء الناشطين ومسؤولي منظمات المجتمع المدني على القوائم السوداء ولا يستطيعوا أن يدخلوا إلى الإمارات إطلاقاً؛ ومع مقتل القيادي في حماس محمود المبحوح في إحدى فنادق دبي على يد العملاء الإسرائيليين اتجهت العيون إلى الإمارات وخلقت في أذهان الكثيرين علامات استفهام مختلفة.
منذ بدء الثورة السورية حتى الآن طردت الكثير من العائلات المقيمة في الإمارات من السوريين من الذين نشطوا لدعم إخوانهم الثائرين . أغلقت في الإمارات الكثير من منظمات حقوق الإنسان والمراكز البحثية.
تمثل حركة الإصلاح الإماراتية الامتداد الفكر لجماعة الإخوان المسلمين العالمية. أسست حركة الإصلاح عام 1974؛ وكانت تهدف كمثيلتها من الحركات الإصلاحية في العصر الحديث إلى نشر الوعي الإسلامي بين الناس وتربية أجيال جديدة من الشباب القادر على حمل مسؤولية الأوطان. للحركة دور كبير على المستوى المجتمعي والثقافي في الإمارات؛ وكذلك أعمالها الخيرية التي لها دور كبير في أفريقياً والتي يستمر البعض منها حتى الآن. استمر عمل الحركة من عام 1974 حتى أوائل التسعينات؛ بعدها بدأت تعيش مرحلة جديدة من التضييق والصراع مع الحكومة بسب التضييق الغير مبرر والغير المعتاد عليها.
بعد عام 1994 بدأت الحركة مرحلة جديد حيث أغلقت بعض جمعياتها ومنعت من العمل, وحاولت الحركة خوض حرب حقوقية لكن دون فائدة, وقلت أنشطة الحركة في المجتمع بسبب هذه التضييق.
ازداد الضغط على حركة الإصلاح تزامناً مع رياح الربيع الحركي حيث أعتقل رئيس الحركة الشيخ القاسمي وبدأت السلطات الإماراتية حرباً مفتوحة على الحركة.
أعتقل حتى الآن ما يقرب من 70 شخص من قيادات الحركة بالإضافة بعض الناشطين في الدولة؛ وحتى من الجنسيات الغير إماراتية قد حبس الكثير؛ وهناك أشخاص لا يعرف أماكنها والحيثيات الحقوقية للقبض على هؤلاء الأشخاص بالية. تشير التقارير وعائلات المسجونين أنعم يتعرضوا لإيذاء شديد وحتى وصل إلى التعذيب الشخصي. ويعيش أكثرهم مشاكل صحية؛ حيث أن غالبيتهم من المرموقين والمعروفين في المجتمع الإماراتي ولهم دور كبير في الأوساط العلمية والأكاديمية وحتى السياسية؛ فاغلبهم من المشايخ والعلماء والأكاديميين ودبلوماسيين قدامى وكذلك عدد من الشباب الناشطين.
استنكرت حركة الإصلاح في أكثر من بيان لها فيما وجه لأفرادها من تُهم كقلب نظام الحكم او تكوين مجموعات مسلحة للانقلاب على النظام الإماراتي. وأنها ليس من أبجديات الحركة التي أخذت النضال السلمي والإصلاح المجتمعي أساساً ومنهجاً في عملها. تُذكر هذه الاتهامات الواهية بخمسينات مصر حيث وجهت نفس هذه الاتهامات للإخوان وأعدم رجالها. وهلك من أعدمهم وبقى الإخوان بل ووصلوا إلى السلطة دون أن يريقوا دم نفس بريئة والتي لطالما اتهموا بمثل هذه التهم وهم منها براء.
تعيش عوائل المسجونين من قيادات الإصلاح حراكاً حقوقياً؛ طالبت بعض دول الخليج كذلك السلطات الإماراتية بالعفو عن المسجونين وكذلك إصدار بعض التقارير الحقوقية من الاتحاد الأوربي تحذر الإمارات من تدهور أوضاع حقوق الإنسان فيها.
ما يعيشه العالم العربي من حراك ألقى بظلاله على دولة الإمارات كلنه كان تأثيراً عكسياً حيث ثارت السلطة على الناشطين. ولاشك ان للربيع العربي سبباً كبيراً في مثل هذه التحركات ضد العاملين في الحقل المجتمعي والسياسي. وهناك عوامل كثيرة تقف وراء هذه التصرفات ضد الحركة.
أحمد يوسف – كاتب مصري