أزمة طلعت عبد الله
فى12 من ديسمبر قرر نادي القضاة تعليق العمل بالنيابيات بجميع إنحاء البلاد مطالباً بإقالة النائب العام الحالي على أثر قرار النائب العام طلعت عبد الله بنقل المستشار مصطفى خاطر -المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة لمحافظة بني سويف- بسبب افراجه على المتهمين في أحداث قصر الاتحادية الرئاسي لعدم ثبوت الأدلة، ليتراجع النائب عن قراره فى اليوم التالي، ويمكن الاشارة هنا أنه في يوم 11 ديسمبر كشف عدد من القضاة وهم المستشار عزت عجوة رئيس نادي قضاة الأسكندرية، والمستشار عبد الستار إمام رئيس نادي قضاة المنوفية والمستشار أحمد الأحول رئيس نادي قضاة كفر الشيخ والمستشار عزت خميس رئيس محكمة جنوب القاهرة اجتمعوا مع رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني لتنظيم مقابلة بين الرئيس والزند للتفاوض حول الأزمة وعرض المصالحة مع الرئيس ،إلا أن الرئيس رفض.
و تصاعد الأمر في 17 ديسمبر بدخول أعضاء النيابة العامة، الذي ضم عدد من أبناء قضاة مثل ابن المستشار عبد المجيد محمود- النائب العام السابق، وابن المستشار أحمد الزند- رئيس نادي القضاة، في اعتصامٍ أمام مكتب النائب العام لحين تقديم الاخير استقالته فوراً.و في مساء نفس اليوم اعلن مكتب النائب العام عن تقديمه استقالته إلى مجلس القضاء الأعلى، وبعد يومين عدل عبد الله عن الاستقالة رافضًا الأسلوب الذى جاءت به .
يذكر أن عام 2005 شهد دخول قضاة تيار الاستقلال، برئاسة المستشار زكريا عبدالعزيز، و المستشار محمود الخضيري – نادي قضاة الإسكندرية – فى اعتصام تضامنا مع المستشارين هشام البسطويسى وأحمد مكى، الذين تم تحويلهم لمجلس تأديبية عقب حديثهم عن تزوير الانتخابات مجلس الشعب لصالح الحزب الوطنى، فى الوقت الذي صمت فيه الآخرين، كما سبقه مطالبة من رئيس نادى القضاة زكريا عبد العزيز فى 2001 بإصدار قانون للسلطة القضائية، ينص على ترشيح مجلس القضاء الأعلى للنائب العام، بدلا من تعيينه من رئيس الجمهورية، وعلى تبعية جهاز التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلى وليس وزارة العدل، بالإضافة إلى سحب صلاحية ندب وإعارة القضاة من يد وزارة العدل، التابعة للسلطة التنفيذية، والتي اعتبرها النادي وقتها تمس استقلال القضاة.
يأتى ذلك قى الوقت الذى تمت فيها انتخابات مجلس الشعب 2010 بعيد عن الاشراف القضائى دون ان يتدخل نادى القضاء ويعرب عن رفضه لسحب لصلاحيات القضاء،برئاسة المستشار أحمد الزند الذى عبر فى حوار تليفزيونى في عام 2010 تحت حكم الرئيس " أن شغلتي أوفر مصايف ورحلات حج وعمرة وأدوية للقضاة وليس لي اختصاص فني"، كما كان يحث أعضاء النادي بعمل توكيلات من أجل رفع دعاوى قضائية؛ للمطالبة بتعيين أبناء القضاة الحاصلين على تقدير "مقبول" للعمل في سلك القضاء.
المحكمة الدستورية
وتتزايد الإتهامات للمحكمه الدستورية العليا والدعوة لإقاله عدد من أعضائها ورغبه التيار الإسلامي بإقرار الدستور لتخرج الوجوه الغير مقبوله بالمحكمه ويأتي على رأسها المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية.
وتعددت الاتهامات للمستشارة تهاني الجبالي لتصبح هدفا لهجوم التيار الإسلامي على خلفيه التصريحات التي أبرزتها صحيفة نيويورك تايمز لها ، ذكرت فيها أنها كانت تسعى إلى إسقاط مجلس الشورى وإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 12 أغسطس وأطاح فيه بالمجلس العسكري.
وتطور الوضع للحد الذي يحاصر عدد من التيارات الإسلامية مقر المحكمه يوم نظر الدعاوى التي تطالب ببطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية،لترجأ المحكمة نظر الدعاوي ،ولم يفك الحصار إلا بعد إصدار نتيجه الاستفتاء على الدستور.
وبعد إقرار الدستور أقر التشكيل الجديد للمحكمه الدستورية ، حيث انتهت الجمعية العامة للمحكمة إلى أن المادة 233 بالدستور الجديد، التي تقضي بعودة القضاة المبعدين من تشكيل هيئة المحكمة إلى أماكنهم التي كانوا يعملون بها قبل انضمامهم لهيئة المحكمة تعني عودة 4 من أعضاء المحكمة إلى هيئة المفوضين بها، وعضو خامس إلى محكمة النقض والعضو السادس إلى محكمة استئناف القاهرة.
وأضاف بيان المحكمة، أنه بناء على ذلك، قررت الجمعية العامة للمحكمة الدستورية، إعادة كل من المستشارين رجب سليم، وحمدان فهمي، ومحمود غنيم، وحاتم بجاتو، نواب رئيس المحكمة الحاليين إلى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا حيث إنها آخر مكان عملوا به قبل انضمامهم لهيئة المحكمة.
وقررت أيضا إعادة المستشار الدكتور حسن البدراوي، إلى محكمة النقض ليعمل نائبًا لرئيس النقض، والمستشار بولس فهمي، إلى محكمة استئناف القاهرة، حيث أنهما آخر مكان عملًا به قبل التحاقهما بهيئة المحكمة الدستورية العليا.
ولم تتطرق المحكمة في بيانها إلى وضع المستشار تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة، لأنها ستخرج من القضاء لتعود إلى عملها السابق بالمحاماة.
في نفس السياق نفت المستشارة تهاني الجبالي- نائب رئيس المحكمة الدستورية- بأن المستشار البحيرى- رئيس المحكمة الدستورية العليا – رفض طلب بقائها في منصبها بديلا عن أحد القضاة المعارين لفترة 5سنوات ، لافتة أن كل ذلك محض كذب وافتراء، وأنها لم تتشبث بعضوية الدستورية العليا كما تناقلت ذلك بعض الصحف، وليس معني ذلك نكران الجميل للدستورية بل بالعكس الدستورية أعطتنا الكثير وهذا فخر لكل من انتمي للدستورية.
وأضافت الجبالي أثناء مداخلة تليفونية ببرنامج " العاشرة مساء" الذي يذاع علي قناة دريم 2 القضية ليست خاصة بتهاني الجبالي ولكن هناك 7 قضاة من الدستورية تم عزلهم ويبدو وان هناك خطة مدبرة لان هناك الكثير من الاختناقات التي تدبر الآن للقضاء المصري قائلة " القضاء الدستوري تعرض لهجوم لم يحدث له من 43 عام ".
وتابعت قائلة " أنا لا أعرف إلا دولة القانون وسنلجأ للقانون نفسه ليحمى حقوقي ويعيدني إلى منصبي مرة أخرى لان القانون هو حامى الجميع".
ومن خلال تتبع الصراع بين السلطة القضائية والتنفيذية وعرض مواقف الهيئات القضائية المختلفة، بدى لنا أن وجود عدد من أعضائه في السلطة التنفيذية لم يجعله يتنازل عن مطالبه المنادية باستقلال السلطة القضائية خلال عهد المخلوع، بل سعى لتطبيق جزء منها مثل الحال في التفتيش القضائي، كما جاء موقف البعض في بعض الأوقات متسقة مع السلطة التنفيذية ، ومصححة لها في أوقات آخري مثلما ظهر في الإعلان الدستوري الثاني.
وعلى الصعيد الآخر وجدنا أن تصعيد الآخرين ومبالغتهم في التعبير عن رفضهم للأوضاع التي تنتقص من استقلال القضاء في الوقت الذي كانوا يتجاهلوا فيه الحديث عن بطش النظام السابق بالقضاء، موقف يكشف عن تناقض غريب يشكك في الغاية التي تحركهم.
كما يثار سؤال هل كانت وسيلة الرئيس محمد مرسى في تطهير القضاء هي اجتذاب تيار الاستقلال في السلطة التنفيذية ، والقضائية وأن الصراع ليس صراع مع الرئيس بقدر ما هو صراع من أجل رفض تيار الاستقلال، والوجوه القديمة، وهل سيستطيع تيار الاستقلال أن يتخذ كل ما يرسخ استقلال القضاء، أم سيصطدم بالإرادة السياسية في ظل حالة الاستقطاب وتشابك الصراع السياسي.