يتسرب الملح من البحر الأبيض المتوسط ويتصاعد إلى الآبار المحيطة بالمزارع ويسمم التربة في صحراء مصر، في مؤشر مؤلم لحجم آثار تغير المناخ في البلاد التي تحتضن قمة “كوب 27″، في نوفمبر الجاري برعاية الأمم المتحدة.
وينقل تقرير من وكالة «بلومبيرج» أن مصر ترتفع درجة حرارتها بوتيرة أسرع، وتتحول سلة خبز الحضارة المصرية تدريجيا إلى أرض جرداء.
وينقل التقرير عن مزارع مصري قوله “أنا أعمل في هذه الأرض منذ أكثر من 50 عاما. رأيت حروبا وثورات – تغييرات كبيرة”. لكن الماء هو مصدر قلقي الأكبر”.
ويقول التقرير إن “الدولة المضيفة لكوب 27 تعيش حاليا المستقبل الحار الذي يحاول قادة العالم تجنبه”
وحدد اتفاق باريس لعام 2015 هدفا يتمثل في إبقاء درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم أقل من عتبة الاحترار 2 درجة مئوية بحلول عام 2100. ونظرا إلى أن مصر تسخن بسرعة تقارب ضعف سرعة بقية الكوكب، فهي من بين أوائل الدول التي تصل إلى المستقبل الأكثر سخونة الذي تحاول محادثات المناخ المساعدة في تجنبه.
وقد زادت أشهر من الحرارة القياسية والجفاف والفيضانات والحرائق في جميع أنحاء العالم من المخاطر قبل اجتماع هذا العام في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، وفق التقرير.
وتقول «بلومبيرج» إن مصر شهدت في هذا الصيف موجات حر طويلة الأمد تجاوزت 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت). الحرارة الشديدة شائعة الآن في الربيع والخريف أيضا، وتعزز هذه الآثار الطلب على الدعم المالي من مصر وغيرها من البلدان النامية، المسؤولة عن جزء صغير من الانبعاثات، ولكنها تدفع تكاليف بيئية واقتصادية وبشرية قاسية.
وفي مواجهة كل شيء من ارتفاع منسوب مياه البحار إلى الجفاف والتصحر والحرارة القاتلة، فإن الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الشرق الأوسط هي نموذج لما يحدث عندما تفشل الجهود المبذولة للتكيف مع الاحترار.
ومصر مغطاة بالكامل تقريبا بالصحراء. ومع انحسار تدفق نهر النيل وتوسع الصحراء، ليس لدى المصريين مكان يذهبون إليه. حتى لو نجحت محادثات COP27 في تشجيع البلدان على خفض انبعاثات غازات الدفيئة وإيجاد طرق لتمويل التعافي من الكوارث المناخية، فإن التغييرات على أرض الواقع ستستغرق سنوات حتى تصبح سارية المفعول.
وخلص التقرير إلى أن الحياة اليومية ستصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمصريين عقدا بعد عقد، بعدما ارتفع متوسط درجات الحرارة السنوية في مصر بمقدار 1.98 درجة مئوية منذ عام 1901، وفقا للبيانات التي جمعها البنك الدولي.
وبحلول عام 2100، يمكن أن تكون درجات الحرارة أعلى بمقدار 5.2 درجة مئوية من المتوسط للفترة بين عامي 1971 و2000، وفقا لمركز خدمة المناخ في ألمانيا (Gerics). ويتوقع المركز أن ترتفع درجات الحرارة الدنيا أيضا، مما يجعل من الصعب تحمل الليالي، وستستمر موجات الحرارة مدة تصل إلى 100 يوم متتال.