يعود رئيس وزراء الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم بقوة، رغم توقعات أفول حقبة كان فيها الأطول بين قادة الاحتلال في رئاسة الحكومة.
ففي أقل من 4 سنوات جرت 5 عمليات انتخابية تعلقت أساسا بشخص نتنياهو، لكن نتائج الانتخابات التي انطلقت الثلاثاء كانت حاسمة لصالحه دون منازع.
وغداة تفوقه على منافسيه وفق النتائج غير الرسمية، استقبله أنصاره في مركز مباني الأمة بالقدس الغربية بحفاوة بالغة وسط هتافات تصفه بـ”الملك” و”بيبي”.
وهذه النتيجة تشير إلى عودة درامية لنتنياهو، الذي أطيح به العام الماضي بعد 12 عاما متتالية في السلطة.
وعلى مدى الأعوام الماضية، كان نتنياهو يواجه اتهامات بتلقي رشوة والاحتيال وإساءة الثقة، وكان على استعداد للتخلي عن رئاسة الحكومة لأحزاب صغيرة مقابل بقائه في الحكومة ولو وزيرا.
غير أن خروجه من رئاسة الحكومة أواسط العام الماضي، لم يبدد من عزمه فحافظ على رئاسة حديدية لحزبه “الليكود” ووثق علاقاته أكثر مع معسكره الذي ضم أحزاب “شاس” و”يهودوت هتوراه” و”الصهيونية الدينية”.
ومع خروجه من الحكومة منتصف العام الماضي، طويت صفحة امتدت 12 عاماً متواصلة من حكمه، لكنه يعود دون سقف زمني لبقائه وإن كان وعد بأن تكون ولايته المقبلة هي الأخيرة.
وللمرة الأولى فإن الحكومة التي سيشكلها نتنياهو ستكون يمينية دون أي أحزاب من الوسط أو اليسار.
قلق في الضفة
ويقول خبراء فلسطينيون، في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، إن تلك النتائج ستنعكس أيضاً على تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، التي تشهد توتراً وتصاعداً في عمليات الجيش الإسرائيلي، وتنفيذ عمليات فلسطينية.
وتوقع الخبراء أن تعمل الحكومة الجديدة على تشديد قبضتها على الضفة الغربية، وخاصةً شمالها، ما يُنذر بمواجهة قد تتحول إلى انتفاضة جديدة.
ومنذ مطلع العام الجاري 2022 تشهد مناطق متفرقة من الضفة تصعيداً ملحوظاً، وارتفاعاً بوتيرة عمليات الجيش الإسرائيلي فيها.
اليمين متطرف
ومَثّل صعود حزب “الصهيونية المتدينة” اليميني المتطرف واحتلاله موقعاً بارزاً في المشهد السياسي الإسرائيلي المتشظي أحد أكبر المفاجآت الانتخابية.
فقد حصد هذا الحزب 14 مقعدا في الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء وبذلك أصبح ثالث أكبر حزب في الكنيست الإسرائيلي وبالتالي لا مناص أن إيتمار بن غفير، احد أركان الحزب، سيتولى منصباً وزاريا في أي حكومة يشكلها زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو الذي فاز بأكبر عدد من مقاعد الكنيست.
يتشكل حزب الصهيونية الدينية من تجمع من الأحزاب الدينية المتطرفة وقد جرى جمع هذه الأحزاب في هذا الهيكل الجديد بمبادرة من بنيامين نتنياهو لضمان عدم تشتت أصوات اليمين المتطرف، وبالتالي ضمان دخول هذه الأحزاب تحت اسم واحد إلى الكنيست وهو ما تحقق في الانتخابات الأخيرة وفاق كل التوقعات.
أعلن بن غفير قبل الانتخابات أنه سيطلب تولي حقيبة الأمن الداخلي في أي مفاوضات مقبلة لتشكيل حكومة مع نتانياهو.
وكان بن غفير من أتباع الحاخام القومي المتطرف والعنصري بشكل فاضح مائير كاهانا، الذي حُظر تنظيمه في إسرائيل وصُنف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
وقد أدين بن غفير نفسه بالتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية.
وتصدر بن غفير العناوين، الشهر الماضي، عندما صُور وهو يسحب مسدسا بعد استهدافه بحجر ألقاه الفلسطينيون عليه أثناء زيارته للقدس الشرقية المحتلة ذات الغالبية العربية، ودعوته الشرطة إلى إطلاق النار على من وصفهم بالجناة
رفض في الموساد
وتداول مسؤولون سابقون في الموساد والجيش الإسرائيلي، الأربعاء 2 نوفمبر 2022، مخاوف انتشرت في هذه الأوساط بشأن تلقي زعماء حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، تقارير الاستخبارات وإطلاعهم على معلومات عسكرية سرية، إذا تولوا مناصب عسكرية عليا في أعقاب فوز غير مسبوق للحزب في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، والتنامي المتوقع لدوره في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، حسب ما نشرته صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.
ما وقع في إسرائيل يشبه ما حدث بعد فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، فقد تحدث مسؤولون بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية آنذاك إلى رئيس الموساد السابق، تامير باردو، عن مخاوف لديهم من السماح باطلاع ترامب الكامل على المعلومات الاستخباراتية، مع ما ورد من مزاعم عن علاقته بروسيا، وسوء استغلاله المعلومات الاستخباراتية الحساسة.
يبدو أن هذه المخاوف نفسها تظهر الآن في إسرائيل بعد تزايد الحديث عن احتمال تولي سموتريش لوزارة الدفاع وتولي بن غفير لوزارة الأمن الداخلي، أو تنصيب واحد منهم على الأقل في منصب يكفل له حضور المناقشات السرية للجنة وزراء الشؤون الأمنية (مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي).
وسبق لكل من بن غفير وسموتريش أن انتقدا بحدة وكالة الأمن الإسرائيلية (الشاباك) وقوات الجيش الإسرائيلي، لما وصفوه بالقمع العنيف للمستوطنين اليهود، وكبح جماحهم عن مهاجمة الفلسطينيين. وقد رفض الجيش الإسرائيلي تجنيد بن غفير في شبابه لما عرف عنه من شدة التطرف.