الخوف من الاحتجاجات والسعي لفك المساعدات الأميركية المجمدة هما السببان الرئيسيان وراء تعليق تسليم جزيرتي تيران وصنافير الإستراتيجيتين في البحر الأحمر للسعودية بحسب تقرير نشره موقع “أتلانتك كاونسل” وترجمه “الخليج الجديد” إذ جمَّد عبد الفتاح السيسي عملية نقل السيادة على جزيرتي هما مساومة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للإفراج عن المساعدات العسكرية المجمدة بسبب ملف حقوق الإنسان، والخشية من تجدد احتجاجات شعبية بالتزامن مع استياء من ارتفاع الأسعار، بحسب تحليل للصحفية المصرية شهيرة أمين استعانت فيه بمصدر أمني وصفته بالمطلع.
وأضافت شهيرة، في التحليل أنه في حين أن المصالح السياسية والمخاوف الأمنية المشتركة توحد مصر والسعودية، فقد تنافس البلدان منذ فترة طويلة على القيادة الإقليمية.
وتابعت: تشعر مصر بالاستياء من اعتمادها المستمر على المساعدات المالية الخليجية لإبقاء اقتصادها قائما، والسعودية منزعجة من حقيقة أن القاهرة لا تزال تعتبر نفسها زعيمة إقليمية على الرغم من اعتمادها الاقتصادي على دول الخليج.
ويرى محللون أن السبب الرئيسي للتوترات الكامنة بين القاهرة والرياض هو عدم وفاء مصر حتى الآن بوعدها بتسليم تيران وصنافير إلى السعودية التي تريد استخدامها لتطوير السياحة، وفق شهيرة.
وأوضحت أنه بينما كان اتفاق نقل السيادة على الجزيرتين على وشك اكتمال التنفيذ في يوليو 2022، أعربت القاهرة منذ ذلك الحين عن تحفظات بشأن بعض جوانب الصفقة.
ومن هذه الجوانب، بحسب شهيرة، تركيب كاميرات يتم التحكم فيها عن بعد في الجزيرتين لضمان حرية حركة السفن في خليج العقبة، وهو ممر مائي أمني واقتصادي حيوي تشترك فيه مصر وإسرائيل والأردن.
وأوضحت أن إسرائيل والولايات المتحدة تريدان للكاميرات أن تحل محل قوة المراقبة متعددة الجنسيات الصغيرة، بقيادة واشنطن، الموجودة في تيران منذ 1979 بوصفها جزءً من اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
ويُعتقد أن إحباط القاهرة من قيام واشنطن بتجميد جزء من مساعداتها بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان في مصر هو السبب وراء توقفها عن اتمام صفقة تسليم الجزيرتين، وفق شهيرة.
ويبدو أن القاهرة تستخدم الاتفاقية كورقة مساومة للضغط على إدارة بايدن للتراجع عن قرارها والإفراج عن المساعدات المجمدة، بحسب ما نقلته شهيرة عن “مصدر أمني مطلع” طلب عدم نشر اسمه.
ولفتت إلى أنه لعامين متتاليين، حجبت واشنطن جزءا من المساعدة، وهو 130 مليون دولار من إجمالي 1.3 مليار دولار المخصصة لمصر سنويا كمساعدة.
وأضافت أنه جرى حجب 75 مليون دولار أخرى من المساعدات العسكرية بتحرك من السناتور باتريك ليهي أوائل 2022، وهي خطوة ألقت بظلالها على علاقات القاهرة مع واشنطن.
وآنذاك، أعرب ليهي عن مخاوف تتعلق بسجل القاهرة في حقوق الإنسان، بما في ذلك احتجاز سجناء سياسيين.
وفي 2017، بحسب شهيرة، وافق كل من البرلمان والقضاء المصريين على اتفاقية نقل السيادة على الجزيريتن إلى السعودية، ثم وافقت المحكمة العليا في العام التالي على هذه الخطة، على الرغم من الاحتجاجات الشعبية الرافضة.
وإلى جانب محاولة مساومة إدارة بايدن رجحت شهيرة أن القاهرة ربما تتباطأ في نقل السيادة على الجزيرتين خوفا من اندلاع احتجاجات جديدة مناهضة للنظام الحاكم، خاصة في ظل الاستياء الشعبي من ارتفاع الأسعار.
وتابعت أن إسرائيل أعطت موافقتها الأولية على الصفقة بشرط أن تتمركز القوة متعددة الجنسيات والمراقبون في شبه جزيرة سيناء المصرية (بعد مغادرتهم تيران)، وهي خطوة كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2022.
وفي المقابل، بحسب شهيرة، وافقت السعودية على السماح لإسرائيل باستخدام مجال المملكة الجوي للرحلات المتجهة شرقا إلى الهند والصين، وهي خطوة من شأنها أن تمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
في غضون ذلك، وفق شهيرة، تتمسك مصر بموقفها ويبدو أنها غير مستعدة لتقديم تنازلات لإنهاء الصفقة طالما ظل جزء من المساعدة العسكرية الأمريكية مجمدا.
واستدركت: لكن المخاطر كبيرة بالنسبة للقاهرة: فهي لا تخاطر فقط بفقدان الدعم المالي من السعودية، بل إن تعنتها قد يقوض أيضا علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة التي توسطت في اتفاقية نقل السيادة الجزيرتين.