قالت وكالة «رويترز» إن أزمات انقطاع الكهرباء والتضخم وضعف قيمة الجنيه هي أعراض لأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى أن تلك الأزمات تثير تذمر الشعب الذي يعاني من تراجع مستوياته المعيشية بينما تنفق الدولة ببذخ على مشروعاتها الضخمة.
وقالت الوكالة في تقريرها إن أزمة الكهرباء، مؤشر على أسوأ وضع تعيشه مصر، تزامنا مع الذكرى العاشرة لوصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم عبر الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي.
وانقطاعات الكهرباء الدورية، جنبا إلى جنب مع مستويات تضخم قياسية وضعف حاد في العملة المحلية، كلها أعراض لأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ وصول السيسي إلى الحكم رغم وعوده بتحقيق تنمية واستقرار، بحسب “رويترز”.
وتوقعت الوكالة أن يفوز السيسي بولاية جديدة في انتخابات العام المقبل، مستدركة بأن “المتاعب الاقتصادية في البلاد تثير تذمر كثير من المصريين، الذين يعانون من تراجع مستوياتهم المعيشية بينما تنفق الدولة ببذخ على مشروعات ضخمة”.
يقول كريم محروس، وهو من سكان الأسمرات، وهو حي للإسكان الاجتماعي في القاهرة تأسس في عهد السيسي، “احنا بقالنا عشر سنين، دلوقتي بيتكلموا عن تطوير شبكة الكهربا ومليارات اتصرفت على التطوير وخلاص نسينا حاجة اسمها قطع كهربا”، مضيفا أن الكهرباء تنقطع لمدة ساعة في المرة الواحدة.
وأضاف: “لما الكهربا تقطع مرة واتنين في اليوم وفي أماكن تانية مبتقطعش ربع ساعة فده ظلم”.
لم يكن انقطاع الكهرباء مشكلة كبيرة بعد الاضطرابات التي أعقبت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة 2011.
يرى معارضو السيسي أصداء ذلك الماضي في انقطاع التيار الكهربائي الذي بدأ في يوليو وتم تنفيذه بحسب جدول زمني منشور منذ بداية أغسطس. ويقول السكان إنه يحدث في بعض المناطق أكثر من غيرها، مما يغذي الشعور بعدم المساواة.
قالت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، أحد جماعات المعارضة العديدة المهمشة التي تحاول الضغط من أجل إصلاحات سياسية واقتصادية: “انقطاع الكهربا هو في الحقيقة مظهر من مظاهر فشل السياسات الاقتصادية وفشل في الإدارة، في الحقيقة الانقطاع بتاع التيار الكهربي محصلش من 2013 فهو بيرجعنا شوية لسنين طويلة ورا وللحظة سياسية ما، فالناس عندها شعور إن إحنا ماشيين في اتجاه معين ممكن يبقى مشابه لاتجاه حصل من سنوات طويلة”.
وأضافت: “عندك إحساس كبير بالخطر لأن هناك ما يهدد الآن السلم الاجتماعي والأمن وكل هذا الخوف والترقب والترصد والاستنفار والغضب واليأس بين كل الطبقات”.
وبعد 2014، تحرك السيسي بخطوات سريعة لتعزيز إنتاج الكهرباء في مصر وتشييد ثلاث محطات كبيرة تعمل بالغاز، بينما اعتمدت حكومته بشدة على الدعم المالي الضخم من دول الخليج والمقرضين الدوليين في الغرب.
وتقول الحكومة إن تخفيف أحمال الكهرباء ضروري بسبب زيادة استهلاكها مع استخدام مكيفات الهواء في الطقس الحار غير المعتاد.
ويقول مسؤولون إنه إلى جانب المستشفيات والمباني ذات الأهمية، فإن مناطق تشمل الساحل الشمالي والبحر الأحمر مستثناة من قطع الكهرباء لحماية قطاع السياحة الذي يعد مصدرا مهما للعملة الأجنبية التي تحتاجها مصر بشدة بعد نقص حاد في الدولار تكشَّف أوائل العام الماضي.
ويرى محللون أن انقطاع التيار الكهربائي ناتج أيضا عن تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي الذي يستخدم في تشغيل معظم شبكة الكهرباء وأحد مصادر الدخل المهمة الأخرى للعملة الصعبة.
وبدأت الحكومة في حث السكان على خفض استهلاك الكهرباء في الصيف الماضي مع سعيها لتوفير الغاز للتصدير عندما كانت أسعار الطاقة العالمية مرتفعة.
تكافح الحكومة لجمع دولارات عبر خطط متعددة منها السماح للمصريين بالخارج ممن سافروا بدون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتسوية أوضاعهم بشكل نهائي مقابل سداد مبلغ خمسة آلاف دولار أو يورو في حساب خاص في بنك مصر فرع أبوظبي.
ويلقي السيسي باللوم في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر إلى حد كبير على صدمات خارجية منها جائحة كوفيد-19 والتداعيات غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.
وقال مصطفى بكري عضو البرلمان المصري المؤيد للسيسي خلال مقابلة: “يعني أولا دعنا نقول إن الدول لا تخلو من مشاكل طارئة ولكن الحقيقة المؤكدة أن هناك سعيا دؤوبا لإنهاء هذه المشاكل وتطوير محطات الكهرباء التي عانت في فترة سابقة من مشاكل كثيرة. عندما جاء الرئيس السيسي إلى الحكم في عام 2014، وضع هذه القضية موضع اهتمام، كان هناك ثلاثة أمور مهمة، الأمر الأول: هو إنشاء محطات جديدة، الأمر الثاني: هو تطوير المحطات القديمة، الأمر الثالث: هو إجراء الصيانة الدورية على كل المحطات”.
وأضاف: “الاقتصاد المصري نعم يعاني أزمات ومشاكل انعكست على المواطنين وعلى حياتهم المعيشية”.
وتابع: “(نحن) قادرون على إنهاء هذه الأزمات تدريجيا والشعب المصري مستعد أن يتحمل، لكن الشعب المصري لا يفرط في بلده وقد أخذ درسا وعبرة وعظة مما حدث في الخامس والعشرين من يناير”.
وساعد الإنفاق العام على مشروعات البناء في الحفاظ على نمو الاقتصاد، لكن خبراء يقولون إن دور الجيش المسيطر كبَّل الإصلاحات وإن عبء الديون المتنامي مدعاة للقلق.
و تثير المشروعات الضخمة مثل العاصمة الجديدة خارج القاهرة، والعاصمة الصيفية في العلمين على الساحل الشمالي حيث تقضي النخبة أكثر أشهر العام حرارة، غضبا شعبيا.
في ذات الوقت، يشكو كثير من المصريين من أن حياتهم أصبحت أكثر صعوبة بسبب إصلاحات الدعم والضرائب والارتفاع الكبير للأسعار.
وقارن محمد إبراهيم، وهو موظف حكومي يعيش في حي الأسمرات بين أسعار السجائر الآن وما كانت عليه خلال حكم مبارك.
وقال: “الوضع قبل كده كان أفضل كتير جدا جدا، فرق ما بين السما والأرض”.