وصل رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الصين، في أول زيارة رسمية له إلى بكين منذ العام 2004، وهي ثالث زيارة لدولة غير عربية يجريها الأسد منذ عام 2011.
وعرض تلفزيون “سي سي تي في” الرسمي في الصين، بثا مباشرا لوصول بشار الأسد إلى هانغجو حيث سيشارك في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية السبت مع نظيره الصيني شي جينبينغ.
والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتان تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً.
وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة إلى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب، خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت الى نزاع مدمر.
وبات رئيس النظام السوري آخر رئيس دولة تُعدّ معزولة على نطاق واسع، تستضيفه الصين العام الجاري بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والإيراني إبراهيم رئيسي.
وقال المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة من دمشق: “هذه الزيارة تمثّل كسرا لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا، كون الصين دولة عظمى وذات ثقل على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي الدولي”.
وأضاف لوكالة “فرانس برس”: “الصين تكسر التابوهات الغربية التي تحاول منع عدد من الدول من التعاطي مع ما تعتبره واشنطن دولا معزولة”.
وبحسب دنورة فإن دمشق تعد الصين “شريكاً موثوقاً” وخصوصاً في المجال الاقتصادي وإعادة الإعمار، معتبرا أن بكين لديها القدرة على إنجاز البنى التحتية في الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية.
ودعمت الصين دمشق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدينها خلال النزاع، واستخدمت الفيتو إلى جانب روسيا لوقف هذه القرارات.
ويسعى النظام السوري بعد 12 عاما من الحرب التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وأجبرت الملايين على ترك منازلهم فضلا عن تدمير البنى التحتية، إلى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار، لكن العقوبات الغربية المفروضة على الأسد تعيق ذلك.
من جانبها، رأت الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن، أن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء “الشرعنة الدولية” لنظامه والدعم الصيني المرتقب في مرحلة إعادة الإعمار.
وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب فيه بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها “طرق الحرير الجديدة” المعروفة رسميا بـ”مبادرة الحزام والطريق”، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وأفريقيا.
وانضمت سوريا في يناير 2022 إلى مبادرة “الحزام والطريق” وبالتوازي، تعزز الصين حراكها الدبلوماسي، وقد استضافت خلال الأشهر الماضية قادة دول ومسؤولين يواجهون عزلة دولية بينهم البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو وممثلون عن حركة طالبان في أفغانستان. كما أنها استقبلت الرئيس الفنزويلي الذي تواجه بلاده الغنية بالنفط أزمة اقتصادية خانقة.
وشهد العام الحالي تغييرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت في استئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الأسد بالقمة العربية الأخيرة في السعودية للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.