نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا عن الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي وصل إلى إسرائيل للتباحث في هدنة إنسانية، وتقوم على التفكير في اليوم التالي لحرب غزة، ومحاولة الحصول على دعم عربي لحكم القطاع بعد حماس.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض دورا لقطر، إلا أن واشنطن وشركاءها يكافحون للبحث عن متطوعين؛ حيث أبرز التقرير، الذي أعده ويليام مولدين، أن “بلينكن ونوابه يتحدثون مع الدول العربية، لحكم غزة، بعد أن تنهي إسرائيل عمليتها، وذلك حسب أشخاص على معرفة بالحوارات الأولية”.
ويقول المسؤولون المشاركون في جلسات “العصف الدماغي” إنه “من المبكر لأوانه الحديث عن أمور محددة”، فيما لا يرى المحللون، أن هناك خطة واضحة لإدارة غزة في الوقت الحالي، ولكن الموضوع سيكون محلا للنقاش أثناء زيارة بلينكن للمنطقة، إذ سيتوقف في الأردن، بعد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بالمنطقة، بابرا ليف، قبل زيارة بلينكن لمناقشة خطط ما بعد الحرب من بين أمور أخرى. وقبل أن يغادر الولايات المتحدة، قالت: “نحن بحاجة للتركيز على اليوم التالي، وأتوقع في النقاشات التي سوف نديرها في نهاية الأسبوع أن تروا أن هناك تركيزا وبالتحديد كيف نصل إلى هناك، ومع مضي الوقت لحل الدولتين”.
وتقول الصحيفة، إن المسؤولين يدركون أنها مناقشات أولية حول ما سيحدث في غزة، ويؤكدون أنه لا توجد خطة بعد تدعمها واشنطن. ومن الخيارات، هي إدارة غزة لمدة قصيرة من قوة متعددة الجنسيات من المنطقة.
وقال السناتور الديمقراطي، بن كاردين، إن “المساهمين الكبار يشاركون في هذه النقاشات؛ ويجب أن يكون لديك خطة موثوقة لغزة وتمنح فرصة للفلسطينيين”. فيما يقول المسؤولون والمحللون إن هناك حاجة لنوع من الدعم العربي؛ لكن الحديث عن خطة إدارة وسط عملية عسكرية هي “مثل الحديث عن التنظيف أثناء ضرب عاصفة بدرجة خمسة”، كما يقول بريان كاتوليس من معهد الشرق الأوسط في واشنطن.
وتابع التقرير نفسه، أن الحديث عن خطة إدارة غزة، يأتي وسط تزايد في عدد الضحايا المدنيين بسبب الغارات الجوية والعمليات البرية، مما أدى لتدهور العلاقات بين الدولة اليهودية وجيرانها العرب. وهناك تردد من الحكومات العربية بالتورط في القطاع، حالة استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملياته المتقطعة ضد حماس.
وأدت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى تأخير، إن لم تلغ جهودا متعددة الجوانب لتجاوز الخلافات بين الدول العربية وإسرائيل.
وفي يوم الأربعاء أعلن الأردن عن سحب سفيره من دولة الاحتلال الإسرائيلي احتجاجا على الحرب في غزة. وهناك أصوات دعمت احتلالا طويلا لغزة، وهو خيار رفضه الرئيس، جو بايدن، أو طردهم إلى صحراء سيناء، وهي فكرة يرفضها المصريون. ويقول وزير الدفاع، يواف غالانت، إن “الهدف هو تدمير قدرات حماس العسكرية وقدرتها على الحكم”، مضيفا أنه “لا توجد نية لإعادة احتلال غزة”.
ومع دخول القوات البرية لغزة، يواجه القادة الإسرائيليون والأمريكيون سؤالا حول: من سيدير القطاع في منطقة ذات كثافة سكانية عالية بعد الإطاحة بحماس؟ وما هو شكل الإدارة؟ وقال بلينكن “في نقطة معينة، فالمنطق هو تولي السلطة الوطنية المفعلة إدارة غزة والمهام الأمنية في النهاية فيها”.
ويقول المسؤولون إن السلطة الوطنية التي تدير الضفة الغربية، والمناطق التي لا يسيطر عليها الجيش أو المستوطنون، تبدو ضعيفة لتحمل المسؤولية في غزة. ويقول بعض المحللين إن تحالفا من الدول العربية أو مجموعة من المسؤولين أو الزعماء الفلسطينيين قد يديرون غزة لفترة قصيرة حتى يكون القطاع في وضع جيد لانتخاب السلطات التي تمثله.
وتقول مديرة برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلنطي، تقى نصيرات: “أعتقد أن على الولايات المتحدة القبول بدور رئيسي لقطر وتركيا والأردن ومصر؛ وهناك إمكانية أخرى وهي إقناع الدول العربية التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل لتوفير قوة أمنية أو تمويلها لغزة، لكن هذا يحتاج لأن تتولى دولة أو منظمة مسؤولية الإدارة والإشراف على الأمن، بالضرورة قوة حفظ سلام دولية”.
وتابع المصدر نفسه، “تبدو الدول العربية مترددة بلعب دور في غزة، خشية أن يؤدي لتقويض حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وقد رفضت مصر إدارة القطاع، خشية أن يكون هذا ذريعة لدفع أكثر من مليوني نسمة إلى مصر. ولن يكون الأردن مهتما بخطة تبدو مناقضة لحل الدولتين”.
وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في الأسبوع الماضي، خلال محاضرة ألقاها بمعهد الدراسات الإستراتيجية والدولية: “ليست لدينا أسئلة حول ما سيحدث بعد في غزة لأن أحدا منا لا يعرف كيف ستكون غزة”.
وأخبر أسامة حمدان، أحد زعماء حماس الصحافيين، أن حركته تشجب التعليقات الأمريكية حول مستقبل غزة بدون حماس، واتهم واشنطن بالتدخل ومحاولة بناء قيادة فلسطينية بناء على معاييرها.
وطرح بلينكن مستقبل غزة في حديث مع وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الإثنين الماضي، وذلك حسب شخص على معرفة بالمكالمة. وتعتبر قطر الخيار الطبيعي للعب دور في مستقبل غزة، نظرا لدورها في الوساطة والتوسط في المحادثات مع حماس للإفراج عن الأسرى.
ويقول سايمون هندرسون، من معهد واشنطن للشرق الأدنى: “حاول الإسرائيليون التفكير بآخرين غير قطر بعد حماس”. ولا يعرف إن كانت القوات الإسرائيلية ستغادر غزة حالا أو ستوقف العمليات بعد التخلص من حماس، لكن بقاياها ستظل أو تلك التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، وربما ظهرت حركة بديلة، ولهذا فسيتم تنسيق العمليات الأمنية مع إسرائيل، وهذه ليست بداية.
ويقول كاتوليس، إن “فكرة تقديم الدول العربية الدعم لتحقيق الاستقرار في غزة مع استمرار إسرائيل تدمير بقايا حماس هي: أرض الفتنازيا؛ ويتوقع أن يدعم بلينكن قيادة سياسية أمنية بين المعتدلين الفلسطينيين، وربما السلطة الوطنية، والتفكير هو أن يكون هناك نوع من القوة المحلية”، في إشارة إلى العناصر الفلسطينية التي كانت موجودة قبل سيطرة حماس على السلطة عام 2007. وربما كافحت الأمم المتحدة لقيادة الجهود في غزة، مع أن وكالاتها تعمل في الإطار الإنساني.