أعلنت مصر الجمعة، رسميا، صفقة مدينة رأس الحكمة الساحلية شمالي البلاد التي ستكون من نصيب الإمارات مقابل 35 مليار دولار، تدفع على مدار الشهرين المقبلين.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي إن الاتفاق المبرم مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، أصغر صناديق الاستثمار السيادية الثلاثة الرئيسية في أبوظبي، يهدف إلى تطوير شبه جزيرة رأس الحكمة، وقد يدر في النهاية ما يصل إلى 150 مليار دولار.
وأوضح أن المشروع سيتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار تدخل الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، والثانية 20 مليار دولار، وسيكون للدولة المصرية 35 بالمئة من أرباح المشروع.
وذكر بيان لشركة القابضة أن المشروع سيضم مناطق استثمارية ومواقع سكنية وتجارية بالإضافة إلى مشروعات سياحية وترفيهية، مضيفا أن من المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2025.
وقفزت السندات السيادية المصرية المقومة بالدولار اليوم الجمعة قبيل الإعلان عن الاتفاق، وواصلت تقدمها حتى بعد ظهر اليوم.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات الأطول أجلا حققت أكبر مكاسب، إذ ارتفعت السندات المستحقة في 2047 أو ما بعدها بأكثر من ثلاثة سنتات ليجري تداولها بين 66.6 و70.2 سنتا، وهو أعلى مستوى لها في نحو عام.
وتقع رأس الحكمة على بعد نحو 200 كيلومتر غربي الإسكندرية في منطقة منتجعات سياحية راقية وشواطئ تشتهر بالرمال البيضاء يقصدها الأثرياء المصريون خلال أشهر الصيف.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية تشهد نقصا مزمنا في العملة الأجنبية، مما أدى إلى ضغوط مستمرة على الجنيه المصري، وعلى الإنفاق الحكومي، والشركات المحلية.
وارتفع التضخم إلى مستويات قياسية في الصيف الماضي، كما أن عبء الديون آخذ في الارتفاع، فيما يتفاقم نقص العملات الأجنبية بسبب تراجع إيرادات قناة السويس في أعقاب هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر.
وكان حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر، كشف سابقا عن تفاصيل الصفقة، موضحا أن التقدير الأولي لإجمالي المشروع كان 22 مليار دولار.
من جانبه، علق الملياردير المصري نجيب ساويرس على الصفقة، قائلا إنها الفرصة الأخيرة لنظام عبد الفتاح السيسي لتعديل مساره الاقتصادي.
وقال ساويرس في تدوينة عبر منصة “إكس”: “شكرا دولة الإمارات، أولاد الشيخ زايد رحمة الله عليه محبي مصر، دعم غير طبيعي وكرم غير مسبوق”.
وتابع “أملي أن تعي القيادة المصرية أن هذه فرصة أخيرة لتغيير المسار الحالي، وكافة الخطط السابقة ومراجعة النفس في كل الأمور، وأن تستمع إلى شعبها وتفتح أبواب الحرية المغلقة”.
رأس الحكمة
تتبع قرية رأس الحكمة لمرسى مطروح، على الساحل الشمالي المصري، إلى الشرق من مدينة مرسى مطروح، حيث تمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم.
وأنشأ القرية آخر ملوك مصر الملك فاروق عام 1948، لتكون منتجعا للأسرة المالكة والوزراء، لأهمية المنطقة الكبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي وشواطئها الخلابة.
وتشتهر رأس الحكمة بالاستراحة التي أنشأها الملك فاروق في المنطقة. بعد قيام ثورة 23 تموز/يوليو 1952 تحولت إلى استراحة رئاسية.
من المزمع أن يتم إقامة مشروع سياحي ضخم على قرية رأس الحكمة، وقد صدر قرار جمهوري عام 1975 بإخلاء القرية من سكانها، والتي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان.
ولم يتم تنفيذ القرار حتى عاد المشروع من جديد للظهور، وبدأت الجهات المعنية بمحاولة إجبار السكان على الخروج من منازلهم وإخلاء أراضيهم، ما أثار غضب السكان خاصة وأن المحافظة لم توفر لهم البدائل المناسبة.
وتزخر المنطقة بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية.
وجهة سياحية
وتعد رأس الحكمة ذات أهمية سياحية لعدة أسباب منها أنها تقع على طريق فوكة الجديد الذي يربط بين القاهرة والساحل الشمالي حيث تبلغ المسافة من القاهرة إلى العلمين من خلال طريق فوكة الجديد حوالي 140 كيلو مترًا بعد أن كان الطريق السابق حوالي 240 كيلومترا.
ويعد الشريط الساحلي للقرية البالغ 50 كيلو مترا والواقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح من أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية.
وتضم المنطقة أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو 400 كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية لمصر.
كما تحتوي المنطقة على مقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية.
ويبلغ إجمالي المساحة المعروضة للاستثمار السياحي برأس الحكمة، حوالي 11 مليونا و500 متر، بتكلفة استثمارية تتجاوز المليار و351 مليون جنيه، لإقامة مشروعات سياحية متكاملة، لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات في مراحل الإنشاء المتقدمة.
قصة مشفى القرية
في عام 2000، كان الرئيس المخلوع حسني مبارك وأولاده في زيارة لرأس الحكمة، وانزلقت قدم هايدي زوجة نجله مبارك علاء، ما تطلب نقلها إلى مستشفى رأس الحكمة.
وآنذاك كانت المستشفى مغلقة كما أنها لم تكن مجهزة أصلا بخدمات صحية مناسبة.
وعقب الحادثة تم تجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة الطبية، وإعداد طاقم طبي، كما يشير سكان القرية إلى أنه بعد اعتياد مبارك وعائلته زيارة القرية، دخلت جميع المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحي للقرية، وفق مواقع مصرية.