أصدر مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قرارا بالموافقة على دفن زعيم طائفة الشيعة الإسماعيلية الأمير كريم الحسيني في ضريح الأغا خان الكائن بمحافظة أسوان بعد أن وافته المنية في مدينة لشبونة البرتغالية
يُعد الأمير كريم الإمام التاسع والأربعين بين أئمة طائفة الشيعة الإسماعيلية، وظل أكثر من 6 عقود على رأس الطائفة التي يتبعها أكثر من 15 مليون شخص حول العالم.
تولى منصب الآغا خان الرابع عام 1957، وراثة عن جده. وأسس شبكة “الآغا خان للتنمية” وحاز على جوائز عدة لدوره في تنمية المجتمع. توفي في الرابع من فبراير 2025، عن عمر ناهز 88 عاما.
ولد كريم الحسيني، المعروف بـ”الآغا خان الرابع”، في 13 ديسمبر 1936، في مدينة جنيف السويسرية. وهو الابن الأكبر للأمير علي خان من زوجته الأولى جوان يارد بولر.
نشأ في صغره بالعاصمة الكينية نيروبي، أثناء الحرب العالمية الثانية التي اندلعت عام 1939.
وفي عام 1969، تزوج من عارضة الأزياء البريطانية سارة فرانسيس، وأنجبا 3 أبناء هم زهراء ورحيم وحسين، وطلقها عام 1995 قبل أن يتزوج من غابرييلا تسو، وأنجبا ابنهما علي محمد عام 2000، قبل أن يطلقها هي الأخرى عام 2014.
ويحمل الحسيني الجنسية البريطانية والبرتغالية، كما أنه مُنح عام 2010 الجنسية الفخرية الكندية.
تلقى الحسيني تعليمه الأولي في نيروبي، ثم التحق بـ”معهد لو روزي” بسويسرا، أحد أقدم المدارس الثانوية في العالم. وانتقل لاحقا إلى جامعة هارفارد لدراسة الهندسة، لكنه غير تخصصه إلى التاريخ، وتخرج عام 1959.
وقبل تخرجه في الجامعة، تولى منصب “الآغا خان الرابع” عام 1957، وهو في الـ20 من عمره، بناء على توصية جده السلطان محمد شاه، الآغا خان الثالث، ليكون خليفته في إمامة “طائفة الإسماعيلية النزارية”، فأصبح الإمام الـ”49″ للشيعة الإسماعيلية.
وقد رأى جده الآغا خان الثالث أن الطائفة تحتاج إلى قائد نشأ في العصر الحديث و”يحمل رؤية جديدة للحياة”.
يتبع الآغا خان الرابع الطائفة الإسماعيلية النزارية التي انبثقت منها “الطائفة الآغاخانية”، وكان النزاريون يعرفون أيضا بـ”الحشاشين”، وهي طائفة شيعية تأسست في مصر أيام حكم الفاطميين، وتؤمن بوجود إمام معصوم ومنصوص عليه.
اختلفت عقيدة “الحشاشين” باختلاف توجهات أئمتهم، فقد آمن إمامهم في الشام، رشيد الدين سليمان، بالتناسخ، وادعى علمه بالغيب. أما إمامهم الملقب بـ”الحسن الثاني” فقد أعلن قيام القيامة وألغى الشريعة وأسقط التكاليف، وجاء جلال الدين بن الحسن الثاني ونسف كل معتقدات آبائه، ثم جاء بعده ابنه ونسف عمل أبيه وعاد إلى الفكر الأصلي للجماعة.
وقد كانت نهاية “الحشاشين” على يد المغول، وكان حينها حكم الدين خورشاه زعيم الطائفة، وأعلن استسلامه لهولاكو الذي كان يتوسع في المنطقة، وسلمه عددا من القلاع، لكن المغول غدروا به وقتلوه على حين غرة، فتشتت أتباعه، وانتشروا في إيران وسوريا ولبنان واليمن ونجران والهند.
وفي إيران، ظهر حسن علي شاه حاكم إقليم كرمان وحمل لقب “الآغا خان الأول”، وحاول إشعال ثورة ضد الشاه القاجاري لكنه فشلت، فهرب إلى الهند، وهناك اعترف به الإنجليز إماما للطائفة، فعُرف بمؤسس “الأسرة الآغاخانية”، والإمام الـ46 في ترتيب الأئمة الإسماعيلية في نظر الطائفة الآغاخانية.
ولم يحمل لقب “آغا خان” سوى 3 قبل الحسيني، وهو لقب منحه ملك بلاد فارس لعائلته في ثلاثينيات القرن الـ19.
ويعتقد أتباع الطائفة الإسماعيلية النزارية، البالغ عددهم 12 مليونا حول العالم، أن الحسيني هو من سلالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
في عام 1957، منحته إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا لقب “صاحب السمو”، كما منحه شاه إيران محمد رضا بهلوي اللقب ذاته عام 1959 تقديرا له.
في عامه الأول من توليه منصب الآغا خان، بدأ الحسيني زيارة أتباعه الإسماعيليين المنتشرين حول العالم، ودعاهم إلى أن يصبحوا مواطنين صالحين في البلدان المقيمين بها، وحثهم على مغادرة الدول التي يعانون فيها من الاضطهاد.
واشتهر الحسيني بالأعمال التجارية، إذ امتلك مجموعة من الاستثمارات الخاصة، بما في ذلك الفنادق وشركات الطيران والصحف، وأسس “مجموعة نيشن ميديا”، وهي شركة إعلامية كينية.
كما امتلك وأدار مجموعة مختصة في تربية الخيول في فرنسا، إلى جانب مزارع أخرى في أوروبا، وعُرف عنه مواصلته تقاليد العائلة في تربية الخيول الأصيلة.
وامتلك أيضا ناديا لليخوت في جزيرة سردينيا الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، وجزيرة خاصة في البهاما، إضافة إلى طائرتين ويخت، وعقارات حول العالم.
وفي عام 1967، أسس الحسيني “شبكة الآغا خان للتنمية”، وهي مجموعة تنموية كبرى مكونة من 9 منظمات وتوظف 96 ألف شخص حول العالم.
أسس الحسني معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن، وجامعة آغا خان في باكستان، وجامعة آسيا الوسطى في طاجيكستان وكازاخستان، والمركز العالمي للتعددية في العاصمة الكندية أوتاوا.
وتضم الشبكة مؤسسة للثقافة تدير مبادرات وبرامج مثل جائزة الآغا خان للعمارة، وبرنامج المدن التاريخية، وبرنامج الموسيقى، والعمارة الإسلامية في جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إضافة إلى متحف في مدينة تورنتو بكندا.
وتبلغ النفقات السنوية للشبكة على أنشطتها التنموية غير الهادفة للربح نحو مليار دولار، بينما تبلغ الإيرادات السنوية نحو 4.5 مليارات دولار.
توفي الآغا خان الرابع كريم الحسيني في الرابع من فبراير 2025 في العاصمة البرتغالية لشبونة، عن عمر ناهز 88 عاما.
وقالت شبكة الآغا خان للتنمية إنه “توفي بسلام محاطا بأسرته”. وأُعلن عن تعيين ابنه الأكبر رحيم الحسيني خليفة له، ليكون الإمام الخمسين للشيعة الإسماعيلية.
ولد رحيم الحسيني في 12 أكتوبر/ 1971، وهو والد طفلين، ويقيم في سويسرا، وحاصل على إجازة في الأدب المقارن من جامعة براون في الولايات المتحدة.
وتولى رحيم الحسيني عضوية مجالس إدارة العديد من الوكالات التابعة لشبكة الآغا خان للتنمية.