شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

المجلس الأعلى للمطبات الصناعية !! – مصطفى رجب

المجلس الأعلى للمطبات الصناعية !! – مصطفى رجب
يأسف كل مصري حين يرى هذا النزيف اليومي المتجدد على طول وعرض طرقنا السريعة، وبخاصة طرق الإسكندرية والصعيد، والأمر بحاجة...

يأسف كل مصري حين يرى هذا النزيف اليومي المتجدد على طول وعرض طرقنا السريعة، وبخاصة طرق الإسكندرية والصعيد، والأمر بحاجة إلى وقفة جادة من مجلس الوزراء ومجلس الشورى باستصدار تشريع يوحِّد المسؤولية عن هذه الفواجع اليومية فمصر تختص وحدها بثلاثين بالمائة من حوادث السيارات في العالم تقريبا. والأسباب معروفة: رداءة الطرق ورعونة القيادة وغياب المحاسبية.

 

فحين تتصادم سيارتا نقل وتسدان الطريق بحمولتيهما (تطنِّش) وزارة النقل " طناشا " غريبا مريبا كأن الأمر لا يعنيها، وتترك للشرطة إزالة المخلفات وتنظيف الطريق، والشرطة تستغيث لأنها لا تملك أوناشا ولا لوادر ولا أفرادا يحملون تلك الأحمال..ولا هذه مهمتها. فتضطر الشرطة للتملص هي أيضا وتكتفي بفتح " تحويلة" لضمان سيولة المرور وتلقي العبء على المحافظة التي وقع في نطاقها الحادث. والمحافظة تتملص وتتهم الإسكان… الخ. وهكذا تمر السنوات وتتكرر الحوادث ولا يتعلم أحد. ولذلك أقترح إنشاء مجلس أعلى للمطبات الصناعية يتبع وزارة الثقافة! ليعالج مشكلات الطرق السريعة قياسا على ما أبدعته حكومة نظيف ذات ربيع مضى، وهنا أذكِّر القراء بما نشرته " أخبار اليوم " إلى قرائها في عددها الصادر السبت 17 مارس 2007 خبرا مبهجا، خلاصته أن وزارة النقل والمواصلات قررت إنشاء مجلس أعلى لتطوير المعابر المتحركة القاطعة للسكك الحديدية (المزلقانات) وذلك تفاديا للحوادث المؤسفة التي تفشت مؤخرا، وراح ضحيتها – وما يزال يروح – آلاف من المواطنين سنويا، ولا شك في أن إنشاء مثل هذا المجلس خبر مبهج، فقد أثلج صدور القوم فيما مضى من الزمان: إنشاء المجلس الأعلى للسياسات، والمجلس الأعلى للجامعات، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وغيرها مما لا أستطيع حصره،فضلا عن مجالس أخرى رئي لها أن تحمل صفة " القومي " وليس صفة " الأعلى " مثل المجلس القومي لكل من: الطفولة والأمومة، والمرأة، وحقوق الإنسان، والشباب، والرياضة، وغيرها مما لا أستطيع حصره كذلك.!!

 

غير أن إنشاء مجلس أعلى للمزلقانات هو وحده الذي يسيل لعاب أي كاتب ساخر، فمآسي السكك الحديدية ليست مقصورة على المزلقانات وحدها، بل تشمل رواتب السائقين المتدنية، مما أدى لعزوف الشباب عن التقدم لوظيفة سائق قطار، والتمديد للقدامى منهم حتى ما بعد سن السبعين، كما تشمل أخطاء حجز تذاكر السفر، وسقوط دورات المياه بمن فيها، والتآخي بين الفئران والركاب،ومرح الفيران ومزاحها مع الركاب طوال الرحلة، والباعة الذين يفوقون الركاب عددا، والنوافذ مكسورة الزجاج، والأبواب التي لا تنفتح أحيانا ولا تنغلق أحيانا أخرى، و…. إلخ

 

فإنشاء مجلس أعلى للمزلقانات وحدها فيه طرافة وخفة ظل من الحكومة، لا يقل ظرفا وخفة ظل و" روقانا " عن حكاية توحيد الأذان في القاهرة الكبرى مع ما في ذلك من مخالفات شرعية جسيمة. وكأن ضوضاء القاهرة لا علاقة لها بالموسيقى الصاخبة المجنونة التي تنطلق من الأفراح الشعبية (والمسا والتحية للباشا المعاون اللي مشرف الفرح) والسرادقات والمراكب العائمة والراسية المملوكة لعلية الساسة.

 

والمجالس جمع مجلس، وحين أطلق بعضهم على مجلس الشعب في السبعينيات اسم " مجلس الأنس الكريم " لم يكن يبالغ فقد جاء في معجم أساس البلاغة للزمخشري – (ج 1 / ص 64) قوله: "وتجالسوا فتآنسوا" أي أن ربط الأنس والمؤانسة بالمجلس والمجالسة شيء مستقر في الوجدان العربي.

 

 وسواء أكان للمزلقانات مجلس أعلى، أم مجلس أدنى، أم مجلس بين ذلك، فلن ينصلح حال سكة الحديد، لأن المجالس مشتقة من الجلوس ومن الأنس



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023