هيثم صلاح يكتب: وهم الحل الإيراني
يسافر دكتور عصام الحداد إلى طهران ثم لقاء مع نجاد تتسرب عنه صورة تغمرها الإبتسامات ثم تصريح عن الرئيس الإيراني يهدد أنه في حال إنتصار " المعارضة " السورية فإن المنطقة كلها ستفخخ . صفعة أخرى على وجه القيادة السياسية المصرية فالرجل ينكر ثورة الشعب السوري ضد النظام المجرم القاتل غير الشرعي و يصور ما يحدث و كأنه حرب بين نظام شرعي و معارضة مسلحة يحذر من إنتصارها , و هذا الموقف معاكس بالتأكيد للموقف المعلن للسياسة الخارجية المصرية . و مازالت القيادة المصرية تلهث وراء حل وهمي جعلت إيران جزءا منه بينما الأخيرة ترد على الأرض من خلال رصاص حزب الله – الذي يقاتل بقرار إيراني كما قال صبحي الطفيلي أمينه الأول مؤخرا – و الطائرات التي تنقل السلاح إلى النظام بشكل دائم و الخبراء الذين يقاتلون على الأرض في سوريا . و من ثم أصبحنا أمام موقف عجيب و مخز في نفس الوقت , فدولة الشيعة تنشط في دعم النظام المجرم الظالم العلوي الذي يقتل الشعب السوري يوميا بالسلاح و كل الوسائل المادية للحفاظ على نفوذها في سوريا . و في المقابل تتبنى الدولة السنية العربية الرئيسية التي تدعم سياسيا الشعب السوري الثائر صاحب الحق و المعتدى عليه دبلوماسية إستجداء سلبية لا تغني شيئا في دفع القتل عن السوريين .. بحجة الرغبة في وقف إراقة الدماء !!! . و في خلفية ورشة العمل الدبلوماسية التجريبية التي تعقد مع طهران .. شعب يقتل بكل ما هو متاح من الرصاص و قذائف المدفعية و القصف الجوي و الأسلحة الكيماوية و ذبحا بالسكاكين , و لا يدرك بالتأكيد الحكمة من هذا المسار الدبلوماسي أو طبيعة العلاقة المصرية الإيرانية " الحساسة" !! .
و الحقيقة أن هذه السياسة تضر بالوضع الإستراتيجي الإقليمي لمصر فالمفترض أن مصر الدولة السنية الرائدة مساوية – على الأقل – لمصر مكانة و نفوذا في المنطقة يتسم تعاملهم بالندية و مبدأ المعاملة بالمثل . و لكن ما تظهره الأحداث دولة قادرة على الدفاع عن حليفها الظالم و تطبيق ما تعلنه على الأرض بينما مصر تقتصر على الكلام و الإغاثة و المعاملة الحسنة للاجئين السوريين فهل تليق حدود هذا الموقف بدولة كمصر ؟
و المشكلة أن مصر لم تقم إلى الآن بالحد الأدنى من الضغط على إيران لوقف دعمها عن نظام بشار و دفعه للتنحي . فمكتب رعاية المصالح الإيراني ما زال موجودا في القاهرة و يتواصل مع القوى السياسية بل و دعا بعضها للإحتفال بعيد النيروز !! و ما زالت أولوية وزارة السياحة المصرية هي إقناع الهيئات الشعبية المتخوفة من نشر التشيع عن طريق السياحة الإيرانية بجدوى هذه السياحة !! . فهل يبدو هذا سلوك حكومة تدعم الثورة السورية ؟, أم أن هذه الحكومة لا تتابع وسائل الإعلام لتعلم أن إيران تدعم بشار علنا في قتله للشعب السوري فتستنتج أن مكتب رعاية المصالح هذا يجب أن يغلق و تتوقف العلاقات حتى تتوقف إيران عن دعمها له ؟ ألا تستطيع مصر أن تجمع الدول العربية – بغض النظر عن داعمي المجرم و هم قلة – على موقف سياسي موحد يضغط على المجتمع الدولي للتدخل و القيام بواجباته تجاه الشعب السوري . ألا تستطيع بالتنسيق مع تركيا دفع الولايات المتحدة لزيادة دعمها للجيش الحر و الضغط من أجل إنشاء منطقة عازلة تحمي الثوار ؟ ألا تستطيع أن تواجه العجرفة الإعلامية الإيرانية بالتأكيد على أن ما يحدث في سوريا له نتيجة واحدة مقبولة هي إنتصار الشعب السوري إكراما لمائة ألف شهيد و مليون مشرد و مئات آلاف الجرحى ؟ بدلا من التأكيد على أن غايتنا هي التهدئة و وقف القتال و هو ما يعني مشاركة عناصر نظام الأسد في نظام الحكم القادم و بقاء ذراعا لإيران داخل سوريا .. فهل تريد القيادة المصرية مكافأة النظام السوري و إيران على قتل الشعب السوري ؟ إن كل من يدرك طبيعة النظام الإيراني يعلم أن إيران ستدعم بشار حتى النهاية فهل تمسك مصر بالحل الإيراني يعني سوء فهم لطبيعة هذا النظام أم أنها تسمع معسول الكلام الذي يوجه لها بدلا من رؤية أشلاء السوريين ؟ على القيادة المصرية أن تعلم أن الشعب المصري و السوري و التاريخ .. يراقبون