"الشرطة في خدمة الشعب " هل فعلا تحققت هذه العبارة أم مازالت الشرطة تشعر بأن الشعب أهانها وحمّلها أخطاء نظام استعملها على مدار أكثر من ستين عاما على ظلم واستبداد المواطنين فتواجه غضب الشارع بالسلبية وتترك البلطجية يعبثون بأمن البلاد والعباد، فهذا هو الحال"الشعب يريد عودة الشرطة بشروط "،" والشرطة كذلك تريد العودة بشروط أيضاً".
فهل يجلس الطرفان على مائدة مصر المحروسة، للتفاوض والتنازل من أجل عيون الأم الحنون قبل أن ينفد صبرها وتلقى بالجميع من فوق قمة جبل الانقسام والتحيز الحزبي والمصالح الضيقة؟
نظرة الشعب للشرطة
الشعب يرى للشرطة سلبيات ويحدد نقاط معينة مثل عدم إلقاء القبض على البلطجي المسجلين لديهم؛ وتركهم يروعون الناس وينشرون فسادهم في الشارع المصري، وعدم التصدي للظواهر التي تؤثر على المواطن في حياته اليومية من أزمات مرور وباعة جائلين ونهب الوقود والسرقة بالإكراه على الطرق وتفشّى ظاهرة أطفال الشوارع بل نجد الشرطة تقف فى موقف المتفرج بل والداعم أحياناً.
رد الشرطة
والشرطة ترد:" كيف يريد الشعب منّا إلقاء القبض على البلطجية وبعض وسائل الإعلام وبعض الأحزاب يصفونهم بالمتظاهرين الثوار الأحرار ؟؟! وكيف ندير الشارع ونحقق الأمن للمواطنين ونحن غير آمنين على حياتنا ونواجه البلطجية المسلحين دون تسليح، أو حتى تعاون من المواطنين ونرى زملاءنا يستشهدون كل يوم أمام اعيننا دون أن يشعر بهم أحد ولا يطالب لهم أحد بحماية حقوق الإنسان وكأننا لسنا من البشر!!
حزن و تفائل
ويحكى أحد المواطنين بصوت حزين وعيون خائفة من المستقبل القريب فيقول:" هل هذه مصر التى كان من أهم مميزاتها الأمن والأمان؟! كل يوم مشاهد "كرّ" و"فرّ" وإلقاء الحجارة و"المولوتوف "وحرب شوارع بين مجموعات لا نعرف من هى ؟ أو إلى أي جهة تنتمي ؟
"وأسأل نفسي كيف يعرف كل منهما أن الآخر عدوه بل ولماذا اتخذه عدوا؟ وهل ميدان التحرير أكثر سعة من مصر بحيث اتسع لكل الأطياف في أيام الثورة والآن مصر لا تسع أبناءها بجميع أطيافهم "، بهذه الكلمات عّبر المواطن عما يجول في نفسه .
ويختم كلامه قائلا:" كلي أمل وتفاؤل في مستقبل أفضل، وأعرف أنه مجرد وقت وسنعبر تلك الأزمات وسيعود الشعب المصري لأصله النفيس كأحد أعرق وأقدم شعوب العالم الشعب الذي بني الحضارة وأسس للدولة الحديثة الشعب المتدين بمسلميه وأقباطه".
أقسم بالله أنا مواطن
وعلى الجانب الأخر يقسم أحد رجال الشرطة بأنه مواطن مثل باقي الشعب :"أعيش معهم كل ظروفهم وأتمنى أن أحقق لهم الأمن والأمان كواجب على كل رجال الشرطة، ولكننا عندما نرى نظرات الاحتقار والتقليل من شأننا والإشارة إلينا دائما على أننا الجناة والطغاة في حين أننا تغيرنا بالفعل ونقوم بواجبنا في حماية الأشخاص والممتلكات، أفقد الأمل في أن أعود إلى عملي وتأدية واجبي وأتمنى أن يهدأ الجميع ويتأكد من أن الأساليب القديمة لن تعود أبداً .
وأضاف أحد زملائه :" أنا بحكم وظيفتي أتعامل مع الفئة الأكثر خطورة في المجتمع وهذه الفئة من بلطجية وقطّاع طرق دائما تنظر لي نظرة كراهية وتتمنى قتلى والانتقام منى، فحين ألقي القبض على بعضهم وأسلمهم للنيابة أفاجأ بالإفراج عنهم بحجج واهية نظرا لقصور القوانين التي تحتاج إلى تعديلات فورية بحيث تمكن الشرطة والقضاء من التعامل مع هذه الفئات الخطيرة" .
المقترحات والحلول
يرى المحللون والخبراء الامنيون أن الحلّ يتمثل في مجموعة من الخطوات حتى يعود الانضباط للشرطة والشعب؛ ومنها تحسين المستوى المعيشي لرجال الشرطة وتوفير الدعم النفسي والمعرفي لهم بحيث يعرف رجل الشرطة واجباته وحقوقه ومتى يبدأ دوره ومتى ينتهي دون أن يجعل من نفسه طرفا أو خصما فى الصراع بل مجرد أداة الدولة فى تطبيق القانون.
ويشيرون إلى أهمية إعادة هيكلة جهاز الشرطة بما يضمن استقلاله وعدم تحيزه لاى طرف من أطراف الصراع السياسي وإنشاء جهاز رقابي مستقل يشرف على أداء الشرطة ومحاسبة الفاسدين والمخطئين كما يكافئ المجيدين ويظهر تضحيات رجال الشرطة والتعريف بشهدائهم واعلان أسمائهم على الرأي العام .
والاهتمام بتوجيه حملة توعية للمواطنين وتثقيفهم ليعرفوا المعنى الحقيقي للحرية والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والتأكيد من خلال وسائل الإعلام على أهمية دور الشرطة لجهاز لا غنى عنه لحماية الوطن .
نماذج مضيئة
وأحد أهم التجارب المضيئة في وقتنا الحالي هي تجربة مدير مرور منيا القمح العقيد محمد زيتون والذي استطاع بجهود مكثفة وحبّ للوطن في جعل وحدة المرور التي يديرها نموذجا يحتذي به في تقديم الخدمات للمواطنين بكل احترام وسهولة والقضاء على أزمات المرور في بلدته لأنه عمل بإخلاص وأدى واجبه على أكمل وجه.
الشرطة كانت في خدمة النظام فخسرت وضاعت هيبتها وخُلع من كانت تحميه والشعب كان خائفا مستكينا، ثم غضب وثار إلا انه لم يستطع حتى الآن كظم غيظه وإعطاء فرصة للشرطة للعودة، فهل يعود كل منّا الى رُشده ونقدم مصلحة الوطن على الانتقام والصراعات التى لا آخر لها؛ ونعرف أن الحوار هو الحل هذا هو السؤال المطروح ؟.