يبدو أن موجة المظاهرات التي تجتاح عدة مدن تركية قد تحولت للعنف ورفض الآخر وابتعدت عن مجرد مظاهرة ضد اقتلاع 13 شجرة من حديقة لإعادة بناء قلعة عثمانية قديمة وتخطت الدعوة لإسقاط رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووصلت لحد الاعتداء علي المحجبات والمساجد وشرب السجائر والخمور بها بل العداء علي العرب عموما والسوريين خصوصا بما يظهر قومية وعنصرية مقيتة.
وروت طالبة مصرية تقوم بإعداد رسالة الماجستير في التاريخ العثماني باسطنبول تعرضها لحادث اعتداء أثناء عودتها لبيتها علي يد مجموعة من الشباب والفتيات الأتراك أثناء عودتهم من ميدان تقسيم المجاور لسكنها بسبب ارتدائها الحجاب وشكوكهم بأنها سورية.
و قالت الطالبة "فاطمة سعد" في تصريحات خاصة لشبكة رصد الإخبارية أنها وأثناء عودتها لبيتها يوم الأحد الثاني من يونيو الجاري- أعترض طريقها عدد من الشباب والفتيات المحتجين ووجهوا إليها السباب ، وقالوا لها "أنتي سورية.. عودي إلي بلدك وإلا سنقلع عنك الحجاب..نحن لا نريدكم".
واستطردت "فاطمة" أنها وجدت هؤلاء الشباب أحاطوها فجأة علي شكل دائرة ، وكانوا يهمون بالاعتداء عليها بالضرب و قامت احد الفتيات بمحاولة شد الحجاب عن رأسها حتى أتي جارها في الحي صاحب محل وأخرجها من بينهم وادخلها محله وأغلق عليها الباب حتى يحميها من بطشهم.
وقالت فاطمة " ما هذه الازدواجية التي تجعل المنادون بالحرية في ميدان تقسيم يعترضون على حرية الملبس ، وعن مجتمع مترف يرفض مساعدة جار لاجئ، مضيفا أنهم يفتعلون أزمة لمهاجمة من كان السبب في هذا الترف الذي يعيشه الآن"، علي حد قولها.
لم تكن الباحثة المصرية الوحيدة التي تعرضت لاعتداء خلال المظاهرات التركية المستمرة منذ حوالي أسبوعين، بل امتدت أيضا للمواطنات الأتراك وخاصة المحجبات منهن، حيث تقدمت سيدة تركية شابة بشكوى رسمية بشأن اعتداء تعرضت له في مدينة اسطنبول بعد عودتها من رحلة إلي جزر الأميرات يوم السبت 1 يونيو الجاري، حسبما ذكرت وكالة الأناضول الرسمية.
ونشرت صحيفة ستار التركية حوار مع السيدة التركية التي تعرضت لاعتداء من قبل محتجين لكونها محجبة، و تحدث عنها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قائلا:" لقد سحلوا عروس أحد أقربائي"، في كلمة له خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتمنية في البرلمان.
ولفتت الصحيفة أن السيدة (ز.د) رفضت الكشف عن اسمها لدواعي أمنية، حيث ألتقتها وبرفقتها طفلها البالغ 6 أشهر، أمس الأربعاء، بعدما تقدمت بشكوى رسمية بشأن الاعتداء الذي تعرضت له في مدينة اسطنبول.
ونقلت الكاتبة عن الأم الشابة قولها،"هل تعلمين أن المحتجين لم يرأفوا حتى بطفلي"، لافتة أنها كانت تتكلم بصوت منخفض وكأنها تتحدث عن شئ سري للغاية، وتابعت السيدة قائلة:" نزلت في محطة العبارات البحرية في منطقة "كاباتاش"، واتصلت بزوجي، فقال لي اقطعي الشارع فأنا في الجهة المقابلة، وأثناء ذلك لاحظت مجموعة من المحتجين في كاباتاش" اعتقدت أنهم يقومون بمظاهرة دعما لمتظاهري "حديقة غزي" المطلة على ساحة تقسيم، قطعت الشارع برفقة طفلي الذي كان في عربته، وبدأت انتظر زوجي، وفجأة سمعة شتائم موجهة لي، والتفت للخلف".
وأردفت السيدة قائلة " عندما شاهدت النظرات الغاضبة لسيدات أتوقع أن أعمارهن تتراوح بين 25- و30 عاما، أدركت أنهن يتكلمن عني، ودون أن أفهم ما يجري من حولي، وجدت نفسي بين نحو 70- 100 رجل صدورهم عارية، يرتدون قفازات جلدية، وعلى رؤوسهم أشرطة غريبة، حينها فقدت السيطرة على عربة طفلي، بينما قالت إحدى النساء (اضربوها، كل ما حل بالبلاد بسبب حجاب هؤلاء)، عندها قام أحدهم بضربي من الخلف بالركل والصفع، ومن ثم بدأوا بالصراخ، مشيرين أنهم يقومون بثورة، ولن يسلموا البلاد لنا، وسيعدمون أردوغان، وجميعنا فردا فردا".
وأضافت السيدة :" لقد ضربوني، كيف أعبر عن الشتائم التي لا يمكن تخيلها، حتى أنهم اعتدوا على رجل مسن حاول إنقاذي منهم، وضربوه ضربا مبرحا مع ابنته، ومن ثم ابتعدوا نحو ملعب "إينونو"، حينها فقدت الوعي تماما، لا أتذكر ما جرى، قبل أن أنهض".
في سياق متصل، لفتت الكاتبة التي أجرت الحوار إلى تعرض شقيقة الصحفية "زينب جيلان" من صحيفة "بوغون" التركية، لاعتداء في مترو الأنفاق لكونها محجبة حيث تعرضت للركلات والصفعات، ووجهت إليها شتائم، فيما قال المهاجم:"أنا أخوض الحرب ضد الحشرات من أمثالكم"، الأمر الذي انتقل للقضاء، إضافة لحادث آخر، تم فيه الاعتداء من مجموعات مؤيدة لاحتجاجات ساحة "تقسيم"، على رئيس بلدية منطقة غونغوران في اسطنبول، عبد الله باشتجي، من حزب العدالة والتنمية، عبر طعنه بسكين في العنق.