شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

المخطط الذي أفقدنا إنسانيتنا

المخطط الذي أفقدنا إنسانيتنا
    "البيانات المتحفظة من الاتحاد الأوربي وإسرائيل وأمريكا توضح أنهم جميعا توقعوا هذه الأحداث، وخططوا...
 
 
"البيانات المتحفظة من الاتحاد الأوربي وإسرائيل وأمريكا توضح أنهم جميعا توقعوا هذه الأحداث، وخططوا لها، أعتقد أن اللعبة واضحة، واللاعبين معروفون، اللعبة هي السيطرة على الشرق الأوسط، ولكن كيف؟ عبر هلهلة النظام في بلد مثل مصر تعد من الركائن الأساسية في الشرق الأوسط، ومنع تأسيس دولة ديمقراطية". 
 
 
 
ما بين الأقواس ليس كلاما مرسلا، لكنه صادر من الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي شديد التعمق في العلاقة بين الغرب والشرق الأوسط، وها هو قد كشف في حواره مع صحيفة Yeni Şafak سر اللعبة، على طريقة "شهد شاهد من أهلها".
 
 
 
أمريكا  أيها السادة تمارس في مصر سياسة العصا والجزرة بحذافيرها، تطمع طرفا وتقرص أذن طرف آخر، ثم تطمع الطرف الآخر وتقرص أذن الطرف، وهكذا دواليك، في لعبة شديدة الخبث والدهاء تهدف إلى تطبيق المبدأ الاستعماري المعروف "فرق تسد".
 
 
 
المتأمل في الموقف الأمريكي والغربي تجاه الأزمة في مصر، والمتأرجح ما بين الرضا المصطنع والاستياء المصطنع، يستشف بوضوح أن هنالك أطرافا خارجية تعبث بمقدرات هذا الوطن، فنقرأ عن اتصالات مكثفة بين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وبين نظيره الأمريكي تشاك هاجل في الفترة التي سبقت الانقلاب على أول رئيس منتخب مصري بما يعني أنها منحت الضوء الأخضر لفعل ذلك، ثم  يرسل البيت الأبيض سيناتورين جمهوريين ليعلنا أن ما حدث انقلابا عسكريا، ثم تتنصل الإدارة الأمريكية من إرسالهما، وتعلن أنهما يمثلان ذاتيهما، ثم تحدث مذبحة فض الاعتصام، ويتحدث أوباما غاضبا عن العنف المتوحش، قبل أن يدلي هاجل بتصريحات متناقضة، وكذلك المؤتمرات الصادرة من الخارجية الأمريكية، ومواقف الاتحاد الأوربي،  تارة تصطنع أنها مع الانقلاب، وتارة ضده، بما يؤكد المخطط الخبيث.
 
 
 
إن ذلك التدبير الصهيوني الأمريكي ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى سنوات للوراء، ويتجلى ذلك في تصريحات أدلى بها جيمس  وولسي الرئيس الأسبق للمخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" حينما قال عام 2006: "إذا استطاعت الولايات المتحدة إقناع الشعوب في العالم العربي أنها في صفهم ستنجح كثيراً، كما نجحت في الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي، يجب على العالم العربي أن يعرف أنه قد آن الأوان وللمرة الرابعة خلال المئة عام أن الولايات المتحدة وحلفاءها قادمون للزحف وسوف ينتصرون"، إذا فهي سياسة تعتمد على تفرقة الدول إلى أطراف متناحرة، واللعب على نغمة إرضاء الجميع.
 
 
 
ومع الأسف، أفلح ذلك الدهاء الأمريكي في مبتغاه، بل لعلنا وصلنا إلى درجة تجاوزت ما دار في خلد العقول المدبرة له، فلم يعد المصريون يكترثون بحرمة الدماء، وأصبح مشهد جثث المصريين ملقاة في الطرقات مألوفا، وكأننا رجعنا إلى العصور البربرية، حتى أن مراسل سكاي نيوز وصف مشاهد فض الاعتصام في رابعة بأنها تفوق ويلات الحروب، وأنه لم يسبق له كمراسل أن شاهد أبشع من ذلك إلا في رواندا.
 
 
 
هل تتذكرون جميعا كيف انتابتنا جميعا مشاعر الدهشة والصدمة والفزع عندما رأينا الصورة المشوهة لجثة الشاب المصري خالد سعيد، والذي ضربته عناصر أمنية حتى الموت؟ لقد كان ذلك المشهد هو الأيقونة التي حركت الثورة المصرية ضد أي آلة قمعية، ولكن بعد مرور سنوات قليلة من المشهد، صرنا نشاهد جثثا بالآلاف،  مهما كانت انتماؤها ولا نكترث، تبلدت مشاعرنا لدرجة مرعبة
 
 
 
أضحينا نحن المصريين صورة لرواية "أمير الذباب" لكاتبها "ويليام جولدنج"، التي تحول فيها مراهقون أبرياء هبطوا مصادفة إلى جزيرة معزولة، إلى وحوش آدمية يقتل فيها القوي الضعيف، في أبلغ دليل على نجاح المخطط الأمريكي الغربي الصهيوني، الذي نساعده بتفرقنا وتشرذمنا.
 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023