شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هيثم صلاح يكتب : ضحايا السيسي

هيثم صلاح يكتب : ضحايا السيسي
    مهلاً .. لست أقصد ما تبادر إلى ذهنك من صور للقتلى في الحرس الجمهوري ورابعة والنهضة و لا...

 

 

مهلاً .. لست أقصد ما تبادر إلى ذهنك من صور للقتلى في الحرس الجمهوري ورابعة والنهضة و لا الجرحى الذين بلغوا العشرة آلاف؛ فالقتلى نحتسبهم عند ربهم شهداء يرزقون {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (170) سورة آل عمران. لم يلحقوا بهم و لكنهم مازالوا صامدين في الميدان .

وجرحانا في سبيل ربهم تكفّر عنهم سيئاتُهم و ترفع درجاتهم في الدنيا و الآخرة . و أسرانا هم أسرى الشرف و الصمود و معركة الحرية … ليس لدينا ضحايا . إنما الضحايا هم أفراد معسكر السيسي … و أول صف الضحايا و أضيعهم هم العسكريون .

هؤلاء الجنود وصغار الضباط و صف الضباط الذين يقفون في الشوارع و يواجهون الشعب و يطلقون النار … و يقتلون . هل يظن هؤلاء ان السيسي سيحملهم معه في طائرة عندما يذهب إلى دبي أو الولايات المتحدة الأمريكية ؟ يجلس الكبار في حصونهم وسط حراساتهم و تتعرضون لنظرات الناس في الشوارع و لعناتهم وكراهيتهم .. فمن أجل ماذا ؟ تطيعون الأمر وتقتلون من أجله و عند إنفجار الوضع لن يحاسب غيركم لأنه سيفر و يترككم . و هو مع كل ذلك لا يثق فيكم ويعرضكم لنفس الإرهاب .

ألا ترى أحدهم يحضر معكم حفلا بحراساته الخاصة المسلحة و السلاح موجه لكم؟! من يكون الضحية إذن إن لم تكونوا أنتم ؟… و لكني حقيقة غير متعاطف معكم فكل إنسان له عينان وعقل لقد رأيتم الحق ولم تقبلوه وتعرضتم للتضليل فلم تفكروا فيه .

لا تغرنكم هبة 30 يناير التي إستغلها السيسي لحسابه .. هي ليست إرادة شعبية فكثيرمن المخدوعين يفيقون وينضمون للثورة على الإنقلاب … أنتم في الشوارع وبالتأكيد تلحظون مدى نمو معارضي الانقلاب لدى الشعب ومدى تزايد تفاعل الناس مع المظاهرات الرافضة له … فأدركوا أنفسكم، التحركات حتى الآن سلمية و لكن ماذا لو إنفجر غضب الشعب وأنتم من يواجه و يقف في الشارع .. هل يفقد أحدكم حياته في مواجهة بني وطنه من أجل السيسي وعودة نظام مبارك ومصلحة إسرائيل ؟ بدلا من ان تموت في حرب ضد عدوك إسرائيل تقتل من أجل مصلحته ؟

"العرائس المدنية" من السياسيين الذين يستمتعون الآن بالوجود في السلطة والذين يظنون ان الجيش سيسلم البلاد لهم على طبق من فضة بعد أن يقضي على الإخوان المسلمين .. مجموعة أخرى من الضحايا، السذّج من الليبراليين و اليساريين الزائفين وحزب النور يبدو أنهم يغفلون حقيقة مهمة جدا عن طبيعة العسكريين … في السياسة لا يقبلون شركاء فضلا عن المنافسين.

هي فقط مراحل و ترتيب أولويات و إستخدام البعض ضد الآخرين و لكن في النهاية سيتم القضاء على الجميع . أساطين الثقافة.. ألم تقرأوا تاريخ عبد الناصر أم أنكم قرأتم و فقدتم الذاكرة ؟ أم أن شهوة السلطة جارفة فأعمت عقولكم وأنستكم حقائق الحياة ؟ عموما يجب أن تعلموا ان كل محاولات تملق العسكر لإعطائكم قطعة من الكعكة لن تفلح فهذا الإنقلاب لحساب الدولة العميقة فقط .. " دولة الأمن القومي " كما يسميها منظروا الإنقلاب .. فإن لم تكن رجل مخابرات أو رجل نيابة أو قاض أو عسكري فليس لك نصيب في الدولة القادمة . ستدفعون ثمن جشعكم و غبائكم .

وأكثر الضحايا إثارة للشفقة هم القطاع الشعبي هؤلاء الذين خرجوا في 30 يونيو 23و يوليو و يتم إستخدامهم لتغطية إغتصاب السلطة و القتل و الإعتقالات و كل الإنتهاكات ضد الإنسانية . و قصة هؤلاء قديمة منذ إبتكر نظام عبد الناصر وزارة الإرشاد القومي، ليرشد كل المساكين من شعبه إلى صالحهم الذي لا يعرفه غيرهم . ذلك الجيل الذي استقى كل ما يعرفه عن السياسة من أهرام هيكل و صوت العرب و الجمهورية و التلفزيون الرسمي .

ورث عنهم الجيل اللاحق نفس السجن المعرفي قبل ظهور الفضائيات و إنتشار الإنترنت و غيرها من وسائل المعرفة غير القابلة للسيطرة عليها و حتى بعد إنفتاح ينابيع المعرفة ظل الكثيرين بحكم الإدمان أوفياء لكل القديم التابع للدولة البوليسية . هؤلاء تعرضوا لتجريف وعيهم خلال عقود الحكم العسكري منذ إنقلاب 1952 و حتى الآن .

وحتى عندما سقط إعلام الدولة بعد الخامس و العشرين من يناير، تبع هؤلاء كل وجوه إعلام المخابرات إلى مقراتهم الجديدة في أون تي في و السي بي سي و النهار و غيرها و وجدوا فيها الخطاب الذي يناسب ما تم برمجتهم عليه فارتاحوا إليه و إستجابوا لشحنه ضد الإسلاميين و التجربة الديموقراطية ككل .

إن هؤلاء رصيد النظام القديم في انتخابات الرئاسة وكادوا أن يأتوا بشفيق رئيسا لمصر، وهم من تسمعهم الآن يرددون الحديث عن محاربة الإرهاب الوهمي في الشارع، و يسبون كل ما هو إسلامي ويلعنون اليوم الذي رأتهم مصر فيه، تسمع كل واحد فيهم فتذهلك النسخ التي يصنعها الإعلام من لميس الحديدي و إبراهيم عيسى و خيري رمضان .

 رأوا الجثث المحترقة فضحكوا واحتفلوا بالقضاء على الإرهابيين، إعتادوا تصديق الكهنة في كل ما يقولون مهما كان غريبا وغير قابل للتصديق بل و كذب مضحك، هؤلاء فقدوا عقولهم و إنسانيتهم .. إنهم بحق أكبر الخاسرين !



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023