"رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد ثاني.. يا مصر انتى اللى باقية و انتي غاية الأماني.. لا كورة نفعت و لا أونطة و لا مناقشة و جدل بيزنطة ولا الصحافة والصحوباجية.. شاغلين شبابنا عن القضية" , هكذا غنى الشيخ إمام في الستينات لم يكن يعلم إن أغنيته ستكون صالحة لكل العصور, فبعد مرور أربعين عاما على الأغنية لازالت القوى الثورية تراهن على الطلاب باعتبارهم الحصان الأسود في مواجهة سلطات الانقلاب.
خوفا من ثورة الطلاب على الممارسات القمعية التي تمارسها سلطات الانقلاب أعلن وزير التعليم العالي منذ أسبوعين عن منح حق الضبطية القضائية للأمن الإداري للجامعات, الأمر الذي رفضه الطلاب فاشتعلت التظاهرات الطلابية في جامعة القاهرة و عدد من الجامعات في المحافظات مثل جامعة بني سويف اعتراضا على القرار بصفته يمثل مزيداً من القيود على حرية العمل الطلابي و توعدوا بأن يوم21 سبتمر ,و هو يوم بدء العام الدراسي, سيكون مشتعلا بالتظاهرات .
وبعدها أعلنت جامعة القاهرة رفضها للضبطية القضائية الممنوحة للأمن الإداري و كذلك جامعات المنوفية و بنها و عين شمس , مؤكدين أن عدم تطبيق القرار جاء نتيجة الرفض الكبير لها بين جميع الاتحادات والحركات والقوى الطلابية في الجامعات , حسبما أكد بيان لمحمد بدران رئيس اتحاد طلاب مصر.
و في الوقت الذي تنزل بعض الجامعات على رغبة الطلاب في عدم تطبيق منح الضبطية القضائية , يتنصل منها الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالي , حيث قال في مؤتمر صحفي اليوم إن «لم تصدر أي قرارات بخصوص منح الضبطية القضائية في الجامعات من جانب وزارة العدل، وأن وزارة التعليم العالي لم تطلب أي قرار في ذلك الأمر، وأن المجلس الأعلى للجامعات (وهو جهة مستقلة عن الحكومة) هو المعني بطلب منح الضبطية القضائية في الجامعات".
جاء ذلك بعد انسحاب الطلاب من مؤتمر دستور مصر بالأمس الذي حضره وزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة بسبب تهميشهم و عدم الوصول لأي حل بخصوص الطلاب المعتقلين والمحاكمات العسكرية بحقهم، ورفض الوزير الاستماع إلى مطالب ومشاكل طلاب الجامعات من خلال ممثل لكل جامعة لفترة زمنيه قدرها "ثلاث" دقائق مبررا ذلك "بانشغاله" فكان هذا السبب الرئيسي للانسحاب, حسبما ذكر بيان لهم اليوم الاربعاء.
لكن جامعة الأزهر لم تحذ حذو الجامعات التي تتبع التعليم العالي , حيث أصدر الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة من بيانات وتعليمات حول الاهتمام بالطلاب الوافدين و الابتعاد عن العمل السياسي داخل الحرم الجامعي, كما أجلت جامعة الأزهر الدراسة إلى الخامس من أكتوبر القادم , متعللة بأعمال صيانة تجريها الجامعة , لكن بعض الطلاب الأزهريين على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" اعتبروا تأجيل الدراسة فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم وإعادة تشكيل الحركة الطلابية .
وفي السياق ذاته أعلنت جامعة حلوان عن تأجيل بدء العام الدراسي لمدة أسبوع ليكون أول أيام الدراسة بها 28 سبتمر الجاري، متعللين بإستكمال إصلاحات المباني و ضمان الأمن الكافي للطلاب المتواجدين في الحرم الجامعي , حسبما قال رئيس الجامعة , كذلك أعلنت كلية الألسن جامعة عين شمس عن تأجيل الدراسة لطلاب السنة الأولى ( المستجدين ) بالكلية لمدة أسبوع.
فيما أعتبر الناشط الاشتراكي هيثم محمدين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " أن تراجع بعض الجامعات تراجع بعض الجامعات عن " الضبطية القضائية " انتصارا للحركة الطلابية الحاضرة دائما في المشهد السياسي .
وعلى نفس الصعيد قال خالد منصور نائب رئيس حزب الإصلاح، إن كلمة سر في المرحلة المقبلة هي «الحركة الطلابية»، معتبراً أن هذه الحركة كانت ومازالت ترعب الأنظمة القمعية في مصر, مضيفا أن طلاب الجامعات من جيل لا يفهم الموازنات والحرية بالنسبة له خيار محسوم، جيل لا يرهبه الدبابات والمدرعات، جيل كان «بيزوغ علشان ينضم لمظاهرات ومسيرات لأجل حقوق وآمال هذا الوطن»، جيل لم يترك أذنه ووجدانه وعقله أسير لعكاشة ولميس وخيري وأديب ومن على شاكلتهم، جيل يبحث عن الحقيقة من مصادرها ولا يرضى أن يفرضها عليه أحد.
يذكر أن تاريخ الحركة الطلابية في مصر حافل بالانجازات و الكفاح ضد كل من أراد إسكات صوت الطلاب منذ مذبحة كوبرى عباس الذي ارتكبها رئيس الوزراء آنذاك محمود فهمي النقراشي يوم 9 فبراير 1946الذى فتح فيه كوبري عباس أثناء محاصرة الطلاب الذين خرجوا في تظاهرة من جامعة فؤاد الأول و مظاهرات الطلاب بعد النكسة و مطالبتهم بمحاكمة المتسببين فيها و أيضا انتفاضة الخبز 1977 التي خرجت من رحم العمل الجامعي , احتجاجا على ارتفاع الأسعار و كذلك نضال الطلاب ضد أمن الدولة في عهد المخلوع مبارك ورفض ممارساته القمعية.