ما كل ما يتمناه الإنسان يدركه، فهناك القليل الذي يستطيعه الطغاة، والكثير الغفير مما لا يستطيعونه؛ لأنه ببساطة بيد الله الواحد القهار ومن ذلك ما يلي:
1- يستطيع السيسي أن يقول بلسان الحال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات: من الآية 24)، فيخطف رئيسا، ويعين آخر، ويوقف الدستور، ويعلن الطوارئ، ويختار الوزراء، ويغلق القنوات، ويطلق جنوده لقتل الأبرياء، ويستطيع أن يفتخر بأن سفيهات مصر يقلن له: اغمز بعينك نكن عندك سبايا، وآخرين يقول لك: تسلم الأيادي، وكمِّل جميلك، لكنك قطعا لن تستطيع قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى ) ((النازعات:25)، وقوله تعالى: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُملي للظَّالمِ، فإذا أخذه لم يُفلِتْه، ثمَّ قرأ : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) ( 11 / هود / 102).
2- يستطيع محمد إبراهيم وبعض كتائب الجيش والشرطة والمخابرات وأمن الدولة غزو البر اقتحاماً في رابعة والنهضة وسيناء ودلجا وكرداسة و… وغزو الجو قصفا في رابعة وسيناء، وإرهابا في دلجا وكرداسة، وغزو البحر خطفا للصيادين المحاصرين الغلابة في غزة لكنهم جميعا لا يستطيعون قوله تعالى: (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: من الآية 168)، وقوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (آل عمران: من الآية 154).
3- تستطيعون قتل المعتصمين والمتظاهرين لكن كسر إرادة الشعب المصري مستحيل، ولن تمنعوهم يوم القيامة أن يأخذ كل قتيل بتلابيبكم يوم القيامة ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، لما أورده ابن حجر بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عمن قتل مؤمنا متعمدا، فقال: (جزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه ولعنه) قال : أرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: وأنى له الهدى وقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ثكلته أمه قاتل مؤمنٍ متعمدا، يجيء المقتول يوم القيامة وأوداجه تشخب دما آخذا رأسه بيده وصاحبه باليد الأخرى يقول: يا رب سل عبدك هذا فيم قتلني؟.
4- تستطيعون حرق جثث الأبرياء بعد قتلهم، لكنكم لن تستطيعوا توقي حريق جهنم يوم يقال لكم : (وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (الحج: من الآية 22).
5- تستطيعون جرح الآلاف لكن لا تستطيعون: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء:80)، ولن تستطيعوا أن تمنعوا أن تكون دماؤهم لعنة عليكم في الدنيا والآخرة.
6- تستطيعون إخفاء الجريمة وكل أسبابها حتى لا يصل إليها الجن الأزرق، ولا العفاريت السوداء، لكنكم لن تستطيعوا أن تتحدُّوا قدر الله حيث قال سبحانه: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72).
7- تستطيعون توجيه أحطِّ السباب للشرفاء من الرجال والنساء في الاعتقال والتحقيق وبين يدي البلطجية لكنكم لن تستطيعوا حبس الملائكة أن تكتب كل كلمة: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق:18)، وقوله تعالى: (بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف: من الآية 80)، وقوله تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف:49)، ولن تستطيعوا مخالفة الملائكة عندما تقول لك: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (الإسراء:14).
8- تستطيعون اعتقال الآلاف لكنكم لن تستطيعوا الفرار من النار لما رواه البخاري بسنده عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عُذبتِ امرأةٌ في هرةٍ حبستْها حتى ماتت جوعًا،)، ولن تستطيعوا أن تمنعوهم مما فرغتموهم له من الدعاء عليكم في السحر وعند الفطر وعند السجود وبالليل والنهار أن ينتقم الله منكم، لما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "…واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب"، وتستطيعون أن توقِفوا المعتقلين والمعتقلات في حرارة الشمس ساعات، أو تطرحوهم في غيابات الزنازين أياما وشهورا وسنوات، ولكنكم لن تستطيعوا أن تواجهوا قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الأنعام:27)، وقول الإمام القرطبي:
مَثِّل وقوفَك يوم العرض عرياناً مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيظ ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا
اقرأ كتابك يا عبدي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
لما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتي امضوا بعبد عصى للنار عطشانا
المجرمون غدَوا في النار والتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا
9- تستطيعون خطف د.مرسي أياما وسنين لكن الحصول على تنازله مستحيل، وفوق ما تستطيعون فهو رجل لا يخون أمانته مثلكم، ولا يكذب ما وعد به "الشرعية ثمنها دمي، دمي أنا".
10- تستطيعون حرمان الأم من ابنها اعتقالا، ولا تستطيعون حرمان الله لكم من أولادكم مرضا أو عقوقا أو موتا بجنود الله من الأمراض المتوطنة من دعاء الأمهات في السحر عليكم، أو يقتل أولادكم في حوادث سيارات وغيرها.
11- تستطيعون حرمان الرجل من زوجته، لكن لا تستطيعون ضمان أية متعة لكم مع أزواجكم خاصة مع دعوات الأزواج والزوجات أن يحرمكم الله من متعة الدنيا والآخرة، بل لا يستطيع من انتهك أو تحرش بعفيفة أن يدفع القصاص من بيته، كما قال الشاعر:
عفوا تعـف نسـاؤكم في المحرم وتجنبوا مــالا يلـيق بمســلم
إن الـــزنا دَينٌ إن أقرضــتَه كان الوفى من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكا حُرَمَ الرجال وقـاطعا سُــبل المودّة عشت غير مكـــرّم
لو كنت حــرا من سلالة طاهر ما كنت هتاكــا لـحرمــة مسـلم
12- تستطيعون حرمان الأخ من إخوته، لكن لا تستطيعون مواجهة كراهية أشقائكم وأرحامكم وجيرانكم ولعنات الأقارب وتبرئهم منكم.
13- تستطيعون بأعينكم التصويب نحو الضحية، وبأيديكم تدوسون على الزناد فتصيب معتصما مسالما، وبأرجلكم تدوسون على الموتى، وبوحشيتكم تحرقون أجسادهم، لكنكم لن تستطيعوا منع ألسنتكم وأيديكم وأرجلكم أن تشهد عليكم مهما أفلتم من عقوبة الدنيا لقوله تعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ *وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ) (فصلت:19-24).
14- تستطيعون استمالة وإغراء شياطين علماء السلطة وعملاء الشرطة، لكن لا تستطيعون أن تمنعوا عنهم لعنة الله في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (البقرة:159).
15- إن كنتم تستطيعون الركون على الأوامر العليا من سادتكم السيسي والصهيوأمريكان، وأولياء نعمته في الخليج، ويطيع المجلس العسكري السيسي، والكل يسبح بحمده، فلن تستطيعوا جوابا عندما تصرخون: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) (الأحزاب:من الآية 67 و68)، فيأتي الجواب قطعيا: (لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: من الآية 38)، حتى الشيطان سيتبرأ منكم، قال تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم:21-22).
16- يستطيع الضباط والجنود أن يختالوا بأنواع السلاح والعتاد، وأن يتحركوا في كبر وخيلاء أمام البرآء السلميين، لكنهم لا يستطيعون أن يمنعوا من في قلبه ذرة كبر من دخول النار: (لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبرٍ) رواه مسلم، وقال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) (النساء: من الآية173)، وقوله تعالى: (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (الأحقاف: من الآية20)، وقوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأعراف: من الآية 48).
17- تستطيعون الفخر بمواقعكم ورتبكم وسلاحكم، وتظنون أنها ستدوم لكم، ولن تستطيعوا استصحابها في قبوركم ولا في آخرتكم؛ لقوله تعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (الأنعام:94).
18- تستطيعون في الإعلام تشويه وتلطيخ صورة الشرفاء، وتجميل وجوه الفلول والخونة والقتلة، وتجعلون من البلاك بلوك مواطنين شرفاء، والبلطجية أهالي، والصهاينة جيران، والنبي صلى الله عليه وسلم وصَّى على سابع جار، ويكون أمثال عكاشة ولميس وعائلة أديب، و… نجوما على الشاشة بالليل والنهار، وتكونون كما قال تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (الواقعة:82)، حتى صار شعاركم عكس كرام العرب "أخشى أن تؤثر عني العرب أني كذبت مرة"، أما أنتم فتخشون أن تؤثر عنكم العرب أنكم صدقتم مرة، لكنكم لن تستطيعوا دفع وعيد الله لكم عشرات المرات: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات:15)، وقوله تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر:60)، وما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (…، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنَّمَ). ولا تستطيعون أيضا أن تملكوا قلوب الناس مهما زيفتم وشوهتم عقولهم فحتى الرسول صلى الله علي وسلم قال له ربه: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)، وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ قلوبَ بَني آدمَ كلَّها بينَ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ كقَلبِ واحِدٍ. يصرِفُهُ حيثُ يشاءُ، ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : اللَّهمَّ مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلوبَنا على طاعتِكَ)، وفي النهاية لن تستطيعوا أن تقفوا أمام إرادة الله: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) (الرعد:من الآية17).
19- تستطيعون أن تسلبوا كل خزائن مصر، وأن تنهبوا خيراتها وعرق أبنائها، وأن تأخذوا عمولة الانقلاب والقتل والحرق والاعتقال والتشويه من حرامية الخليج، لكنكم لن تستطيعوا أن تمنعوا عنكم وعنهم قوله تعالى: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة:35)، وقوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) (التوبة:55)، وما أورده الترمذي صحيحا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّهُ لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى بِهِ).
20- تستطيعون أن تختلسوا أموال المعتقلين وأرصدتهم، وتهدموا وتحطموا بيوتهم وشركاتهم، لكنكم قطعا لا تستطيعون إغلاق: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) (الذاريات: 22)، ولن تمنعوا هداية وتفوق أولادهم وصلابة وعفة نسائهم، لأن الله يرعاهم، والشيطان يرعى بيوتكم.
21- قد تملكون سلاح الطيران والآلي والأربيجيه والخرطوش، لكن لا تستطيعون امتلاك سلاح الإيمان وهو أقوى من آليات ومجنزرات المجرمين كما قال تعالى عن سحرة فرعون الذين تغيروا: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه: من الآية72و73).
22- قد تملكون حصار دلجا وكرداسة ورفح وغزة و….أن تحولوا مصر كلها لسجن كبير، لكن لن تستطيعوا أن تغيروا العقائد بالإكراه، قال الشيخ القرضاوي:
ضع في يديّ القيد ألهب أضلُعي بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستـطيـع حصـــار فكـري ســاعة أو نزع إيماني و نور يقيني
فالنور في قلبي، و قلبي في يدَيْ ربي وربي ناصــــــري ومعـــــيني
23- وقد تدخلون بيوتنا اقتحاما، وتفتشونها تفتيشا دقيقا، لكن لن لا تستطيعوا أن تمنعوا أن تحدِّث عنكم يوم القيامة، لقوله تعالى عن الأرض شاهدة: (يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها)(الزلزلة:4، 5)، ولن تستطيعوا أن تمنعوا عن بيوتكم الفيروسات والميكروبات والشياطين، وستحرمون البركة في أي شيء في بيوتكم، بل وستلعنكم كل ذرّة من ذرات بيوتكم، بينما سجينكم ينام قرير العين في زنزانته الصغيرة منتظرا قوله تعالى: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق: من الآية 7).
إن كان بعضكم لا يؤمن أن هناك سؤال القبر والملكين والبعث والنشور والحشر والنشر وتطاير الكتب والصراط والميزان والجنة والنار فاعملوا شيئا واحدا: (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: من الآية 168).
يا قوم هناك قانون واحد هو قانون الله تعالى الذي "يحكم ما يريد"، و"بيده الملك وهو على كل شيء قدير"، "وإليه يرجع الأمر كله" علانيته وسره، وقانونه الأبدي: (فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم: من الآية 47)، ونشهد الله أنكم من عتاة الظالمين، بل أكابر مجرميها، ونثق في انتقام الله منكم ونصر المؤمنين، كما اختصر الصراع بين الحق والباطل أواخر سورة هود في قوله تعالى: (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ* وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ * وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود:121-123)