يبدو أن تغيير الأنظمة وقدرتها على إدارة الأزمات أمر صعب وشاق خاصة في دولة كمصر تشهد انقلاب يعيد إنتاج جرائم نظام المخلوع محمد حسني مبارك، وها هي أزمة الطماطم الصهيونية المسرطنة" جاءت تطل علينا لتكشف عن ذات العقليات الحاكمة، ووسائل الإعلام التى تدعي السعي وراء مصلحة المواطن أولًا .
فمنذ قرابة 3 أيام ، تداولت وسائل الإعلام خبر كشف الدكتور نادر نورالدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، عن وجود نوع من الطماطم الصهيونية الموجودة بالأسواق المصرية، والتى ينصح عدم تناولها لما لها من أضرار على الكبد والجهاز الهضمي، ليصبح الأمر محل النفي والاثبات، وتبادل الاتهامات بعيد عن إجراء الاختبارات لانقاذ المواطن.
الطماطم المسرطنة للنيل من الوزارة
ففي الأول أسرعت وزارة الزراعة في نفي الخبر وأكدت أن حملة "الطماطم المسرطنة" هدفها النيل من الدكتور أيمن أبو حديد، وزير الزراعة الانقلاب، و الإساءة للوزارة مشيرة إلي أن الأمر نفسه تكرر في 2011، وتم تناول الموضوع إعلاميا بهدف محدد وبعد انتهاء الغرض لم يتناوله أي شخص من أغسطس 2011 وحتى اليوم"، وهو ما أثار غضب "نور الدين" من إسراع وزير الزراعة في اتهام شخصه قبل أن يحقق في الأمر ، ناصحًا إياه بتفقد أراضي الشرقية والنوبارية والصالحية التي ينتشر فيها استخدام المبيدات الصهيونية المسرطنة، ومتسائل عن مصير التحقيقات صفقة الطماطم المحورة وراثيا 2011والتي دخلت البلاد، وكان هو وزير الزراعة وقتها الذي يتولي التحقيق.
الطماطم المسرطنة عمرها سنتين
وبعد أن ذهب " نور الدين" إلي أن بذور طماطم محورة وراثيا مهربة من إسرائيل عبر قطاع غزة والانفاق منذ أيام يوسف والي وزير الزراعة الأسبق أو ربما حديثا في عهد محمد مرسي، وكشف بعدها مباشرة الدكتور مصطفى عبد الستار،رئيس المعهد المركزي للمبيدات السابق، أن الهرمونات الصهيونية المتواجدة بالأسواق تم تمريرها أثناء الانفلات الأمني خلال العامين الماضيين، لينتقل وزير الزراعة، الذي أنكر وجود الطماطم في بادى الأمر، لاتهام حكومة هشام قنديل بإعتبارها المسئولة عن تهريب الطماطم ، مشيرًا إلي أن الطماطم المسرطنة الموجودة في الأسواق مزروعة منذ خمسة أو ستة أشهر على الأقل.
الزراعة من انكار الطماطم لإتهام الاخوان
وأصدرت وزارة الزراعة بيان اليوم تشير فيه إلى عدم صدور أية تصريحاتها عنها حول وجود تسريب لطماطم اسرائيلية بالأسواق المصرية، أنه تم تشكيل لجنة لأخذ عينات من الطماطم بالأسواق لفحصها ، وعرض النتائج عليه فى أسرع وقت، للتأكد من سلامة الطماطم بالأسواق ، كما أكد الدكتور عبد المنعم البنا، رئيس مركز البحوث الزراعية، أنه لا صحه لوجود طماطم مسرطنة أو سامة في مصر، مشيراً إلى أن ما تم أثارته علي مواقع التواصل الاجتماعي هو مُجرد شائعة وقد تم تكرارها في عام 2011 ، وأن تغيير لون شرائح الطماطم من الداخل للون الاخضر يكون بسبب الإصابة بالحشرات أو التسميد الخاطئ او بسبب الحراره وضوء الشمس.
ليس هذا فحسب، حيث وجد الإعلام في ذلك وسيلة لاتهام حكومة الدكتور هشان قنديل بالتقصير والمسئولية عما يحدث الآن، حيث نقلت جريدة الأهرام المسائي اليوم عن مصدر مسئول بوزارة الزراعة لم تذكر أسمه ، قيام الحكومة هشام قنديل والحكومة الحالية على إثرها بتخفيض ميزانيات محطات الانتاج الحيواني التابعة لمعهد الانتاج الحيواني بالقاهرة إلي أقل من الربع مما أدي الي عدم قدرة المحطات علي انتاج سلالات جديدة ، مع لجوء حكومة" قنديل" إلى شراء بعض سلالات الحيوانات مثل الأغنام من بدو العريش والتي تأتي مهربة من دولة الاحتلال وحاملة للعديد من الأمراض وتسببت قبل ذلك في انتشار مرض طاعون الماعز والأغنام.
إلا أن الأزمة الحالية، والتى لم يتم التعامل معها حتى الآن بشكل علمي لتدور في فلك النفي والاثبات، والتهرب من المسئولية، وتحميل جماعة الإخوان المسلمين شماعة عصر الانقلاب، تشعرنا بأن عصر الانقلاب لم يختلف كثيرًا عن عصور الفساد، وعدم الشفافية ، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى التي نرى فيها تلك المشاهد حتى تتفتح أعيننا على مصر جديدة.