خارطة الطريق.. تضل الطريق… هذا هو حال الخارطة التي وضعها الانقلاب بعد أن باتت لجنة الـ 50 التي عينها لوضع دستور بدلاً من دستور الشعب،، تعصف بها المشكلات والخلافات، وبات كل طرف بها يريد دستوراً على هواه.
50 رؤية للدستور… فكل فرد باللجنة له دستوره الخاص الذي يريده، وما دون ذلك هو أمر لا يقبل النقاش، فللمحامين دستورهم، وللفنانين دستورهم، وللقضاة.. والفلاحين.. والعمال.. والكنيسة.. والأزهر.. والنور.. والشباب.. و.. و..
ووسط كل هذا لا يعلم المواطن العادي حقيقة ما يدور في هذه اللجنة التي تعقد اجتماعتها السرية، على العكس من الجمعية التأسيسية التي كانت اجتماعاتها تذاع على مدار الساعة على الهواء مباشرة.
ورغم السرية، فإن حجم الخلافات داخل اللجنة وصلت لحد لا يمكن إغفاله أو التعتيم عليه، فهنا خلاف حاد بين عمرو موسى ونقيب المحامين، وهناك تهديد كنسي بالانسحاب من اللجنة، هذا فضلاً عن الصراع المحموم بين هيئة النيابة الإدارية مجلس الدولة والذي قد يدفع بالثاني بإصدار حكم بطلان اللجنة من الأساس!
انقلاب الكنيسة على الـ 50
ما تزال مواد الهوية تؤرق ممثلي الكنيسة الأرثوذوكسية، حيث هدد الأنبا بولا ممثل الكنيسة بلجنة الـ 50 بالانسحاب منها في حال استمرار أسلوب تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية في ديباجة الدستور.
وقال بولا إن الكنيسة لم تكن جزءً من ااتفاق الذي تم بين ممثلي اﻷزهر وممثلي حزب النور حول مواد الهوية، ولن توافق على وضع تفسير لكلمة مبادئ الشريعة في ديباجة الدستور مضيفا لقد فرض علينا هذا التوافق دون مناقشتنا.
صراع عاشور – موسى
«مش سامح عاشور اللي يحصل معاه كده».. هكذا رد نقيب المحامين سامح عاشور على عمرو موسى رئيس اللجنة بعد أن رفض إعطاءه الكلمة في أحد الاجتماعات المغلقة الأمر الذي دفع عاشور للحديث بحدة والانفعال، في الوقت الذي تجاهله فيه موسى، معطياً الكلمة لرئيس الحزب المصري الديمقراطي محمد أبو الغار.
الصراع الثنائي بين عاشور وموسى بدأ مبكراً حين ترشح الإثنان للفوز برئاسة اللجنة قبل أن ينسحب عاشور لصالح موسى، بشكل مفاجئ، دون إبداء الأسباب، فيما يبقى وضع المحامين في الدستور، مؤشراً لجولة جديدة من الصراع بينهما.
النيابة الإدارية – مجلس الدولة
القضاء التأديبي، من له الأحقية فيه؟.. هكذا يدور الصراع بين هيئة النيابة الإدارية ومجلس الدولة، ففى الوقت الذى أكدت فيه النيابة الإدارية أن إسناد القضاء التأديبى إليها يساعد على إنجاز القضايا، اتهم مجلس الدولة النيابة الإدارية بالعمل على تعطيل القضايا وعدم إنجازها.
وكشف مراقبون أن مجلس الدولة هدد داخل أروقة لجنة الخمسين بإصدار حكم ببطلانها حال الاتفاق على مواد تنتقص من صلاحياته، في حين أن النيابة الإدارية هددت بكشف فساد بعض أعضاء اللجنة، ما يجعل هذا الصراع أحد أعنف الصراعات داخل لجنة الخمسين.
الاحتياطيون والاستقالة الجماعية
الاستقالة من اللجنة ومقاضاتها.. هكذا قرر أعضاء اللجنة الاحتياطيون، وذلك بعد منعهم من حضور الجلسات ما يعد مخالفة لما تنص عليه اللائحة الداخلية للجنة الـ 50 بشأن حضور اجتماعات اللجنة.
ورغم اجتماع عمرو موسى بالأعضاء الاحتياطيين، إلا أن هذا لم يثنهم عن تصعيد موقفهم الذي ربما يصل كما هددوا للاستقالة وإقامة دعوى ضد الـ 50.
ومع كل هذه الخلافات، ما يزال الانقلاب منشغلاً ببحث مشاكله الأخرى، غير مدرك أن الانتهاء من الدستور سيفتح له الباب أمام تنفيذ باقي بنود خارطة الطريق.. فهل الانقلاب من الأساس مؤمن بخارطته؟… أم أنه وضعها لرسم شكل ديمقراطي لانقلابه، أم أن التفكير في مادة التحصين هو كل ما يؤرق الانقلابيين الآن، ولتذهب باقي مواد هذا الدستور إلى الجحيم؟