أكدت تقارير دولية أن مصر قد تشتري الغاز من الكيان الصهيوني عبر وساطة دولية ترعاها قبرص.
ونشرت مجلة "ميدل ايست مونيتور" تقريراً جاء فيه أن وزير الطاقة والمياه الصهيوني "سيلفان شالوم" قال في مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال: "تعاني مصر حالياً من نقص في الغاز، وقد أبدت اهتماماً بشراء الغاز من إسرائيل. إذا ثبت فعلاً أنهم بحاجة إلى الغاز وبأن هذه الأشياء حقيقية، فإنني لا أرى سبباً يمنعنا من بيع الغاز لهم."
وفي ذات السياق قالت صحيفة هآريتز الصهيونية بأن الشركة الأمريكية "نوبل إنرجي" التي تقوم على تطوير حقل غاز ليفياثان البحري الضخم قبالة السواحل القبرصية، أكدت بأنها خططت لاستهداف أسواق قريبة للتصدير مثل مصر والأردن بدلاً من شحن الغاز إلى أماكن أبعد من ذلك.
ويقول التقرير أنه إذا ما ثبتت صحة هذه التقارير فسيكون ذلك بمثابة انقلاب في الأدوار، فحتى مطلع عام ٢٠١٢ كان كيان الاحتلال الصهيوني يستورد كثير من احتياجاته من الغاز من مصر، فما يقرب من ٤٥ ٪ من استهلاك الصهاينة من الغاز كان يأتي من مصر.
وبحسب "ميدل ايست مونيتور" كانت هذه الصفقة قد أبرمت في عهد المخلوع حسني مبارك، وبموجبها كان الغاز يضخ عبر خط أنابيب يمتد بين العريش وعسقلان. ولم يكن ذلك يلقى تأييداً من كثير من المصريين بسبب مشاعر العداء لدى عامة الشعب المصري تجاه الكيان الصهيوني، ولذلك ما لبثت الصفقة أن ألغيت بعد الإطاحة بمبارك مباشرة عام ٢٠١١، فيما اعتبرته حكومة الانقلاب العسكري "نزاعاً تجارياً".
ومنذ ثورة ٢٠١١ تعرض خط أنابيب الغاز لعشرات الهجمات، وكان ذلك بوضوح تعبيراً عن مشاعر العداء للاحتلال الصهيوني في مصر، وإن كانت حالة الفوضى وانعدام الأمن في شبه جزيرة سيناء، حيث كانت تقع معظم الاعتداءات، قد ساهمت في ذلك.
وفي إبريل (نيسان) من عام ٢٠١٢ ألغت مصر الاتفاقية التي صدرت بموجبها الغاز إلى كيان الاحتلال الصهيوني.هذا رغم أن رئيس شركة غاز مصر كان يصر في ذلك الوقت بأن "القرار الذي اتخذناه كان لأسباب اقتصادية وليس لأسباب سياسية".
ويشهد الاقتصاد المصري تراجعاً متسارعاً بسبب الاضطراب السياسي الذي نجم عن الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين من خلال انقلاب عسكري. وما من شك في أن النقص الحاد في موارد الطاقة ستكون له تداعيات سياسية خطيرة على البلاد وعلى قادتها الجدد.
وزعمت "ميدل ايست مونيتور" أنه بالنسبة لمصر، يعتبر مورد الغاز الصهيوني قريب المنال، وقد يكون أرخص تكلفة من غيره. وخط الأنابيب موجود، وكل ما هو مطلوب هو الضخ بالاتجاه المعاكس.
من جانبه قال طاهر عبد الرحيم، رئيس شركة غاز مصر الحكومية : "في مجال استيراد الغاز الطبيعي المسال نحن نعمل مع الشركات وليس مع الدول. شركات النفط مثل بريتيش بيتروليوم، وشيل، وبريتيش غاز، هي التي تقوم بمهمة استيراد الغاز الطبيعي المسال." ورداً على تصريح شلومو الذي ادعى فيه أن مصر أبدت اهتماماً بالغاز الصهيوني، قال عبد الرحيم: "لا توجد مفاوضات ولا اتصالات، ولا شيء على الإطلاق بيننا وبينهم."
ويؤكد التقرير أن استيراد الغاز الطبيعي المسال سيكلف أكثر بكثير (حوالي ١٢ دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية) من الغاز الذي يمكن أن يضخه الاحتلال الصهيوني عبر خط الأنابيب إلى مصر، كما سيتطلب استيراد الغاز الطبيعي المسال إقامة محطات خاصة قادرة على استقباله.
مثل هذه التكاليف لن تكون في متناول مصر التي تراودها نفسها الآن التوجه إلى صندوق النقد الدولي لينقذها من أزمتها الاقتصادية.
وطبقاً لاستطلاع حديث للرأي أجراه معهد بروكينغ فإن الشعب المصري منقسم تقريباً مناصفة بين من يرغبون في رؤية مصر تحافظ على معاهدة السلام بينها وبين الكيان الصهيوني (٤٦ ٪) وبين من يرغبون في رؤية هذه المعاهدة تلغى (٤٤ ٪).
ويذكر في هذا الصدد أن الفريق عبد الفتاح السيسي الذي رتب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو (تموز) يرغب في أن يراه الناس الوريث القومي للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وإبرام صفقة لاستيراد الغاز من الكيان – رغم أنها مغرية من الناحية المالية – لن يحقق له ما يريد.
ويبقى توريد الغاز من حقل ليفياثان الصهيوني مباشرة إلى مصر محتملاً رغم إنكار رئيس شركة غاز مصر السيد عبد الرحيم للمزاعم بوجود تفاوض حول الصفقة، فكلامه عن أن مصر سوف تتعامل "مع شركات وليس مع دول" يبقي حيزاً لإبرام صفقة مع شركة نوبل الأمريكية.
المثير للسخرية في هذا المجال أن الوزير المصري تحدث عن تفاوض مع قبرص الدولة ولم يذكر أي شركات. مثل هذه التصريحات المتناقضة للمسؤلين المصريين تبدو كما لو كانت تستهدف إخفاء المفاوضات الحقيقية التي تجري بشكل مباشر مع كيان الاحتلال الصهيوني.
وتختم "ميدل ايست مونيتور" التقرير بالقول أياً كان الأمر، وعلى العكس مما ذهب إليه المسؤولان المصريان، بات واضحاً أن مصر ما بعد الانقلاب مهتمة بكل تأكيد بالحصول على الغاز من كيان الاحتلال الصهيوني.