قال وائل – وهو تاجر سعودي سابق من جدة خسر أسهمه في السوق المالي – أن "70% من السعوديين ليسوا سعداء"، ويعمل وائل منذ ذلك الحين في أعمال متعددة منها قيادة سيارة أجرة أو قضاء أعمال لرجال الأعمال والأثرياء من أبناء مدينته، جاء ذلك في مقال لسيمون كير في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في عددها اليوم الثلاثاء.
وسبب عدم سعادة السعوديين نابعة من الحياة المعيشية وارتفاع الأسعار، فـ "أجور البيوت عالية"، يضاف إلى ذلك القلق النابع من مسألة الخلافة على العرش، وما إذا كان الجيل القديم سيتخلى عن حقه فيها ويسمح للجيل الثاني بتولي الحكم، وهو جيل قادر على الإصلاح وتقبل نتائجه.
وهناك مخاوف تتعلق بمشاكل العمالة والطاقة ومخاوف من خسارة السعودية موقعها العالمي كأول منتج للنفط، وحتى اضطرارها إلى استيراد النفط بحلول عام 2027 لسد حاجات المجتمع السعودي الذي يأكل نسبة 24% من ناتجها الإجمالي من النفط، وذلك حسبما نقلت الكاتبة عن محللين اقتصاديين.
وترى الكاتبة أن خلق فرص العمل يعتبر واحدا من أكبر التحديات أمام مجتمعات دول الخليج الثرية، خاصة أن عدد السكان يتزايد بشكل متصاعد. وفي السعودية مثلا فغالبية سكان البلد (28 مليون نسمة) هم من الشباب تحت سن الخامسة والعشرين. وتقول إن أي إصلاح للاقتصاد وعلى قاعدة ثابتة يقتضي كسر العلاقة التقليدية بين الدولة والمواطنين، والتي قامت على تقديم الدولة/ العائلة السعودية الحاكمة المال والمساعدات للمواطنين، مقابل حصولها على ولائهم.
وتشير الصحيفة إلى أن الدولة السعودية مع اندلاع الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا وغيرها شعرت بالخوف من انتقال التجربة إليها، وقامت تبعا لذلك بسلسلة من الإجراءات؛ منها رفع أجور القطاع العام وأعلنت عن 130 مليار دولار ميزانية للإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وتقوم السعودية بإنفاق مليارات الدولارات لدعم المعارضة السورية ولبنان واليمن ومصر والبحرين، وجزء من هذه الدفعة من الدعم الخارجي هي محاولة من السعودية للحد من التأثير الإيراني في منطقة الخليج وجنوب الجزيرة العربية ولبنان.
وبحسب مؤسسة ميرل لينتش، فقد تضخم إنفاق الدولة مع ارتفاع أسعار النفط بدرجة تستطيع الدولة التحكم بميزانيتها (سعر برميل البترول وصل 85 دولارا).
ولم يتراجع المعدل العام للبطالة إلا بدرجة قليلة من 12.2% في عام 2012 إلى 11.7% العام الماضي، وذلك حسب الأرقام الرسمية، لكن خبراء الاقتصاد يعتقدون أن 40% من سكان السعودية ممن هم في سن العمل بدون وظائف.
وتم خلق نسبة 41% من الوظائف الجديدة عام 2011 وكلها في القطاع العام، فيما وصلت نسبة النمو في القطاع الخاص غير النفطي حوالي 5.5%، أي أقل من نسبة 6% التي يعتقد خبراء الاقتصاد أنها ضرورية لتوفير الوظائف.
ومع ذلك تعمل الدولة على الدفع باتجاه زيادة نسبة مساهمة السعوديين في القطاع الخاص، وتحاول عكس التوجهات التي كانت الوظائف الجديدة تذهب فيها للأجانب.
ففي مؤتمر عقد في كانون الثاني/ يناير في الرياض "منبر التنافس العالمي"، تحدث وزير العمل عادل فقيه للمشاركين عن أن نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص قد تضاعفت وأصبحت 1.5 مليون، كل هذا خلال الـ 30 شهرا الماضية.
وفي الوقت الذي يشكك فيه خبراء الاقتصاد بحدوث هذه الزيادة في المشاركة السعودية، لكنهم لاحظوا مساهمة متزايدة من السعوديين في هذا القطاع، حيث ارتفعت من 11% عام 2011 إلى 16% العام الماضي.
ومن أجل مواجهة مشكلة البطالة في سوق العمل السعودي، أجرت وزارة العمل إصلاحا جذريا في قانون العمل وأدخلت عليه نظاما جديدا يقوم على مقياس متحرك من العقوبات على الشركات التي تفضل تشغيل العمال الأجنبية، ومنح النظام حوافز للشركات التي تقوم بتشغيل السعوديين. وتخطط الوزارة لزيادة الراتب الأساسي للسعوديين بنسبة الثلث، وستكافيء الشركات التي تقوم برفع الأجور.
وتشير الكاتبة "كير" إلى الحملة التي قامت بها الحكومة في الآونة الاخيرة ضد العمالة الرخيصة وغير الشرعية، حيث يقدر عدد الأجانب الذين تم ترحيلهم من السعودية في هذه الحملة بما بين مليون إلى 4 مليون، فيما منحت الحكومة رخصا وإقامات لـ 3 ملايين ممن كانوا يعملون بطريقة غير شرعية. ومع ذلك يشكو القطاع الخاص الذي رفض محاولات إصلاح سابقة من كلفة
التشريعات الجديدة.
وأثر رحيل العمالة الرخيصة على قطاع البناء، حيث أصبحت مواقع البناء خالية من العمال الأجانب، كما كافحت الكثير من الشركات من أجل توسيع عملها أو إنهاء المواقع التي كانت تحت الإنشاء رغم أن قطاع البناء يعتبر من أكبر القطاعات، وتقدر قيمته بحوالي 62 مليار دولار أمريكي، وارتفعت أسهمه في السوق المالي بنسبة 80%.
وتشتكي الشركات من بطء الإصلاحات التعليمية، خاصة أن الكثير من السعوديين يفتقدون المهارات التي يحتاجها القطاع الخاص، ولديهم حس بالترفع عن القيام بأعمال أقل من مستواهم الاجتماعي.
وبحسب جون سفكينانكس من شركة الإستثمار "مازيك" ومقرها الرياض "ستكون هناك مشاكل حول الإنتاجية في البداية، ولكن عليك البدء من نقطة ما". وأضاف "لا يتوقع القطاع الخاص استمرار منافع الـ 50 عاما؛ عمالة رخيصة، طاقة مجانية وأرض بدون ضرائب، ولن يبقى الوضع كما كان".
وتقول الصحافية إن الحكومة السعودية تحاول استيعاب مشاكل إصلاح قطاع العمل، لكن التغييرات الأخرى مثل تخفيض الدعم الحكومي المكلف سيكون من الصعب تطبيقها.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية، التي تراقب موضوعات الطاقة أن توليد الطاقة من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، سيسمح لها بالتفوق على كل من روسيا والسعودية لتصبح أكبر دولة منتجة للنفط في العالم بحلول عام 2015.
وفي الوقت الحالي فالطاقة الكهربائية المدعومة من الحكومة، والنفط الذي يدفع الطاقة المحلية، يأكل نسبة 24% من مجمل الناتج المحلي للنفط، مما قد يؤدي بالسعودية إلى استيراد النفط بحلول عام 2027.
ومع اعتقاد المحللين الإقتصاديين بأن الدولة ستجبر نتيجة لهذه التحديات إلى إصلاح نظام الدعم على المواد الأساسية، إلا أن المسؤولين الغربيين يعتقدون بعدم دفع الملك عبدالله الذي يحظى بشعبية واسعة نحو خطوات كهذه.
وتختم بالقول إن السعوديين قلقين من مسألة الحكم، ومن سيخلف الملك البالغ من العمر 90 عاما، فيما يبدو ولي عهده ضعيفا، وفي الثمانين من عمره.
وتقول إن تحول خط الخلافة من أشقاء الملك الباقين ممن يحق لهم تولي العرش السعودي، إلى الجيل الثاني الذي سيتقبل ويدعم التغيير مسألة غير واضحة.
حاء ذلك التقرير نقلا عن عربي 21