انتظره المصريون بفارغ الصبر لعله يعيد جزءا من مكانتها العلمية المفقودة، ويلبي آمال ملايين المصريين المصابين بهذا المرض. غير أن الحقيقة التي ما لبثت أن ظهرت بعد إعلان اختراع القوات المسلحة على يد اللواء إبراهيم عبد العاطي علاجا لفيرس سي والإيدز كانت صارخة جعلت من مصر أضحوكة للعالم في كل الصحف الأجنبية، وسببت فضيحة علمية كما وصفها مستشار الرئيس المعين عدلي منصور، والذي رفض – برغم هجوم مؤيدي الانقلاب له، واتهامه بإهانة الجيش – تغيير موقفه وتبديل تصريحاته.
فماهو الاختراع وهل هو بالفعل علاج حقيقي أو حتي خطوة حقيقية في طريق العلاج؟ ومن هو اللواء إبراهيم عبد العاطي صاحب الاختراع؟ وكيف هي مسيرته العلمية ؟
يبرز التقرير التالي حقيقة العلاج، ومكتشفه، والذي جعل من مصر والمصريين سخرية العالم !!
اخر الدجالين أم معجزة القرن
تساؤل للكاتب علي الغامدي بصحيفة الرياض في مقال نشر عام 2003 عن حقيقة اكتشاف الكيمائي إبراهيم عبد العاطي، وهل يكون معجزة القرن أم آخر الدجالين.
فيقول الغامدي في مقاله: "وحده العنوان في الجريدة العربية شدني للقراءة (الأعشاب تعالج الأمراض الخطيرة في أسابيع قليلة).. ثم قرأت بكثير من الاهتمام، والتركيز (المضمون).. والمضمون، أو المحتوى كان مفاجأة مثيرة (إبراهيم عبدالعاطي) يعلن – على الملأ – وجود علاج عشبي لعدد من الأمراض الخطيرة التي عجز الطب الحديث عن اكتشاف علاج لها رغم ما ينفقه من آلاف الملايين من الدولارات على الأبحاث، والدراسات، والتجارب، والمعامل، والمختبرات دون فائدة".
وعلى رأس هذه الأمراض الخطيرة (الإيدز، والأورام، والسكر، والفشل الكلوي) ومعها بعض الأمراض الإضافية الأخرى (التي تشبه البيع بنظام: اشتر واحدة، وخذ الثانية مجاناً).. والكيميائي إبراهيم لم يترك الفرصة للصحفي الذي التقى به، وعرض أن يعالج عشر حالات إيدز مجاناً للتدليل على أنه جاد في معجزاته الطبية، وهو خبير أعشاب، ويعرف أسرار علاجاتها.
ويتابع الكاتب، فيقول: "وفي حالة نجاح (خلطة الكيميائي إبراهيم) في علاج هذه الأمراض الخطيرة فإن الدنيا ستقوم فعلاً، ولن تقعد، وكيف لها أن تقعد وقد توصل فرد واحد باكتشاف علاج لكل الأمراض المستعصية، والخطيرة بأسهل الطرق، وأبخس التكاليف".
وختم الكاتب بقوله: "ظهر في بلد عربي شقيق ثلاثة أطباء من مُدعي الطب العربي (الشيخ صالح، ومقارع أطباء العلم الحديث، والطفل المعجزة).. والأطباء الستة أعلنوا عبر الصحف أنهم توصلوا لعلاج أخطر الأمراض (إيدز، سرطان، سكر، عقم، جنون).. وأي مرض مستعص آخر ظاهر، أو باطن… ونجح سماسرتهم، وساهمت الصحف في الترويج لدجلهم، وشعوذتهم، ونصبهم فهل يكون الدكتور إبراهيم آخر الدجالين، أم معجزة القرن الواحد والعشرين؟".
الشرق تعلن "حقيقة" عبد العاطي
وفي فيديو لقناة الشرق – منذ أيام – كشفت في برنامجها "الحقيقة والأمل" حقيقة اللواء عبد العاطي، من خلال عرض مقاطع فيديو من برنامج على قناة الناس الفضائية الدينية، والتي تم إغلاقها مع عدد كبير من القنوات الديبنة بمجرد إعلان الانقلاب العسكري في 3 يوليو.
الفيديو المنسوب للشرق يظهر فيه اللواء إبراهيم عبد العاطي باسم الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد العاطي المعالج بالأعشاب.
وتابعت الشرق مفاجآتها في اكتشاف أن عبد العاطي ليس عسكريا متدرجا في رتب الجيش المصري، ولكنه لواء مكلف، وهي رتبة شرفيه تعطيها المؤسسة العسكرية لعبض الأفراد المدنيين من خارج صفوفها في بعض الوظائف، وكان أشهر من حصل عليها المستشار محمد عبد الوهاب.
وقالت الشرق أن عبد العاطي تقدم العام الماضي ببحث للواء طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والذي أعجب بأدائه، ومنحه رتبة لواء.
وتابعت الشرق أنها تحدثت لأحد مصادرها، وهو مواطن علي علاقة وثيقة بعبد العاطي – منذ سنوات – بين أنه معالج بالأعشاب، وظهر على عدد من القنوات الدينية، وكان يعالج أحد أقربائه لمدة 4 سنوات بالأعشاب بعد فشل العلاج الكيمائي ولم يحقق طوال هذه السنوات أي نتائج إيجابية.
"علاج الإيدز بصباع الكفتة"
ووصفت فرانس 24 العلاج بقولها المثير للضحك في الموضوع أن الضابط الكبير، اللواء عبد العاطي، الذي أعلن عن الجهاز في المؤتمر الصحفي؛ قال إن الجهاز يقوم بالقضاء على فيروس الإيدز خارج جسم المريض، ثم يعاد الفيروس الميت إلى الجسم مرة عن طريق وضعه في إصبع كفتة يتناوله المريض، وهو ما أثار عاصفة من "النكت" على شبكات التواصل الاجتماعية.
وقالت شبكة "فرانس 24" الفرنسية: "إن الاختراع المزعوم للجيش قوبل بتشكيك محلي وخارجي، ونظر إليه على أنه دعاية سياسية أكثر من كونه اكتشافًا علميًّا".
"انتهازية سياسية" و "دعاية للجيش"
وأشارت صحيفة "النيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن إعلان اللواء إبراهيم عبد العاطي اختراع جهاز وعلاج جديد لفيروسي نقص المناعة المكتسبة "إيدز"، وفيروس "سي" المتسبب في سرطان الكبد مجرد انتهازية سياسية ودعاية للجيش في وقت يتوقع فيه إعلان ترشح عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب للانتخابات الرئاسية.
ووصفت الصحيفة الاختراع بالعبثي، والذي من شأنه أن يضر بسمعة مصر وأطبائها وعلمائها، فضلاً عن تأثيره السلبي على الصحة العامة، خاصة أن معدلات الإصابة بفيروس "سي" عالية جدًّا في مصر.
ووصفت صحيفة "إنترناشيونال بيزنس تايمز" الاختراعات والاكتشافات التي أعلن عنها الجيش المصري بالخدعة، والتي تصنف ضمن حملة الدعاية لصالح الجيش بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
وأشارت إلى أن الاختراعات التي أعطت الأمل للملايين حول العالم تحولت إلى صدمة، بعدما كشف عصام حجي، المستشار العلمي للرئيس المؤقت عدلي منصور، عن أن لديه وثائق تؤكد أن تلك الاختراعات غير فعالة.
أما موقع "ماشابل" الشهير، والمتخصص في الأجهزة التقنية، ومتابعة مواقع التواصل الجتماعي؛ فذكر أن الجهاز الذي ظهر في دعاية الجيش المصري على أنه يكتشف الإصابة بفيروسي الإيدز والكبد الفيروسي "سي" شبيه بجهاز الكشف عن المتفجرات المزيف الذي باعته شركة بريطانية للعراق العقد الماضي بنحو 85 مليون دولار أمريكي.
سخرية عارمة من نشطاء الفيس
أما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لم يكذبوا خبرا، وتداولوا مقطع فيديو للواء عبد العاطي، وهو يؤكد أن الجهاز الخاص بكشف مرض الإيدز وعلاجه، إعجاز علمي خطير يهزم هذا المرض، ولن يكلف مصر استيراد مصل من الخارج، وأضاف خلال شرحه للكشف العلاجي: “سجلوا يا جماعة إننا هناخد مرض الإيدز من المريض ونرجعه له تاني كغذاء، يعني هناخد الإيدز ونحطه في صباع كفتة ونغذي بيه المريض”.
البعض سخر من حديث اللواء، فقال محمد سعيد، على “فيس بوك”: الله ع الكفتة.. طيب اللي بيحب المشويات يعمل أيه يموت بإيدزه؟!
وسخر مينا فوزي من المقولة الشهيرة قائلا: “هو البني آدم أيه، غير صباع كفتة وشوية فيروسات على بعض!.
وقال عمر جبر ساخرًا: "أنت في بلد الكفتة والله العيل بيتولد من بطن أمه ابن حاتي، طب والله العظيم إنت كفتجي ميه الميه الميه الميه .. طب عليا النعمة أسياخنا راضيين عليك".
وعلق خالد حامد: "وزارة الصحة بدأت في تصنيع أول طائرة حربية؛ ردًا على اكتشاف القوات المسلحة علاج مرض الإيدز بالكفتة".
فيما علق آخر على ذلك قائلاً: "الروشتة اللي الصيادلة هيصرفوها قريب: أسياخ كفتة قبل الأكل 3 أسياخ كباب عند اللزوم سيخ شيش طاووك قبل لنوم، وبالشفا يا معلم مع تحيات صيدلية الحاج عبده كفتة".
"تجاهل تام"
وبرغم ذلك لم ترد القوات المسلحة حتى اللحظة علي كل هذه الاتهامات للجهاز، والواصفة إياه بالفضيحة، وغير العلمي
فهل بالفعل لم يكن الأمر سوى وسيلة لدعم السيسي قبل ترشحه في انتخابات الرئاسة؟
السؤال الذي يجعلنا نطرح تساؤلا آخر، وهو: متي تحترم السلطة عقول المصريين؟
http://www.youtube.com/watch?v=O1fdHT5PfcA