شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

معاناة أهالي معتقل بين طوابير الإنتظار.. وهمجيّة سجان

معاناة أهالي معتقل بين طوابير الإنتظار.. وهمجيّة سجان
  يوم واحد يكفي لمعرفة شقاء جحيم الدنيا الحقيقي ،  فقط سيتطلب الأمر منك زيارة لسجون الانقلاب ، والشعور...


 

يوم واحد يكفي لمعرفة شقاء جحيم الدنيا الحقيقي ،  فقط سيتطلب الأمر منك زيارة لسجون الانقلاب ، والشعور بثِقل الإنتظـار ، وصمت الحوائط التي تحمل أبجديات معاناة معتقل ، وهمجية سجّان  ..


طابور لا تستطيع رؤية بدايته، منظر يتجدد فى أيام الزيارة لمن كان له عزيز معتقل بسجن (( جمصة )) فى محافظة الدقهلية ، وساعات من الوقوف تصيب الصحيح بالسأم والضجر ، وسط ملامح أعياها تعسف وظلم الإنقلاب .

حينما تزور المكان وفور مرورك ببوابة سجن قمصة تجد على  يسارك ظابط أو أكثر لن يسمحوا بدخولك ولو أمطرت السماء و ابتلت ملابسك وأضناك التعب .

طابور طويل من أهالي الجنائيين ، يتجاوز الستين شخصا فأنت لا تستطيع إدراك عدد الواقفين فيه من كثرة ما يشوبه من فوضي و تزاحم و غياب تام للنظام
 


وبعد وقوف في الطابور لساعات تُنهك فيها أّذنيك بوابل من السباب والشتائم بأقذع الألفاظ ، تمر على جهاز تفتيش  ، تضع عليه أمتعتك ، فيتم فحصها ضمن شاشة كمبيوتر لإظهار ما بها دون لمسها

وبعدها يتم الدخول لحجرة مغلقة هى أشبه ما يكون بمقهى صغير في حي شعبي قديم ، يشوبه تهوية رديئة ،و رائحة كريهة ،فلا نوافذ لدخول الشمس، و لا فتحات لتجديد هواء الغرفة ، مفرداته سقف لا تكاد تراه من أدخنة السجائر، و أرضية لا تستطيع تمييز لونها من كثرة التراب المتراكم عليها ، و أطفال الجنائيين المتشردين في كل مكان لا يهدؤون ، إلى جانب إلى إحتوائه على عدد قليل من الكراسي لا يكفى إلا كبار السن و قليل من النساء ، أما دورة المياه فهي  مختلطة لا ترتقي للاستخدام الآدمي فمياهها القذرة فاضت فأغرقت نصف القاعة ، و لا يوجد صندوق قمامة واحد ،فلما الحاجة إليه في مكان كهذا ؟


فالمكان بالفعل مقلب للنفايات!

 

ووسط هذا كله تجد نفسك مجبرا على الوقوف في طابور لا يقل طولا أو يزيد نظاما عن سابقه

 

طابور به عشرات الأشخاص، يقابلهم فقط موظف واحد، لو تعمد إصابة الزائرين بجلطة دماغية، لما تصرف معهم بكل هذا التلكؤ، يبدأ فى الإستعلام أولا عن إسم السجين و إسم الزائر ، ثم يأخد البطاقات الشخصية ، و يسجل الاسم كاملا ، و الرقم القومى ، و نوع العمل و الدراسة في بطء مصطنع

 

مع العلم أنه في باقي السجون يصور الموظف بطاقات الزوار ، ثم يدخلهم سريعا!

 

و بعد انتظار قد يدوم من أربع لخمس ساعات ، وسط أعين الجنائيين التى تنهش أهالي المعتقلين السياسيين بنظراتهم ، ووسط عبارات الاستهجان و السخرية التى تفحم آذانهم ، و التى قد تصل أحيانا للإستهزاء بالزى الاسلامى ! ، يأتى أحد الظباط الذي لو كانت الإنسانية رجلا لتبرأت منه ، لينادى علي الأهالي بأقبح الشتائم و أبشع الكلمات ، ثم يأخد جولة داخل الغرفة ، فيختار من الجنائيات أشرسهن ، ثم يولّها مهمة تفتيش النساء ذاتيا ، في وضع تربّع على عرش الذل و الإهانة

 


ثم تفتش الأمتعة مرة أخرى ، و لكن هذه المرة علي منضدة كبيرة ، يمزق عليها العساكر أكياس الطعام و يقومون بفحصه بهمجية ، و يفتشون الملابس جيدا ، ثم يسمحون بإدخال ما يشاءون فقط

 

ومن بعدها يترك الزائرين قاعة الانتظار ، ليدخلوا قاعة أخرى ليست أفضل حالا منها ،فمن المفترض أنها قاعة يلقي فيها الأهالي السجناء مباشرة، ولكن في حقيقة الأمر ،هى ليست سوى قاعة انتظار ثانية! حيث يجلس فيها الزائرون قرابة الثلاث ساعات انتظارا لرؤية ذويهم

 

و أخيرا و بعد عذاب دام قرابة الثمان ساعات ،ينعم الأهالي أخيرا برؤية أحبائهم ،مدة لا تزيد عن العشر دقائق ، و ربما رضي عنهم الضابط فمد لهم الفترة ولكن ليس كرمه بالكثير . 

 

و هكذا يودع الأهالي فلذات أكبادهم ثم يخرج الزائرين من نفس البوابة التى دخلوا منها في السابعة صباحا،لا يعلمون هل من  المفترض أن يفرحوا بلقاء أحبتهم!

 


 

أم يحزنوا للحال الذي أوصلنا إليه الانقلاب العسكرى!


 

ولكن في غالب الأمر يكتفوا فقط بترديد " حسبي الله ونعم الوكيل"

 

 

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023