غلق مواقع التواصل الاجتماعي، هل قمع للحريات، أم إجراءات احترازية؟ أين كانت فبلا شك أن هذا الأمر يثير سخط الشباب، الذي أصبح الإنترنت جزء من حياتيه اليومية.
قطع المخلوع مبارك الإنترنت عن مصر بأكملها إبان ثورة يناير، ولكن هذا لم يحميه، ومجددًا يثار الجدل ولكن هذه المرة في تركيا حول غلق موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، البعض يراه حفاظًا للبلاد من مؤامرات داخلية، والآخر يرى الغلق، قمعٌ للحريات.
حسابات مزورة
يتواصل الكشف عن شكاوى تقدم بها مواطنون أتراك، إلى القضاء بخصوص انتهاك حقوقهم الشخصية عبر حسابات على موقع تويتر، الأمر الذي دفع هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية إلى عرقلة الوصول إلى موقع تويتر، كتدبير احترازي، بموجب قرارات قضائية، نظرًا لعدم قيام مسؤولي الموقع، بحذف الروابط المنتهكة للحقوق الشخصية.
وكان من بين المتضررين، الذين قدموا شكاوي، على سبيل المثال، الشاعر التركي عصمت أوزل، الذي تقدم بشكوى إلى القضاء، في مدينة اسطنبول، بدعوى انتهاك حقوقه القانونية، عبر حساب مزور باسمه على تويتر.
وفي السياق ذاته، كشف عدنان أيدن، محامي سيدة تقدمت بشكوى في هذا الإطار، أن موكلته التي لم يكشف عن اسمها، تقدمت بالشكوى إلى إحدى المحاكم في ولاية سامسون شمالي تركيا، على خلفية قيام شخص بفتح حساب مزور يحمل اسمها، ونشر صور مستهجنة، عبر الحساب المزور، حيث قضت المحكمة بـعرقلة الوصول إلى الحساب المعني، إلا أن عدم تنفيذ القرار من قبل إدارة تويتر، كان من بين الأسباب التي أدت إلى عرقلة الدخول إلى الموقع.
بدورها نفت النيابة العامة في اسطنبول، الأخبار التي تحدثت عن تقديمها طلب عرقلة الوصول إلى تويتر، مؤكدة أنها لم تتخذ أي قرار بهذا الخصوص، فيما لفت يالتشين أكدوغان، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، والنائب عن حزب العدالة والتنمية، أن وصف قرار عرقلة الوصول إلى تويتر، بالحظر أو الإغلاق لا يعد وصفاً صحيحا بل هو إجراء احترازي محض.
أردوغان يتهم المعارضة
من جانبه انتقد رئيس الوزراء التركي، رئيس حزب العدالة والتنمية “رجب طيب أردوغان”، جماعة “التنظيم الموازي”، مشيراً أنهم يستبيحون كل الوسائل، في سبيل الوصول إلى أهدافهم.
جاءت انتقادات أردوغان في خطاب جماهيري ألقاه في مدينة ريزه التركية، وذلك في إطار الدعاية الانتخابية التي يقوم بها الحزب، قبيل الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها نهاية مارس الجاري.
كما انتقد أردوغان، زعيم حزب الشعب الجمهوري “كمال قليجدار أوغلو”، مشيراً أنه يتلون بحسب مكان وجوده، وأنه يظهر كونه قومياً في مدينة إزمير، ويظهر كأنه أسدي في سوريا، ويظهر في هكاري كإنفصالي.
وفي حديثه عن جماعة التنظيم الموازي، قال أردوغان إنهم يفعلون أي شيء في سبيل الوصول لأهدافهم، وأنهم يقومون بأعمال ابتزاز، يستخدمونها في أوقاتها المناسبة.
يذكر أن أوساط الحكومة تتهم جماعة “فتح الله غولن” الدينية، بشكل غير مباشر بالتغلغل الممنهج داخل أجهزة الدولة في مقدمتها الأمن والقضاء، وتشكيل كيان مواز.
وسبق أن هاجم أردوغان، في خطاب جماهيري ألقاه في مدينة “أرتفين” التركية، اليوم غولن قائلاً “ما هو ذلك الشخص المقيم في بنسلفانيا، هل هو عالم دين، أم مدير مخابرات، فالأمر غير واضح”.
وتأتي انتقادات أردوغان الحادة، عقب اكتشاف عمليات تنصت مؤخراً وسط اتهامات للكيان الموازي بالوقوف ورائها عبر امتداداته في الأمن، حيث تم التنصت على مئات الآلاف من الهواتف، منها عدد كبير من هواتف المسؤولين والوزراء التابعين لحكومة حزب العدالة والتنمية.
نائب أردوغان يتبرأ
وقال نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت أرينج، أن قرار حجب الوصول إلى موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، لم يصدر من الحكومة، وإنما من هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية، ووفقا للمعلومات الواردة منها، فهناك شكاوى بحق بعض مستخدمي “تويتر،” وقد قررت المحكمة إغلاق حساباتهم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي له في ولاية مانيسا، غرب تركيا، التي يزورها في إطار الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.
واعتبر أرينج، أن هذا الإجراء ليس حظرًا، وإنما تطبيقًا لقرارات قضائية اتخذت بناء على شكاوى من المواطنين، وبسبب عدم امتثال “تويتر” لهذه القرارات، مضيفا: “لدي حساب على تويتر، ونحو مليون و200 ألف متابع، وحتى اليوم لم يشتكي أحد، ولكن هناك من ينشر ما يقلب الحياة الشخصية للآخرين رأسا على عقب، وعندما يغدو الأمر كذلك، فإن جميع محاكم العالم ترى حظر هؤلاء أمرا قانونيا”.
جول يستنكر
وعلى صعيدٍ متصل، عبر الرئيس التركي عبدالله جول، عن أمله بأن لا يطول الحجب الاحترازي المفروض على موقع التدوينات المصغرة “تويتر” معتبراً الإغلاق التام لمواقع التواصل الاجتماعي عملاً غير صائب.
وأضاف جول، في تغريدة له في حسابه على تويتر، أنه لم يعد من الممكن تقنيًا في ظل التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم إغلاق موقع كـ”توتير” يستخدمه الملايين، لافتًا إلى “أنه في حال وقوع انتهاكات للخصوصية، فالمحكمة هي الجهة المخولة في إصدار قرار الإغلاق، ويكون القرار محصوراً بالصفحة المخالفة”.
زعيم المعارضة: قمع حريات
وعلى الجانب الآخر، انتقد زعيم “حزب الشعب الجمهوري،” المعارض الرئيسي بتركيا، كمال كليتشدار أوغلو، عرقلة الوصول إلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر في البلاد، كتدبير احترازي، قائلا: “إنها المرة الأولى التي يقوم فيها حزب سياسي منتخب بأصوات الشعب، بجلب الحظر إلى البلاد، عوضا عن الديمقراطية”.
جاء ذلك في تصريحات صحفية بمقر حزبه، في أنقرة، حيث أكد كليتشدار أوغلو، أنه “لايحق لأحد أن يحول تركيا إلى دولة من دول العالم الثالث”، مضيفا: “المجتمع يريد الحرية، بينما أنتم تمارسون الضغط، المجتمع يريد أن يتحدث بأريحية، وأنتم تفرضون حظرا”.
وأردف رئيس الحزب، أن الناس يغردون على تويتر، ويعبرون عن آرائهم، متسائلا ” لماذا يخاف” رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من ذلك، على حد تعبيره، مؤكدا أن حزب الشعب الجمهوري سيفعل ما بوسعه حيال الموضوع، داعيا النقابات، ومنظمات المجتمع المدني المعنية، والإعلام إلى المبادرة لفعل ما بوسعها ضد قرار عرقلة الوصول الى موقع تويتر، (الذي اتخذ كتدبير احترازي وفق قرار القضاء، ضد انتهاك الحقوق الشخصية، نظرا لعدم قيام إدارة الموقع بحذف الروابط المنتهكة لتلك الحقوق).