شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الحالة الطلابية (1)

الحالة الطلابية (1)
  صنعت الحركة الطلابية مشهدا مختلفا تجاوز إشكاليات الواقع المنقسم وثنائيات الإعلام المضاد وعيوب السيولة...

 

صنعت الحركة الطلابية مشهدا مختلفا تجاوز إشكاليات الواقع المنقسم وثنائيات الإعلام المضاد وعيوب السيولة الثورية وواجه الأزمة الانقلابية بتركيبة أكثر قوة عمادها صف طلابي موحد يتقدم في ثقة وثبات يبذل التضحيات في رضي وصبر ليكون الرقم الصعب في معادلة الثورة والانقلاب ويفرض نفسه علي الفضاء العام بداية من أول مظاهرة وحتي دخول التحرير للمرة الأولي بحشود طلابية وانتهاءا بكسر الانقلاب المتوقع

وطبقا للوضع الحالي حققت الحركة الطلابية رغم قسوة المشهد انجازات جيدة علي المستويين التوعوي والميداني فبحسب عدد من التقارير الواردة عن بعض المؤسسات الإعلامية ك"الجزيرة ورصد والصفحة الرسمية لطلاب ضد الانقلاب" فإن الطلاب تمكنوا من إشعال الثورة في معظم الجامعات وفتحوا جبهتها بأقصى طاقة ممكنة منذ أسبوعها الأول وعلي مدار فصل دراسي كامل جسدوا الحالة الثورية العامة وأعادوا لها الزخم وسحبوا بقعة الضوء المحلية والعالمية ومثلوا توتر حاد في معسكر الانقلاب انعكس في شكل إجراءات قمعية هستيرية ومع محاولة التدقيق في إحصائيات جامعة المنصورة كنموذج باعتبارها أكثر الجامعات الحكومية المدنية تعرضا للقمع سنجد أنها لم تكن تهدأ إطلاقا فقد شهد حرمها الرئيسي (أكثر من 20 مظاهرة حاشدة بواقع واحدة أو اثنين للأسبوع الواحد اشترك في كل منها ما بين ألفين إلي خمسة ألاف طالب حدث علي إثرها اربع اقتحامات أمنية للجامعة بالمدرعات بالإضافة لعدد كبير من الفعاليات النوعية الأخرى ك 10 سلاسل بشرية علي الأقل حول الجامعة وداخلها وتدشين ميدان باسم رابعة شهد فعاليات دائمة وحركة لم تهدأ داخل الكليات ) وبالطبع تتفاوت قوة الفعاليات في باقي الجامعات لتبلغ أشدها في جامعة الأزهر تحولت من داخلها إلي معسكر للأمن المركزي والقوات الخاصة وخارجها حيث ترتكز الوحدات العسكرية.

وفي المسار التوعوي شهدت الجامعات انتشار لفرق العمل وقوافل وخيم التوعية بمتوسط 8 وحدات للأسبوع الواحد علي الأقل وتوزيع مئات الألاف من النشرات والكتيبات وإقامة المعارض وعروض (الداتا شو) التي تفضح الانقلاب وجرائمه وترسم وعي صحيحا يمكن قياس مدي ترسخه بما شهدته كافة محطات الانقلاب الجماهيرية من عزوف الشباب والطلاب بشكل ملحوظ كما ورد في العديد من التعليقات والتقارير الإعلامية عقب انتهاء الاستفتاء علي الدستور الدموي

وعلي المستوي التكتيكي والاستراتيجي يبقي استمرار الحراك الثوري وتصاعده رغم القمع الموجه دليل نجاح ينتقل بنا تأمله إلي دراسة عدد من العناصر الأساسية للثورة الطلابية ومنها:

1. الرؤية

حدث الانقلاب العسكري مع أواخر انتهاء العام الدراسي السابق مما أعطي للطلاب فرصة كاملة للإعداد الجيد وتحديد المنطلقات بدقة والتي بدي واضحا أنها ارتكزت علي خمس محددات رئيسية وهي : "السلمية الرادعة" "المبادرة الذكية" "الثورية الدافعة" "النفس الطويل" "تشتيت الجهود" والمتابع يجد أن الطلاب قد نجحوا في تحقيق رؤيتهم فالتزموا بالسلمية الرادعة علي طول الخط في ثورية تجاوزت الاختلافات السياسية والتفاصيل الصغيرة مدركين أن المعركة مفتوحة المدي الزمني والتكاليف فأضافوا لها اتساع المساحة الأفقية مما مكنهم من تشتيت جهود الانقلابين وتركيزهم فتحكموا بالفعل في رسم المشهد داخل الجامعة وترتيب أولوياته بما يناسب قدراتهم وإمكانية المباغتة بما يربك المؤسسات الانقلابية الأمنية والإدارية ويبقيها في حالة رد فعل محيداً جزء من قوتها ومفسحاً المجال لمزيد من المد الثوري واكتساب أرض جديدة يترتب عليه اندفاع أمني همجي غير محسوب يواجهه صمود طلابي أسطوري عالي التكلفة في معركة لم يرتب مشهدها بشكل يمكن استثماره فتنكشف الانتهاكات الأمنية والحقوقية الصارخة التي تعبر عن الوجه الحقيقي. للانقلاب.

2.الهيكيلية

أتي الانقلاب صادما ومتجاوزا لكل الوسائل والبدائل المطروحة في الواقع الطلابي لأنها لم تُعد أصلا لمجابهة وضع شبيه أو العمل في ظروف مماثلة فبدأ الطلاب يفكرون في استحداث وسائل جديدة لها أفاق تنظيمية وفكرية أوسع تكون قادرة علي التنسيق مع الموقف الطلابي المؤسسي الرسمي في الجامعات المختلفة فأعلنوا بمجهود فردي في عدد من الجامعات عن تأسيس حركات طلاب ضد الانقلاب ولم يلبث أن حدث تواصل جمعي نتج عنه تأسيس حركة طلاب ضد الانقلاب المركزية كمظلة للعمل ضد الانقلاب العسكري امتدت لتشمل كل جامعات القطر المصري والمطلع علي بيانها التأسيس يتأكد من محاولة الطلاب تجاوز كل التنظيمات والحركات المتواجدة بخلافاتها ومشاكلها إلي كيان موحد الهدف يتسع للجميع ومصمم هيكليا لخوض معركة الانقلاب بما يقتضي عدم حرق الكوادر إعلاميا وأمنيا في لا مركزية حركية ووحدة منهجية وتنسيق تكتيكي عالي .

3.النضج

بدي المجهود الطلابي عموما أكثر نضجا من المجهود النخبوي والقيادي خارج الجامعة فقد ظهر التنسيق علي ثلاث مستويات بين مختلف القوي الطلابية أولها علي أساس عودة الشرعية تحت مظلة طلاب ضد الانقلاب وثانيها علي أساس رفض حكم العسكر وثالثها علي أساس الحقوق الطلابية العامة ونجحوا في إقامة تحالفات والتقاءات مختلفة تعرض بعضها للفشل والبعض الأخر للنجاح وشهدت عدة جامعات صدور عدد من البيانات الرسمية والسياسية التي تعبر عن مختلف التنوعات فيها إزاء القضايا المشتركة حتي أن مواقف بعض المكاتب السياسية تباينت مع مواقف أحزابها الأم في عدة مواقف كما شهدنا في موقف مكتب طلاب حزب الدستور الدي رفض الانخراط في مهزلة التفويض في بيان رسمي ثم أصدر عدة بيانات رسمية تدين وزير التعليم حسام عيسي رغم كونه منتميا لحزب الدستور وقتها ولا يختلف موقف حركة طلاب مصر القوية كثيرا والذي أعلن عن موقفه المقاطع للدستور قبل اعلان الحزب نفسه موقفا مخالفا تراجع عنه في النهاية بالإضافة للمشاركة الواسعة علي المستوي الفردي لعدد بارز من قيادات الحركات الثورية رغم وجود خلافات واضحة بينها.

4.الصمود

خلال مدة تقترب من ثلاثة شهور والدولة بكافة مؤسساتها محتشدة لقمع الثورة الطلابية بعد حملها لواء الحراك الميداني وإعادتها الزخم للثورة في فضائها العام فواجهتها باستهداف اعلامي يمهد الوعي الجمعي لمجازر بحق أفرادها ثم انتهاكات إدارية عبر فصل أكبر عدد ممكن من الطلاب بنية تغييب الرموز وتخويف الحشود بلغت حصيلتها في جامعة المنصورة وحدها 15 حالة فصل تجاوزت 9 منها ترم كامل ثم انتهاكات أمنية عبر اقتحام الجامعات بدعم من البلطجية وتواطئ من أمن الجامعة لقمع المظاهرات واصطياد الطلاب وإيقاع الإصابات البالغة في صفوفهم وملئ ميادين الجامعة بالمجنزرات والمدرعات وسحب الغاز لعسكرتها في محاولة للحد من المد الطلابي الرافض للعسكرة حتي بلغت حصيلة الانتهاكات (1557 حالة اعتقال موجهة ضد الطلاب ربعها تقريبا داخل الحرم الجامعي وسقوط 184 شهيد منهم 16 حالة داخل الحرم الجامعي) إلا ان صمود الطلاب حوّل كل إجراءات القمع إلي نقطة ضعف جديدة في ملف الانقلابين ورسخ في الأذهان حقيقة الوضع المتردي لملف الحريات في ظل الانقلاب وأكسب الثوار وقودا أخير غير مطالب الشرعية وهو القصاص .

5.الحالة الكاملة

نجح الانقلاب في توجيه ضربة أمنية باعتقال عدد من رموز الحراك الطلابي صاحبة الدور البارز اعلاميا وقياديا كبعض أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر ورؤساء اتحادات بعض الجامعات ومسؤولي بعض فرق طلاب ضد الانقلاب إلا أنه سمح في الوقت نفسه بإكمال مشهد الثورة الطلابية عبر خلق رموز حاضرة في المشهد ومؤثرة رغم تغييبها القسري في السجون بالإضافة لفتح المجال لصعود عدد من الكوادر الجدد الغير ملاحقين أمنيا والغير معروفين علي مدي واسع بما لا يسمح بإيقاعهم بسهولة ومما يعطي حيوة أكثر للحراك علي الأرض.

6.الإبداع

لم يغب العنصر الإبداعي عن الحراك الطلابي علي مستويات عدة منها استحداث الوسائل والأدوات التي تناسب المعركة كمؤسسات الكفالة المختلفة للطلاب المعتقلين ومؤسسات الرصد الحقوقي والميداني للانتهاكات ومؤسسات الرصد الإعلامي المختلفة وأيضا الإبداع في استخدام وسائل حرب اللاعنف في التغلب علي البطش الأمني والإبداع التكتيكي والخططي ظل حاضرا بعمق ما أشرنا سابقا .

وبعد التحليل الدقيق للمشهد يبقي سؤالين في غاية الأهمية الأول عن المخاطر التي يجب أن يتحاشاها الحراك الطلابي وعن الحلول الدي سكبها في الفضاء الثوري العام وإمكانية الاستفادة منها بالدرجة القصوى ولعلنا نواجهها بتفكيك مشهدها في مقال أخر.

وأخيرا تستطيع بنظرة واحدة مدتها 10 ثواني لمشهد بعض الطلاب المعتقلين وهم ينزلون من عربة الترحيلات للعرض علي النيابة في التهم الملفقة لهم بوجوه مشرقة وعزائم ثابته وفي انتظارهم العديد من زملائهم بالهتافات والبسمات أن تكتشف أن هدا الجيل سيصنع فارقا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنويه: كافة الإحصائيات المتعلقة بالانتهاكات الحقوقية الأمنية والإدارية في حق الطلاب مصدرها مرصد طلاب حرية وهو مرصد حقوقي مختص بشئون الحركة الطلابية

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023