شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السينما المصرية .. هل تقضي على قيم المجتمع؟

السينما المصرية .. هل تقضي على قيم المجتمع؟
  تعد السينما من أقوى أدوات التأثير على المجتمعات؛ إذ تدلف إلى كل بيت دون إذن، في الوقت الذي...

 

تعد السينما من أقوى أدوات التأثير على المجتمعات؛ إذ تدلف إلى كل بيت دون إذن، في الوقت الذي أصبحت الرقابة عليها – في عصر الانفتاح الإعلامي – من أعسر الأمور.

وفي الوقت الذي يتمسك كل مجتمع بأصالته في أفلامه السينمائية وإنتاجه السينمائي، إلا أن السينما المصرية شهدت – بحسب خبراء – تدهورًا ملحوظًا في القيم والأخلاقيات أدى إلى تراجعها واختفاء الإبداع فيها.

 

"وجه كلمة للسبكي"

 

كان آخر ما أنتجته السينما المصرية فيلم "حلاوة روح" والذي منعت دولة قطر عرضه داخل حدودها لاحتوائه على مشاهد فاضحة، تتنافى مع القيم والأخلاق. الأمر الذي جعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يدشنون "هاشتاجا" بعنوان "وجه كلمة للسبكي"، وذلك في إشارة لمنتج الفيلم، محمد السبكي.

وقد واجه منتج فيلم "حلاوة روح"، محمد السبكي العديد من الانتقادات لما يتناوله في أغلب أفلامه من مشاهد فاضحة وألفاظ خارجة، حيث جاءت تعليقات رافضة للأفلام التي ينتجها.

 

بينما أصدر المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر، بيانا أعلن فيه استياءه من الفيلم، ولفت إلى خطورته، حيث يمثل إساءة لصورة المرأة والطفل، على حد تقديره.

وجاء هجوم المجلس على الفيلم ضاريا لما وصفه البيان بـ"الخطورة الحقيقية على أخلاق الأطفال وتعريض قيمهم للخطر"، بالإضافة إلى أن الفيلم لا يتناسب وعادات وتقاليد المجتمع المصري.

وتطرق البيان أيضا إلى استغلال الأطفال من خلال مشاركتهم في الأعمال الفنية، واعتبر ذلك مخالفة صريحة لقانون الطفل رقم 126 لعام 2008، حيث يشارك الطفل كريم الأبنودي في الفيلم، ويظهر بدور رآه المجلس غير لائق.

أما غرفة صناعة السينما (حكومية) فأكدت في بيان لها أن إيرادات الفيلم، الذي بدأ عرضه في دور السينما يوم 8 أبريل الجاري، لم تتجاوز مليون جنيه (143 ألف دولار)، نافية صحة تصريحات منتج الفيلم محمد السبكي بتجاوز إيراداته الثلاثة ملايين جنيه (429 ألف دولار) .

 

كما أصدر رئيس الوزراء الانقلابي، إبراهيم محلب، مساء أمس الأربعاء، قرارا بوقف عرضه، لحين ورود قرار هيئة الرقابة على المصنفات الفنية بشأنه، وذلك بعد أن تعرض الفيلم لحملة انتقادات لاذعة.

 

حرية أم مؤامرة؟

 

لكن الانتقادات لم تقتصر على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فقد انتقد الكاتب عماد أبو الفتوح السينمـا المصـرية في مقال له بعنوان "السينما المصرية.. حرية أم مؤامرة لتدمير المجتمع" قائلا أنها مثـال رئيسي للسينمـا العربية، باعتبـارها الأكثر مشـاهدة وانتشــاراً طوال العشـر سنوات الماضية، ولخصها أبو الفتوح في عدة شخصيات، هي: "بلطجـي سكّيــر يعاني مشاكل اجتمـاعية .. يصارع الحيــاة .. يلعب القمــار .. مهرجــان شعبــي تتراقص فيه راقصــة عارية بدينة .. مشهـدين أو ثلاثة يركـض فيها البطــل وهو يلهــث ويحمـل خنجراً .. نصف مشــاهد الفيلم عاريــة تقريبــاً .. سيارة تنفجــر .. أغنيــة رديئة غير مفهــومة الكلمـات والمعــاني" – على حد تعبيره.

 

"رتابة .. ملل .. تكرار"

 

ووصف أبو الفتوح السينما المصرية بالرتابة والملل لتكرار المواقف في كل فيلم حتى أصبحت نسخا مكررة فقال: "كل هذا أصبح شبه طبيعي وشبه مألـوف، ميـزة هؤلاء القوم أنهم يقدمون كل هذا الهراء بشكــل شديد المــلل والغباء، ممـا يجعل مُعظم الجمهــور يعزف عن مشــاهدة هذه النوعية من الأفلام، رغم أنها تحاصرنا في كل مكــان، وعــادة لا يشـاهدها الا أخــف النــاس عقلاً".

 

وتساءل أبو الفتوح، مبينا: "مؤخراً، بدأ المنحنى يتخــذ طابعاً مريبـاً جداً أكثر خطــورة بكثيــر .. بشكــل يجبــرك على إعادة التفكيــر مرة أخرى: هل ما يحدث طبيعي فعلاً ؟ .. هل هذا نتــاج حركــة السوق الفني والذوق المجتمعي الهــابط والتراجع المُزري في صناعة السينما العربية ؟..أم أن هنــاك منهجيــة وخطــة مدروســة لهــا غاية وأهداف ووسائل ، يتم التأثيــر من خلالها على الجمهــور العربي ، واعادة تشكيــل وعيــه من جديد ؟"

 

اختفاء الرقابة

 

وعرض أبو الفتوح لعدد من الجوانب التي قد تكون سببا في زيادة الإقبال على مشاهدة هذه الأفلام، ومنها أن أغلبيــة سكــان الوطن العربي من الشبــاب والمراهقيــن، وعدد هائل من الشبـاب العربي يعاني البطـالة، وأعزب غير متــزوّج، ويعــاني مشــاكل الفقــر، كما أن التعليم مُتــواري بشكــل مُفجع، بالإضافة إلى حركة الرقــابة غيــر الموجودة نهائيـاً على المستــوى المجتمعي، وشبه غائبة على المستــوى الأســري – على حد ذكر الكاتب.

 

"دور الإغراء"

 

ومن جانبه طالب وليد سيف، الناقد الفني في تصريحات صحفية بأن "يسمي الناس الأشياء بمسمياتها؛ فبطلة فيلم "حلاوة روح" هي (هيفاء وهبي) اشتهرت كمطربة لها صورة ذهنية كأنثى جميلة، والسينما لن تكف عن تقديم أدوار الإغراء، ولن تكف أيضا عن التعامل مع جمال المرأة كأحد وسائل الجذب لها".

"أما عدم الإشارة إلى اقتباس فكرة وبعض مشاهد (حلاوة روح) عن الفيلم الإيطالي (مالينا) فهو "خطأ بكل المقاييس"، بحسب سيف، الذي رأى أنه "لم يعد هناك مؤلف يقتبس ويعترف بذلك في أعماله".

 

"أحداث مهلهلة"

 

ووصفت الناقدة الفنية، ماجدة خير الله، الفيلم بـ"المتواضع فنيا بدرجة كبيرة". وقالت خير الله، في تصريح لوكالة الأناضول: "الفيلم فشل تماما في تمصير الفيلم الإيطالي (مالينا) وإيجاد صيغة فنية تجعله مقبولا للمنطق المصري والعربي؛ وجاءت أحداثه مهلهلة إلى حد أفقدها المنطق.

 

وأضافت خير الله أنه من الصعب جدا تصديق أبطال الفيلم في الأدوار التي جسدوها؛ لأن التركيبة الفنية للشخصيات لم تكن مبنية بشكل سليم على الإطلاق. باختصار شديد الفيلم يفتقد للمنطق والفن والإبداع".

 

أفلام تروجع للرذيلة

 

ومن جانبه أكد محمد ناجح، الطببيب النفسي في تصريحات صحفية، أن هناك الكثير من الأفلام قد شجعت على شرب السجائر وروجت على تعاطي المخدرات كفيلم الكيف وغيره.

 

موضحا أن الأفلام الحالية تروج على الإثارات الجنسية وأنه لا يوجد فيلم بالعالم في أي دولة متحضرة ترضى أن يُعرض فيها فيلم يعرض صورة بذيئة بهذا الشكل على أنه لا يوجد دين سماوي يرتضي به على الإطلاق.

 

قيم سلبية

 

وقال الدكتور محمد وهدان أستاذ رئيس قسم الإعلام بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر في تصريحات صحفية لموقع الأمة: "أنا أربىء من هذه الأفلام، فهذا الفيلم يحمل قيما سلبية، ومن المفروض استخدام جميع الوسائل الإعلامية للارتقاء بالمجتمع وليس للعكس".

وتساءل مستنكرا: "لا أدري لماذا تصر السينما على تقديم النماذج الشاذة الموجودة في حياتنا لأنه كان من الأفضل بأن تقدم نماذج طيبة أن يقتدي بها المجتمع وخصوصا أننا نعلم أن الدال على الخير كفاعله" .

وطالب وهدان من كل وسائل الإعلام المرئية والسمعية أن يكون قدوتهم هو نبي الله سليمان الذي تأكد من الخبر المؤكد الذي فيه مصلحة الإنسان والأمة كلها كما تدعوا كل الاديان السماوية أن يعيش المجتمع في أمن وأمان.

 

علامات استفهــام

 

ويعود أبو الفتوح ليقول: "كل هذه الأفلام موجهــة لمجتمعــات كـانت – ومازالت في أغلبيتها – تستمــد أخلاقياتها ومبادئها من الدين والعادات والتقاليــد الرفيعـــة، وكل هذه الأفلام تخــاطب غرائــز التمــرد على الإطــار المجتمعي والأخلاقي والعقــائدي والفكــري والدينــي".

 

وأردف، مثل هذه الأفلام "تظهــر فعلاً في فتــرة سيــادة الفــوضى في أغلب المجتمعــات العربيــة، ووسط أزمـات طائفيــة وأخلاقيــة، وبــؤر توتــّر مستمــرة على المستوى الاجتماعي والنفســي والإنســاني في الوسط العــربي؛ فتصــب مزيداً من الزيت المغلــي على النار المشتعلة"– على حد ذكره.

 

واختتم كلامه قائلا: هذا الأمر "يجعل السـؤال المنطقي يتبـادر في الذهن هل فعـلاً الأمر نتــاج حركة عبثيــة في الإنتاج السينمـائي العربي الذي يركـز على المحتوى الفني الهابط لجذب الإيــرادات؟

أم أن المــوضوع بالفعل يحمـل بين طيّــاته مؤامــرة مــا تدفع المنطقة إلى المزيد من الانهيار، باعتبارها تضــرب المجتمــعات العربية في مقتلــها؟

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023