شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وصفي أبوزيد: شيوخ الانقلاب مذعورون من مواجهة الناس

وصفي أبوزيد: شيوخ الانقلاب مذعورون من مواجهة الناس
أثارت تصريحاته عن كواليس في الندوة الفقهية السنوية التي تقيمها وزارة الأوقاف والشئون الدينية بسلطنة...

أثارت تصريحاته عن كواليس في الندوة الفقهية السنوية التي تقيمها وزارة الأوقاف والشئون الدينية بسلطنة عمان، جدلاً موسعًا، والتي رصد فيها تحاشي مفتي العسكر علي جمعة مواجهة الناس بالمؤتمر.. عن كواليس المؤتمر ورؤيته للأوضاع الراهنة التقينا د. وصفي عاشور أبو زيد المختص في مقاصد الشريعة الإسلامية، وعضو عدد من المؤسسات العلمية العالمية وكان حوارنا معه، فإلى نص الحوار:

 

 كيف جاءت مشاركتك في الندوة الفقهية السنوية التي تقيمها وزارة الأوقاف والشئون الدينية بسلطنة عمان، وماذا عن بحثك الذي تقدمت به (القوة في السياسة الشرعية: عناصرها. ضوابطها. مقاصدها)؟

 

تتميز الندوة السنوية لتطور العلوم الفقهية التي تقيمها سلطنة عمان بأنها أضحت مجمعا كبيرا لعلماء الأمة وباحثي العلوم الشرعية، وقد ظلت مستمرة للسنة الثالثة عشرة، وستظل إن شاء الله، وهي مدعومة من السلطان قابوس مباشرة حتى غدت معلما من معالم الفقه الإسلامي المعاصر، لمناقشة قضاياه، وتنقيح أفكاره، وتناول مشكلات الأمة المعاصرة، بما يعكس أصالة التراث والانفتاح على الواقع.

وقد دُعيتُ للندوة هذا العام في دورتها الثالثة عشرة التي جاءت بعنوان: "الفقه الإسلامي .. المشترك الإنساني والمصالح"، لتبيين المشتركات الإنسانية في الفقه الإسلامي في نواح عديدة.

وكان البحث الذي كُلفت بإعداده تحت عنوان: "القوة عناصرها وضوابطها في السياسة الشرعية". ثم بدا لي بعد كتابته أن أسميه بالاسم الذي تفضلت به.

وقد تحدثت فيه عن تعريف القوة لغة واصطلاحا، وتعريف السياسة الشرعية، وعلاقة القوة بالسياسة الشرعية من خلال بيان وظائف الحاكم العشرة التي تتطلب جميعا استخدام القوة .. كما يجب التنبيه على أن القوة لا تعني التعسف والظلم والقسوة.

وبينت مجالاتها وعناصرها بحسب الزاوية التي ينظر إليها منها، أولا: فهي بالنظر إلى الفردية والجماعية، تنقسم إلى: قوة الفرد وقوة الأمة. ثانيا: وهي بالنظر إلى مجالاتها تنقسم إلى: قوة العقيدة – قوة الخلق – قوة العلم – قوة الاقتصاد – قوة التماسك الاجتماعي – قوة الجهاد . ثالثا: وهي بالنظر إلى الداخل والخارج تنقسم إلى: قوة داخلية وقوة خارجية.

كما بينت ضوابط استخدام هذه القوة حتى تؤتي ثمارها وتحقق غاياتها، فمن ضوابط استخدام القوة في السياسة الشرعية أن تصدر عن الجهة المشروعة، وهذا يعني أن تلتزم المؤسسات الأمنية القيام بوظائفها من حماية الشعب وتوفير الأمن للمواطنين، وحين تنحرف المؤسسات الأمنية عن القيام بوظيفتها وتحقيق مقاصدها يلجأ الناس للعنف والتكفير والتشكيلات المسلحة، وهذا فيه خطر على المستويات جميعا.

ومن ضوابط استخدام القوة أيضا أن يكون استخدامها بحق لا بالباطل، وألا تتجاوز في استخدامها، وألا يترتب على استخدامها ضرر أكبر.

وذكرت أنه إذا انضبطت القوة بضوابطها حققت مقاصد عظيمة وأثمرت ثمارا رائعة، منها: حماية الدين وحفظ نظام الأمة، وتحقيق الريادة والقيادة للأمة، وأن تصبح الأمة رحيمة بالمؤمنين شديدة على المعتدين..

 

  من خلال شهادتك عن كواليس الندوة.. كيف ترى نظر العالم لقادة الانقلاب؟

شعوب العالم العربي والإسلامي – بعكس كثير من حكوماتها – ضد ما جرى في مصر، ومتضامنون إلى أبعد حد مع معارضي الانقلاب، ويرون ما حدث جرائم ضد الإنسانية غير مسبوقة في تاريخ مصر، ويتطلعون إلى أن يتخلص الشعب المصري من هؤلاء المجرمين الذين قتلوا العباد، وخربوا البلاد.

كما أن علماء العالم ودعاته يتابعون ما يجري في مصر من شيوخ الانقلاب الذين وفروا له الغطاء الشرعي للقتل والسفك والاغتصاب والانتهاكات الصارخة، من خلال تدليسهم على الناس، واستخدامهم الفاسد للأدلة الشرعية، وإنزالها على غير مناطاتها.

وينظر العلماء إلى هؤلاء الشيوخ على أنهم باعوا دينهم بدنيا غيرهم، وأن جريمتهم لا تقل عمن مارس القتل والجرح والاعتقال وانتهاك الحرمات، فدرجتهم في تحمل الإثم تساوي من قام بهذه الجرائم إن لم تكن أشد منهم.

 

 هل يخشى الانقلابيون من مواجهة الناس في الخارج، ولماذا كل هذا الخوف؟

أؤكد لك أن شيوخ الانقلاب والمنقلبين مذعورون من مواجهة الناس، ولا يجرؤ أحد منهم أن يواجه الجماهير كفاحا، ولا أن يحضر ندوة أو يلقي محاضرة أو يخطب جمعة بدون حراسة مشددة؛ لأنهم يعلمون جرمهم ومخازيهم التي ارتكبوها في حق الشعب: إعانةً على القتل، وتوفيرا للغطاء الشرعي، وتحريضا على السفك وانتهاك الحرمات، والدعوة إلى إبادة معارضي الانقلاب وتطبيق حد الحرابة عليهم!!.

وكلُّ إنسان مأخوذ بذنبه وجرمه، وسيظلون محاصرين في الدنيا بجرائمهم ومخازيهم التي ارتكبوها في حق الله ورسوله المؤمنين، وفي الآخرة ينتظرهم موقف عصيب؛ حيث سيقفون أمام الله عرايا، والفضائح ستكون علنية، يومئذ يعرضون لا تخفى منهم خافية، وتشهد عليهم أيديهم وألسنتهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون.

 

 كيف ترى وصف علي جمعة لك بـ"تلميذ القرضاوي"؟

ما حكيته عن مفتي العسكر وشيخهم الذي علمهم القتل وأباح لهم هذه الجرائم ووفر لهم غطاءها الشرعي لم يكن عن استقباله كما زعم هو، فأنا لم أشهد الاستقبال ولا الطائرة الخاصة التي احتمى بها بعيدا عن مخالطة الناس، وإنما حكيت ما شاهدته بعيني مما جرى له من تحاشي الناس له وعدم مصافحتهم له، وإذا جلس في المطعم جلس ووجَّه وجْهه شطر الحائط وظهره للناس، فلما أعلنت عن هذا وغيره مما جرى للمفتي الحالي ومستشاره الأكاديمي الذي أراد أن يشرعن لوجود السيسي من خلال حديثه وشرعنته لإمامة المتغلب، ردَّ عليَّ برد لا علاقة له بما قلت، وإنما أدخل الخطوط في بعضها، وراح يرغي ويزبد ويبدئ ويعيد في أمور لا علاقة لها بما جرى.

فتحدث عن استقباله وأنا لم أتحدث عن الاستقبال، وتحدث عن أن الإخوان يحاولون إفساد العلاقة بين البلدين ولن ينجحوا، وأنا لم أتعرض لا للإخوان ولا لعلاقة بين البلدين العزيزين، وتحدث عن أن "تلميذ القرضاوي" كاذب .. وقد أراد بهذا أن يرسل رسالة لـ "شعبه" و"شعب المؤيدين للانقلاب" بأن هذا تلميذ القرضاوي، والقرضاوي متهم بالخيانة العظمى ويقف ضد الجيش الذي يحمي البلد، وخائن لوطنه، فأراد أن يقول: إن ما ينطبق على القرضاوي ينطبق على تلميذه، ومن ثم لن يقول إلا كذبا، ولن يكون إلا خائنا لوطنه!!

وأنا – كما قلت من قبل على قناة رابعة الفضائية – أتشرف بأنني أحد تلاميذ الإمام القرضاوي الذين يعدون بالملايين في أنحاء العالم، يحملون علمه، ويتبنون منهجه في الدعوة والعلم والحركة، ويرفعون شعار الوسطية التي عمقها ونشرها، ومع هذا كله قلت: إن القرضاوي بشر، ليس معصوما، يصيب ويخطئ، ويؤخذ من كلامه ويرد عليه، وقد تعلمنا منه أن نخالفه مع رعاية الأدب وبيان السبب؛ لأنه – كما أكد لنا أكثر من مرة – لا يريد تلاميذه نسخا منه، وإنما لهم الحرية في الوفاق أو الخلاف ما دام هذا كله مبنيا على الدليل القاطع والبرهان الساطع.

وأود أن أذكر هنا أن كثيرا ممن يسمون أنفسهم "تلاميذ علي جمعة" يبدو أنه سلطهم عليَّ بالرسائل الخارجة والشتائم القبيحة التي لا تصدر عمن شم رائحة العلم والأدب، كما طال شيخنا القرضاوي من هذا نصيبٌ كبير.

 

 كيف ترى دور شيوخ الانقلاب في الوضع الحالي؟

دائما وأبدا عبر تاريخنا نجد الحكام المجرمين المفسدين يحتمون وراء الفتاوى الشرعية، ويوفرون لأنفسهم هذا الغطاء .. وللأسف الشديد بليت أمتنا بوجود من عندهم استعداد لأن يقوموا بهذا الدور ممن ينتسبون للعلم ويحسبهم الناس علماء، وقد قام هؤلاء بمحاضرات دينية للجيش والشرطة – كما أظهرت التسريبات فيما بعد – وحرضوهم غاية التحريض على قتل أبناء الشعب وسحلهم واغتصابهم، وصوروا لهم أن هؤلاء إرهابيون وخطر على المجتمع، وقتلهم واجب، وطوبى لمن قتلهم وقتلوه!!.

وممن قام بهذا مفتي العسكر والدم علي جمعة، وعمرو خالد، وسالم عبد الجليل، وإن اعتذر الأخيران عما قالاه لكنه لا يعفيهم من المسئولية أمام الله عن هذه الدماء، وشيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب الذي حضر وبارك مشهد الانقلاب بحجج واهية، والكنيسة مع الأزهر في هذا سواء.

ولحق بالركب بعد ذلك: أحمد كريمة، وأحمد عمر هاشم، وسعد الدين الهلالي، وغيرهم من دعاة العار والضلال، ونكرات العلم والدعوة، الذين قالوا ما لم يقله أسلافهم من علماء السلطة وعملاء الشرطة حتى خلعوا وصف الرسالة والنبوة على المجرمين والمنقلبين، وكادوا يؤلهونهم ويعطونهم صفة القداسة.

ولولا هذا الغطاء لما كان القتل بهذا الشكل، وما كان السفك بهذه الدرجة، ولهذا أقول بكل اطمئنان: إن مسئولية هؤلاء الأدعياء للعلم الشرعي الحقيقي لا تقل عمن قام بالقتل والجرح والاضطهاد، وسوف يكونون معهم في مقام واحد أمام الله، ولا أستطيع أن أقول: "إلا أن يتوبوا" حيث كيف يتوبون من هذه الدماء، وهذه الحقوق، التي إن تسامح الله فيها فلن يتسامح العباد؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

 ما هو دور العلماء في مناهضة الانقلاب؟

مع كل هذا التدليس الذي رأيناه من هؤلاء العلماء الذين خانوا رسالتهم وتنكبوا لمهمتهم، لم تخلُ الأرض من قائم لله بحجة، فرأينا علماء قاموا بواجبهم وأدوا رسالتهم، وعلى رأسهم شيخنا الإمام يوسف القرضاوي الذي فضح كلامهم، وبين فساد رأيهم، وناقشهم بأدلة قوية تهاوت أمامها دعاواهم، وأوضح للأمة تدليسهم وكذبهم على الله ورسوله.

ومنهم أيضا: أساتذتنا وعلماؤنا: أ.د.صلاح الدين سلطان، ود.صفوت حجازي، وا.د.جمال عبد الستار، وا.د. عبد الرحمن البر، والأخ الشيخ عصام تليمة، ود. محمد الصغير، ود. محمد عبد المقصود، الذين بينوا الوجه الحقيقي للعلماء، والوظيفة الأساسية للعالم والداعية.

ولا شك أن هؤلاء – وغيرهم ممن نست ذكرهم – هم علماء الأمة الذين تلتف حولهم الشعوب: تنتظر كلمتهم، وتأخذ بآرائهم، ويثقون في علمهم، ويستفتونهم فيما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.

وهؤلاء لهم دور فعال وخطير في مقاومة الانقلاب؛ إذ الاستفتاءات تتضاعف يوما بعد يوم، والأسئلة تتكاثر نشاطا بعد نشاط، ويحتاج النشاط الثوري لمن يغذيه شرعا وفكرا وحركا، حتى لا يضل الطريق، ولا ينحرف عن مقتضيات النصوص الشرعية التي تراعي حق الله، وتحقق مصالح الناس في العيش الكريم، ومقارعة الظالمين والجبابرة، وتكشف زيف علماء السوء الذين يدورون مع السلطان ولا يدورون مع القرآن.

 

 كيف ترى الشارع المصري، وماذا يضيف تولي السيسي رئاسة الجمهورية؟

الشعب المصري يسطر الآن أروع صور البطولات، ويكتب أنقى الصفحات البيضاء ؛ حيث لم يلجأ للعنف ولا حمل السلاح بعد كل ما جرى، ولو حمل السلاح لكان معذورا، وإنني من خلال بوابتكم المميزة: أدعو الشعب المصري أن يوفر لنفسه الحماية من القتل والاعتداء، وألا يترك نفسه فريسة للمجرمين، ولا يبدأ أحدا بعدوان، وله – شرعا – حقُّ الدفاع عن نفسه ورد العدوان.

أما عن الترشيح والترشح القادم لرئاسة مصر فإنني أراه باطلا؛ لأنه نتيجة انقلاب دموي باطل مجرم، ولا تزال البيعة معقودة من الشعب للرئيس المخططف محمد مرسي، لا تحل ولا تنقض إلا بانتخاب طبيعي وفي ظروف طبيعية، وليقل من شاء ما شاء!. ومن يصبح رئيسا لمصر في هذه الظروف وبعد ما جرى، يكون مثل من يتزوج بامرأة متزوجة، فهو من باب الزنا السياسي إن صح التعبير.

وإنني في نهاية هذا الحوار: أطالب الشعب المصري أن يتكاتف، ويتضامن ويتحد في وجه هذا الانقلاب الدموي الذي خرب البلاد وقتل العباد، وسيزداد التخريب والقتل والاعتقال، وسيتم تجريف المجتمع بما يؤخر مصر أكثر من هذا عن مكانها الذي تستحقه، ومكانتها التي يجب أن تتبوأها، ولسوف يشفي الله صدورنا بفتحه ونصره ما رابطنا معا، واتحدنا معا، وواجهناهم صفا واحدا كالبنيان المرصوص بكل وعي وحكمة وإخلاص، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023