أثار اتجاه حكومة الانقلاب مرة أخري لرفع أسعار الكهرباء غضبا واسعا بين المواطنين الذين يرون أن استجابة الحكومة لرفع الدعم وزيادة الأسعار أسرع من استجابتها لأي مطالب حقوقية للعمال والموظفين الذين بحت أصواتهم من المناداة بأبسط المطالب بل بالمطالب التي أقرتها حكومة الانقلاب نفسها ولكنها لم تشرع في تنفيذها وهي تطبيق الحد الأدنى للأجور.
فهل يكون اتجاه حكومة الانقلاب لرفع أسعار الكهرباء والغاز هي بداية لرفع الدعم أو خفضه بشكل كبير بحجة استهلاكه مبالغ ضخمة في الموازنة العامة للدولة؟ وما هي آراء الخبراء وأصحاب المصانع في القرار المذكور؟.
رفع أسعار الكهرباء نهاية مايو
قال أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى، بحكومة الانقلاب إن الحكومة تعتزم رفع أسعار الكهرباء علي المواطنين، قبل انتخابات الرئاسة فى نهاية مايو، لأن البلاد "ليس لديها وقت تضيعه" فى بدء الإصلاحات، لافتا إلى أن قرار رفع أسعار البنزين سيتخذ "قريبا جدا"، لكنه امتنع عن ذكر تفصيلات أخرى.
وامتنع العربى في تصريحاته لرويترز منتصف ابريل الجاري عن تحديد حجم ارتفاع سعر الكهرباء قائلا إن هذه المسألة مازالت قيد البحث، وشدد أيضا على أن زيادات الأسعار ستكون تدريجية وقد يستغرق تنفيذها بشكل كامل ما بين ثلاثة وخمسة أعوام.
وكشفت مصادر مطلعة إن الحكومة ستبدأ الشهر المقبل تطبيق قرار رئيس الوزراء حكومة الانقلاب إبراهيم محلب بزيادة أسعار الغاز والكهرباء على فواتير الاستهلاك، معلنة عن وجود اتجاه لاستخدام بدائل للطاقة جارٍ دراستها لاختيار أفضلها.
وقال مصدر مسؤول بوزارة البترول في تصريحات صحفية إن زيادة سعر الغاز للمنازل تأتى ضمن خطة لترشيد استهلاك المواد البترولية، وخفض الدعم الذى بلغ فى ميزانية العام الماضى نحو 128 مليار جنيه، وسط توقعات بأن يصل فى نهاية العام المالى الجارى إلى نحو 140 مليارا.
سيناريوهات لخفض الدعم
وأوضح المصدر في تصريحاته لإحدى الصحف أن الوزارة لديها عدة سيناريوهات لخفض الدعم، تتضمن زيادة سعر الغاز للمنازل مع تحديدها بشرائح مراعاة لمحدودى الدخل، خاصة أن أغلب المنازل تقع ضمن الشريحة الأولى التى يتراوح استهلاكها شهريا بين 25 و50 مترا مكعبا، لتكون المحاسبة وفقا للأسعار الجديدة، وهى 40 قرشا حتى 25 مترا مكعبا، ثم 100 قرش حتى 50 مترا مكعبا، وما يزيد على ذلك 150 قرشا للمتر المكعب.
كما تتضمن زيادة سعر بنزين 80 مع تحسين كفاءته، ليصبح بنزين 85، ورفع سعره من 85 قرشا إلى 185 قرشا، ورفع سعر بنزين 92 من 185 إلى 285 قرشا، وذلك لأن زيادة سعر بنزين 92 فقط ستؤدى إلى خلل كبير وزيادة فى الطلب على بنزين 80، وربما تظهر سوق سوداء لبيعه، كما أنه من بين المقترحات زيادة سعر السولار من 110 قروش إلى 200 قرش، فى محاولة لتخفيف الضغط عليه، خاصة أنه يستحوذ على أكثر من 50% من مخصصات الدعم سنويا، وبقيمة تتجاوز 60 مليار جنيه سنويا مؤكدا أن تطبيق الزيادات المقترحة من عدمه فى يد مجلس الوزراء.
تثبيت الأسعار لمحدودى الدخل
وفي تصريح له بالأمس أكد إبراهيم محلب، رئيس حكومة الانقلاب أن هيكلة دعم الطاقة ستبدأ من الموازنة المالية الجديدة مطلع فى يوليو المقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة محدودى الدخل.
وأوضح ـ فى تصريحات لصحيفة الأهرام ـ أن إجراءات إعادة هيكلة دعم الطاقة لا تتضمن المساس بأسعار أسطوانة البوتاجاز أو استهلاك الكهرباء للشرائح الدنيا والمتوسطة، وأشار إلى أن الحكومة لم تحسم بعد مسألة أسعار البنزين وأفضل السبل لهيكلتها، قائلا إن الموازنة الجديدة سوف توجه اهتماما كبيرا للبعد الاجتماعي، وستحرص على الانتهاء من المشروعات غير المستكملة.
"آسف يا ريس": المجد لـ"مبارك"
فيما قالت صفحة "أنا آسف يا ريس"،التي ظهرت بعد ثورة يناير من مجموعة من مؤيدي المخلوع مبارك بعد قرار محلب برفع الدعم عن الغاز الطبيعي، إن المخلوع ، له كل المجد، علي حد تعبيرهم لأنه لم يرفع الدعم يومًا ما عن أي مواطن.
إلغاء الدعم
في مارس الماضي حذر خبراء اقتصاديون ومختصون من اتجاه حكومة الانقلاب لإصدار قرار، خلال الأيام القادمة، بزيادة أسعار الكهرباء على الشرائح من الثالثة للسادسة، والذي يمثل ضربة وضغطا مضاعفا ومزدوجا على الأسرة المصرية؛ لأنه يمس غالبية الشعب المصري والبسطاء، معتبرين ذلك تطبيقًا عمليا لما أعلنته سلطة الانقلاب وقائده من سياسة ممنهجة لإلغاء الدعم، وبيع جميع السلع والخدمات بأسعارها الحقيقة والعالمية، مما يكشف أنه نظام رأسمالي لا يعبأ بالفقراء.
إجرام سياسي
وصف خالد علي، المحامي والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية لعام 2012 ما تردد عن موقف حكومة إبراهيم محلب من الدعم والاتجاه نحو رفع أسعار الكهرباء والغاز والسولار والبنزين بـ"الإجرام السياسي" ضد الفقراء، حسب قوله.
وقال علي عبر حسابه على موقع تويتر، اليوم الثلاثاء، إنه ''لو صدقت الخطط التي كشفت عنها الصحف بشأن الدعم ورفع أسعار الكهرباء والغاز والسولار والبنزين فنحن أمام إجرام سياسي يمارس ضد الفقراء.''
التيار الشعبي يحذر
من جانبه طالب التيار الشعبي حكومة الانقلاب بإلغاء قرار رفع أسعار الغاز الطبيعي التي تعتزم الحكومة تطبيقه أول مايو المقبل.
وحذر التيار الشعبي – في بيان له – من عواقب تطبيق هذا القرار، معربـًا عن مخاوفه من أن يكون بداية سلسلة من قرارات مثيلة لإلغاء المزيد من دعم الفقراء كالسلع التموينية وإسكان محدودي الدخل.
وأضاف، البيان أن مثل هذا الإجراء يمثل رفعا للدعم عن سلعة حيوية لا يستغني عنها المصريون في حياتهم اليومية في ظل غياب شبه كامل للرقابة علي الأسواق، وهو ما أدى وسيؤدي إلى مزيد من موجات متتالية من التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات لم تقابله أي زيادة حقيقية في دخول البسطاء .
ووصف التيار الشعبي هذا القرار بأنه يفتقر إلى أبسط قواعد العدالة التي كانت تقتضي أن تنظر الحكومة في التعامل مع هذا الأمر نظرة أكثر شمولا وموضوعية فتعيد النظر في الأسلوب غير الصحيح علميا لاحتساب دعم الطاقة الذي بدأ في عهد المخلوع على يدي وزير ماليته يوسف بطرس غالي في 2006 وهو ما يزيد قيمة دعم الطاقة -ورقيا فقط- بما لا يقل عن 60 مليار جنيه في موازنة 2013-2014.
قرار صادم
بدورها أكدت الجمعية الوطنية للتغيير أنها تلقت بمزيج من الصدمة والغضب القرارات الأخيرة للحكومة بزيادة أسعار الغاز المنزلي والكهرباء والمياه.
ورفضت الجمعية – في بيان لها – هذه القرارات، مطالبة الحكومة بالتراجع عنها فورًا لأن تلك الزيادات تضع أعباء إضافية على كاهل المواطنين الذين دفعوا بالفعل ثمنا غاليا، وعانوا بلا حدود على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأشارت إلى أن مثل هذه القرارات الخطيرة، سيكون لها آثار كارثية على الحياة اليومية للمواطنين، تم اتخاذها في غياب الشعب وممثليه وقواه السياسية الحية، في الوقت الذي تتجاهل فيه الحكومة مطالب الجمعية وغيرها من القوى والأحزاب السياسية بضرورة تطبيق الحد الأقصى للدخول وزيادة الضرائب على الاغنياء واسترداد أراضي الدولة من لصوص دولة مبارك، وكذلك استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج ، وأموال الصناديق الخاصة، فضلا عن تبني خطة تقشف حكومية صارمة.
الغضب الشعبي قادم
من جانبه أعرب محمود العسقلانى، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، عن قلقه من تأثير هذا القرار على المواطنين، قائلاً: «انتظروا غضب الشعب قريباً على الحكومة، فصمتُ المواطنين على قرارات الحكومة مؤقت ولا داعى لاستفزازهم أكثر من ذلك»، حسب قوله.
وتوقع العسقلانى، فى تصريحات صحفية اليوم ارتفاع أسعار السلع بالأسواق، وعلى رأسها اللحوم والسجائر وغيرها من السلع الأساسية الأخرى، بعد إعلان الحكومة نيتها رفع أسعار الطاقة بنسب عالية تصل إلى 40%، لافتاً إلى أن الدولة لن تستطيع خلال الفترة المقبلة السيطرة على الأسواق، لأنها فتحت الباب أمام جميع التجار لرفع الأسعار، وإذا أرادت الحكومة رفع سعر الكهرباء فعليها رفعه على الأغنياء فقط، مع العلم أن (شركة أسمنت قنا) تحصل على سعر الكيلووات كهرباء بـ34 قرشاً و6 مليمات، بينما يحصل المواطن الفقير على كيلووات الكهرباء بـ48 قرشاً.
وأشار العسقلانى إلى أن الإصلاح الاقتصادى أمر مهم ولكنه مشروط بمراعاة البعد الاجتماعي وعدم المساس بمحدودى الدخل والفقراء مؤكدا علي أن ما يحدث الآن سيرهق الفقراء ومحدودى الدخل وسيزيد من أعبائهم الاقتصادية، خاصة فى ظل الوضع الاقتصادى الصعب الذى تعيشه البلاد، فهذا الوضع يعكس دعم الحكومة للأغنياء وليس للفقراء، حيث تلتهم المصانع كثيفة استهلاك الطاقة ما يقرب من ثلث الدعم المخصص للطاقة الكهربائية فى مصر، والذى يبلغ 170 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، وبالتالى يجب رفع الدعم عن هؤلاء لدعم الفقراء.
فإلي متي تستمر حكومات الانقلاب في الغفلة عن مطالب المواطنين البسطاء والشريحة الأغلب من الشعب لتحقيق ما تراه مناسبا من وجهة نظرها ولماذا تغفل عن أمور أهم كتحصيل الضرائب من الشركات الكبري والتي تصل لمليارات الدولارات وتسارع لتحصيل النقود من البسطاء والفقراء؟.