صحوة الضمير….الاستفاقة….العودة إلى الثورة….إدراك أنكم وقعتم في الفخ الذي نصبه لكم النظام القديم ثرتم ضده ثم عدتم فارتميتم في أحضانه وطلبتم مساعدته في تقويض أول ثمرة من ثمار ثورتكم، وكانت هي المكسب الوحيد الذي تحقق لكم على الأرض خروج العسكر من الحكم ….وانتخاب أول رئيس مدني (بكل أخطائه وعيوبه ومشاكله ومزاياه وإخلاصه وشرفه ونزاهته وطهارة يده وسلامة مقصده) يكفيه ميزة واحدة أنه كان منتخب بإرادة شعبية حقيقية واعية.
لقد ضحيتم بهذا المكسب الوحيد …ووضعتم أيديكم في أيدي رموز الفساد والبطش والقهر ….وتصورتم أنكم انتصرتم…الآن تعودون لتعترفون بسوء التقدير وتسمونها خيبة ثقيلة ….وتعتذرون..آسفة …من حق أمهات الشهداء ألا تقبل اعتذاركم….ومن حق المعتقلين وضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات أن يبصقوا في وجوهكم….من حق مصر أن تدير ظهرها لكم…
التوبة ليست نصوحة يا سيدي ما لم تعلنوا أنكم أجرمتم وليس فقط أخطأتم …الجريمة الآن هي أنكم حتى وأنتم تعترفون بخطأكم مصرين أن تفتتحوا المقال بالإهانة والتجريح لهؤلاء الذين ذبحوا ذبحا في وضح النهار، ولم تكن دماءهم التي سالت أمام أعينكم كافية لتوقظ هذا الضمير أو تفيق هذه الغفلة…أنتم لم تستيقظوا إلا بعد أن بدأت النار تقترب منكم ولهيبها بدأ يمسكم ويمسك بأطراف ثيابكم.
أنتم فقط عرفتم الآن أن تفريطكم وتحجر عقولكم وقسوة قلوبكم يوم وقفتم تشاهدون "الثور الأبيض" وهم… يقتلونه ويسلخونه ويحرقونه .. ولم ينطق أحد منكم لا قبلها ولا بعدها لم نسمع ردا على تهديدات فض اعتصام رابعة والنهضة ..يحذر من سفك الدماء .
لم نسمع صحوة ضمير صبيحة مذبحة الحرس .تقول .".أن من قتلوا أثناء صلاة الفجر هم شهداء …وأن الثوار "الأبطال"- رغم اختلافهم السياسي الجذري مع الأخوان- واعتراضاتهم على أسلوب إدارتهم للحكم- لا ينكرون دورهم كشريك في الثورة …ولا يقبلون ضربهم واعتقال قياداتهم وقتلهم في الشوارع…ولا يقبلون عودة الجيش لمساحة السياسة ويطالبون القوات المسلحة بالبقاء بعيدا ….تمسكا ب"مدنية" الدولة التي خرجنا جميعا من أجلها في 25 يناير .
وان الأخوان فصيل وطني له تاريخه المشرف ..وله دوره الذي لا ننكره في ثورة يناير ..ومن المستحيل علينا تصديق أنهم تحولوا بين يوم وليلة إلى إرهابيين"..ذلك البيان الشريف لم نسمعه من أحدكم……تلك هي أخلاق الميدان التي انتصرتم بها في التحرير…والتي جعلت المجلس العسكري يضرب لشهدائكم تعظيم سلام …واضطرته أن ينزل عن الحكم …وراهن على قدرته على الوقيعة بينكم وإشعال الغيرة ….وتفتيت الصف …وللأسف الشديد كسب الرهان.
ما أقصده أن الاعتذار الذي يخلو من إدانة حقيقية للقتل وتحية تقدير وإجلال لمن ضحوا وأظهروا أسمى وأعز صور البطولة والثبات والصمود والاستبسال ولم يسلموا الراية …ولازالوا يرفعون شعار مكملين الاعتذار دون تقبيل رؤوس هؤلاء …وإبداء الندم الحقيقي على اتهامهم والهجوم عليهم وعلى غيرهم ممن ليسوا من الأخوان ولكنهم رفضوا أن تسرق أصواتهم وتسلب إرادتهم ….إعلان أنكم ضد إدانتهم ظلما بغير دليل …إعلانها بقوة أن وسائل الإعلام والجوقة من الإعلاميين ومن يسمون أنفسهم بالمثقفين والنخب….هذه الطغمة والأبواق التي حرضت على القتل…..وأفسدت أخلاق الشعب المصري فعلمته الشماتة وقتلت فيه النخوة وعودته على مشهد الرقص على جثث الأخوان…وليست فقط منعتكم من الكتابة وامتنعت عن نشر مقالاتكم…. سيكون لها حسابها يوما..
ليس هذا في نظري اعتذار ….بل هو محاولة للاحتفاظ بمكان في صفوف المنتصرين …لأنهم حتما بإذن الله سينتصروا.