شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ما المحير في أمر أوباما ؟ – البروفيسور أبو يعرب المرزوقي

ما المحير في أمر أوباما ؟ – البروفيسور أبو يعرب المرزوقي
فهو قد كذب في كل ما وعد به وخاصة في ما جاء في كلامه في مصر. لكن اكتمال كذبه هو سلوكه مع الشعب السوري وسكوته على...

فهو قد كذب في كل ما وعد به وخاصة في ما جاء في كلامه في مصر. لكن اكتمال كذبه هو سلوكه مع الشعب السوري وسكوته على تقتيل المسلمين في إفريقيا وآسيا في حين أن أي حادث مهما كان طفيفا يقتل فيه مسيحي يصبح لديه تعبيرا عن الإرهاب الاسلامي. يكفي المقارنة بين مواقفه مما يحدث في جنوب السودان بمواقفه من القتل الجماعي في وسط إفريقيا وفي بورما.

لذلك فإذا قيس فعله بالمسلمين بفعل بوش الصغير لكان هذا دون ذاك رجولة في التعبير الصريح عن العداء. إذن ما السر؟ لم أجد إلا فرضية واحدة -أقدمها آملا الا تكون صحيحة رغم كل المؤيدات الدالة على صحتها طالبا أن يتم التعامل معها بمنطق ماذا لو كان الأمر كما تصفه هذه الفرضية؟- فرضية عمل تطابق أمرين محيرين في أوباما وقد تمكنان من فهم سلوكه المنافي لوعوده الداخلية والخارجية دون أن يعني ذلك نفي ما للرجل من الكفاءة البارزة. فهذه الكفاءة مشروطة في تحقيقه للمطلوب من الدور الذي أنيط به أداؤه:

1-الأول هو أن يرضى الأمريكيون برئيس أسود لا يمكن أن يكون ناتجا عن تقدم خلقي لدى الشعب الأمريكي بمعنى تخلصه من العنصرية. فصعب أن أصدق مثل هذه النقلة الكيفية بهذه السرعة ودون تدرج يمكن أن يفهمنا حصولها. وإذن فهو قد اختير ليكون رهينة وتحت الاختبار الدائم : الرهينة التي عليها أن تثبت جدراتها لمن تفضلوا عليه بهذا المنصف وهم الميحطون به لأن أهم ما في فريقه منهم. فضلا عن تحييد ملوني أمريكا في سعيهم لاسترجاع كرامتهم وميلهم إلى الإسلام دينهم الأصلي قبل أن يجلبوا عبيدا إلى أمريكا.

2-الثانية -وهي الأخطر-فأن يكون أهم إشكال يطرح في الرأي العام الأمريكي هو التشكيك في مسيحيته يؤدي وظيفتين: الإغفال عن قضية اللون والدفع إلى التبرؤ مما يتهم به صراحة أعني الإسلام. فهذا يحقق غرضين: يبقيه تحت الابتزاز ويدفعه لإثبات عدم إسلامه بصورة دائمة وذلك بعمل كل ما يرضي من يريدون توظيفه في حربهم عليه.

فإذا جمعنا بين العنصرين وجدنا حسب رايي المتواضع مفتاح السر خاصة إذا وصلناهما بما بدأ يحدث في الجماعة الملونة في أمريكا قبل هذه العملية الذكية جدا ممن أرادوا أن يمنعوا الصراع بين ملونين مسلمين و بيضان مسيحيين: وأقصد بذكاء هذه العملية مناسبتها لما كان يراد لها من المحرك الخفي للقوى السياسية والدينية في المجتمع الأمريكي أعني اللوبيات المتحكمة في الاقتصاد والصناعات العسكرية وعلى راسها اللوبيات الصهيونية والمسيحية الصهيونية.

ذلك أن وجوده على رأس الولايات المتحدة يحقق هدفين كبيريين للمسيحية الصهيونية وللصهيونية. وليس في ذلك أدنى قول بالمؤامرة بل هو استراتيجية ذكية لحفظ مصالح من بيدهم مقاليد الأمور وهو ما يدل غيابه عند من لا يفهمون حاجة الأمم لمثل هذه الاستراتيحيات على عدم الجدارة والغباء: منع السود من الاقتراب من الإسلام ومحاربته بهم كما بدأ يحدث في إفريقيا استكمالا لخطة الفاتيكان وجماعات التبشير من كل المذاهب المسيحية وخاصة ما تصهين منها وهم الأنشط في بلاد العرب التي غزتها أمريكا أعني خاصة العراق ويلهيا الآن مصر وليبيا وسوريا واليمن والصومال وجنوب السودان ووسط إقريقيا.

والحصيلة هي أن وجود أوباما على رأس الولايات المتحدة أخر العلاج الجذري لقضية العنصرية ومكن اللوبيات الصهيونية والمسيحية الصهيونية من تسكين المجال الامريكي لحين حتى يتفرغوا لحربهم المقدسة على قلب دار الإسلام أعني الوطن العربي من خلال إعادته إلى حكم العملاء من أنظمة العسر والقبائل ونخبهمها ومن ثم إفشال ثورة الربيع العربي بوضع العرب تحت الوصاية الإسرائيلية الإيرانية.

وفي ذلك تتطابق مصالح روسيا وأمريكا وأوروبا وحتى الصين لأنها بذلك يمكن اعتمادا على هذين الشرطيين (إيران وإسرائيل) تقاسم ما يمكن أن يكون مدعاة للدخول في حرب عليه: الوطن العربي الذي هو قلب العالم بكل المعاني الجيواستراتيجية والطاقية وحتى من حيث الثروات الطبيعية لأن محاط بالبحار السخنة وفيه الممرات الواصلة بين العالمين الغربي والشرقي.

لذلك فلا فائدة من انتظار شيء من أمريكا وأوروبا في المسألة السورية والمصرية والليبية وحتى التونسية بل لا بد من إدراك أن ما يحدث ضد الربيع العربي حدث مثله ضد الثورة الفرنسية: فقد تحالفت كل ـأنظمة أوروبا من روسيا إلى انجلترا في جامعة مقدسة للإطاحة بها. لكنها في النهاية هي التي أطاحت بهم لأن قيمها هي التي أصبحت قيم الغرب كله: تحرير الإنسان بما هو إنسان وتمكينه من حقوقه التي تتعين فيها كرامته.

وإذا كان الحلف ضد الثورة الفرنسية قد تغلب عليها ماديا وانتصرت هي عليه قيميا فإن الذي سيحدث عندنا سيجمع بين النصرين المادي والقيمي لأن ما لدى الأمة لا يضاهيه ما كان لدى فرنسا من إمكانات مادية ورمزية فضلا عن الإمكانات البشرية الحائزة على الشروط الموضوعية لتحقيق النهوض المستنير.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023