كتب عبد الله الشامي صحفي الجزيرة المعتقل منذ فض اعتصام رابعة العدوية والمضرب عن الطعام منذ ما يزيد عن أربعة أشهر نشرتها زوجته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أكد فيها أنه ماض في طريقه لن يثني عزمه تلك الشائعات التي تبثها سلطات الانقلاب عن فكه للإضراب مؤكدا أنه مستمر في الإضراب حتى هذه اللحظة، وأضاف أن سلطات سجن العقرب تتفاوض معه دائما لفك إضرابه على عكس ما تردد السلطات بالخارج أنه فك إضرابه بالفعل.
كما أشار أنه يدفع ثمن نقله للحقيقة مؤكدا أن تلكم حق لكل صحفي أن ينقل الحقيقة مؤكدا أنه نجح في حربه مع سلطات الانقلاب.
جاء ذلك بعدما خرجت لجنة شكلتها سلطات الانقلاب تعلن أن عبد الله الشامي قد فك إضرابه وهو بخير ووجد بزنزانته أطعمة وعصائر وهو ما نفاه عبد الله الشامي مؤكدا تدهور صحته البدنية جراء استمراره في الإضراب
عبد الله الشامي يكتب من حبسه الانفرادي في سجن العقرب..
"أحتار فيما يمكن أن أكتبه في ذكرى ثلاثمائة يوم على تقييد حريتي، وانتزاعي من أهلي والعالم لأكون رهن جدران أربعة يتعاقب عليها الليل والنهار لا تكاد تميز فيها جيداً إلا نور الصباح أو عتمة الليل أو صوت الطيور والبشر والسيارات المنطلق وصوت الطائرات في السماء.
وحين أكتب هذا الخطاب على غفلة من السجان ولا أدري إن كان سيصل للعالم أم لا وفي زنزانة انفرادية قضيت فيها ما مضى من ثلاثة وعشرين يوماً بسجن العقرب، إذ أكتب هذا الكلام تتزاحم على طرف لساني وفي عقلي آلاف الخواطر.
أيام لا تعلم فيها إن كان أهلك -وقد رأيتهم في تلك الفترة مرة واحدة -بحال جيدة، أو ما إذا كان العالم لا زال كما عهدته وقصصه وأنت قد غدوت بلا مصدر للأخبار. تماماً. وفوق ذلك تجلس يومك كله وحيداً، لا تختلط بأحد ولا تخرج إلا لدقائق في آخر النهار وحدك، وهذا كله أمر واستمرارك ممتنعاً عن الطعام أمراً آخر، فيكون أصعب وأشد إذ أنت بلا ونيس ولا عمل.
وقد جربت ما هو أشد خلال آخر 8 أيام من مايو بالامتناع عن الماء أيضاً حتى فقدت الوعي لمدة لا أعلمها فأنا لا أستطيع حساب الوقت في هذا المكان. وبعدها عندما لفظ جسدي دماً "كنزيف" وسوائل لا أعلم ماهيتها، حينها جاءني طبيب قال إن جسدي ينذرني بأن الكلية قد تتوقف، ثم عدت مرة أخرى للماء وبدأت أشرب بعض العصير أحياناً. وفي هذه الأيام أيضاً يأتيني من الناس مأمور السجن ومفتش المباحث وغيرهم إما لحديث عن الإضراب أو لتفتيش ما بحثاً عن شيء مجهول ثلاث مرات في الأسبوع.
أنا صحفي، قرأت في سياسات الأنظمة كثيراً، أدرك أن السلطة التي تحتجزني الآن وتعزلني عن العالم كله قد تكون تفعل ذلك لتضغط على أهلي بإشاعات عن كسري للإضراب الذي أخوضه كمعركة حياتي، أو ليجعلوا الناس يصدقوا تلك الشائعات ويكسروني بخسارتي دعم الناس. لكنهم لا يدركون أنني قد اجتزت تلك المرحلة تماماً.
فأما عن المعركة فأنا قد انتصرت فيها منذ أن بدأت أجهزة تلك الدولة كلها تحارب إضرابي وأنا فرد واحد أعزل، وأما عن كسري فلم يكن لمن امتلك إرادة كإرادتي أن ينكسر أبداً، وأما عن الضغط على زوجتي وعائلتي فهم لا يعرفونهم كما أعرفهم أنا، ولا يعرفون أن الضغط يزيد أمثالناً إصراراً. وأما عن دعم الناس فمن صدقني وصدق قضيتي من البداية لن يخذلني الآن، ومن كذبني وكذب قضيتي أيضاً من البداية لن يصدق وإن رأى أهلي يتسلمون جسدي وقد صعدت منه الروح بعد إضراب استمر شهور.
أنا لا أدري كم بقي لي على قيد الحياة في تلك الدنيا، لكنني وإن مت الآن يكفيني ليريحني أنني مدرك أن المعركة ستستمر وأن الحرية ستنتصر يوماً، وأن هناك الملايين من الصحفيين في العالم سيتذكرون أن هناك شاباً قدم حياته لئلا تقيد حرية أحدهم أبداً. وليعلم كل صحفي في العالم، أن له الحق الكامل المطلق أن يغطي أي حدث كما يراه أمام عينه بكل شفافية ووضوح ويترك المشاهد أو القارئ وحده يحكم على ما يراه.
وليعلم كل إنسان أنه لا حق لأحد أن يقيد حريته دون ذنب أو جريمة. أنا قد أديت رسالتي. ونهاية كلامي وليس بعد خلاف أنني مستمر في معركتي، فإما أن أنال حريتي كاملة، أو أن أحدهم سيأتي بعد رحيلي عن الدنيا ليكمل ما بدأته أنا.
ومرة أخرى. الحرية وعد لمن يظل وفياً لها.
عبد الله الشامي -9:24 مساءًا – انفراديH3 سجن العقرب – 3 يونيو 2014"